لا تزال الحرب التي يشنّها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وحكومته وداعموه الأميركيون على الرئيس الأميركي باراك أوباما محتدمة، وذلك بسبب سماح الأخير بتمرير القرار 2334 الذي يدين المستوطنات في مجلس الأمن الدولي. بل تحوّلت هذه الحرب إلى حملة شرسة تبدو أنها هادفة لتحقيق هدفين: منع تكرار الخروج الأميركي والدولي عن "الممنوعات الإسرائيلية". وثانياً، لتكبير فاتورة الابتزاز وثمن "التعويض" المطلوب من إدارة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب المتلهفة للسخاء على نتنياهو وربما المزايدة عليه في إطلاق يده وبما يتجاوز التوسع في الاستيطان. فنتنياهو ومؤيدوه الأميركيون، رأوا في قرار مجلس الأمن فرصة للتوظيف الكبير وربما الانقضاض النهائي على اتفاق أوسلو وما بقي منه على الورق وبالذات معادلة الدولتين، بقدر ما رأوا فيه مادة للتعبير عن الغضب من أوباما وإدارته.
وصبّ في تعزيز هذا الخطاب، ما صدر عن بعض أقطاب الكونغرس من إدانة قاسية للقرار ومن توعّد ووعيد، إضافة إلى قدر كبير من الشجب لموقف الإدارة الأميركية ورئيسها، خصوصاً بعد أن زعمت إسرائيل بأن الطرف الأميركي شارك في رعاية القرار وإعداده وحبك عملية تمريره.
وفي امتداد لذلك، جرى استنفار "حراس" إسرائيل في واشنطن، من المنظمات اليهودية النافذة وعلى رأسها اللوبي الإسرائيلي، وقوى أخرى من هذا الصف ونخبه السياسية والفكرية. هذه الأطراف تعكف الآن على دراسة التداعيات المحتملة وما تستدعيه من خطوات استباقية في الأمم المتحدة، عن طريق إدارة ترامب المتوقع أن تكون جاهزة للاستجابة إلى حد بعيد للرغبات الإسرائيلية والمدافعين عنها بقوة في الساحة الأميركية. فهناك حالة اندفاع عارم لاغتنام هذه اللحظة بغية طي الصفحة والخلاص من الدعوة للتفاوض وللبحث عن سلام وحل "خيالي" كما يسميه جون بولتون، أحد أقطاب هذا الفريق. الحل العملي الوحيد برأيه يتمثل في الصيغة الدولية الثلاثية: "غزة تعود لمصر وبعض الضفة للأردن ثم إسرائيل". هذا التصور الذي لا يخفي متطرفو اليمين مجاهرتهم به منذ زمن، يبدو أن الفرصة جاءتهم اليوم للدفع نحو ترجمته.