حرب جاسوسية بين موسكو وأوسلو

26 سبتمبر 2018
الجاسوس الروسي المفترض (التلفزيون الرسمي النرويجي)
+ الخط -
تتكشف، اليوم الأربعاء، تفاصيل القبض على الجاسوس الروسي المفترض في مطار أوسلو، ميخائيل بوتجكاريف (51 عاماً)، الجمعة الماضي، بعد مشاركته رسمياً في ورشة عمل (حلقة دراسية) في البرلمان النرويجي حول "أمن معلومات البرلمانات"، إلى جانب ضيوف من مختلف الدول. 

وتوترت العلاقة بين روسيا والنرويج، مع نشر موسكو هويته واسمه ونفي التهمة، في مقابل نشر وسائل الإعلام النرويجية، أمس الثلاثاء، تفاصيل تصرفاته التي "أثارت الشكوك داخل البرلمان النرويجي (ستورنينغ) وأدت إلى مراقبته واعتقاله في المطار بتهمة القيام بأعمال تجسس غير قانونية"، بحسب القناة الرسمية النرويجية، وفقاً للمصادر الأمنية.

وتعيد لائحة الأفعال، بحسب النرويجيين أنفسهم، التي يفترض أن بوتجكاريف قام بها داخل البرلمان "التذكير بحقبة التجسس أثناء الحرب الباردة"، وخصوصاً سعي الرجل إلى الجلوس في مكان محدد أثناء مشاركته في الحلقة الدراسية التي أقامها المركز الأوروبي للأبحاث والأمن البرلماني "وضبطه في غرفة مخصصة لطابعات البرلمان، والطابعات باتت محل اهتمام الجواسيس، لأن الحديث منها يخزن وثائق تمت طباعتها خلال السنوات الماضية"، وفقاً لما نقلت صحيفة "في غي" عن مصادر متخصصة في مكافحة التجسس.

وأشارت تلك المصادر إلى "سهولة نقل الوثائق على موصل ذاكرة (يو أس بي) خارجي من قبل البارعين في مجال تكنولوجيا المعلومات، حتى إنه يمكنك التحكم بالشبكة كاملة من خلال الولوج إلى الطابعات، لأنه لا يجري دائماً تحديث أمن البرامج عليها".

هذا بالإضافة إلى محاولات هذا الجاسوس المفترض الحصول على أرقام دخول سرية في البرلمان، حيث بدأت على ما يبدو مراقبته من قبل الاستخبارات النرويجية على مدى يومين، قبل اعتقاله في المطار "وبحوزته بعض المعلومات"، بحسب مصادر التلفزيون النرويجي.

من جهتها، احتجّت موسكو على توقيف بوتجكاريف، وصرّحت في رسالة رسمية إلى أوسلو بأن "هذا الاعتقال غير مقبول ويعد استفزازاً ويعبّر عن هيستيريا التجسس في الحملات ضد روسيا، وتصرفات النرويج ستترتب عليها نتائج بالطبع"، وفقاً لما نقل التلفزيون النرويجي عن مصادر في خارجية أوسلو. واعتبرت موسكو التهم "سخيفة ويجب سحبها وإطلاق سراح الرجل على الفور".

وعلق وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، على سؤال لمراسل القناة الرسمية الثانية النرويجية "تي في 2" في مبنى الأمم المتحدة بنيويورك، أمس، عن "لماذا ترسل روسيا جاسوسا إلى النرويج؟"، بتوجيه كلامه للمراسل "هل أنت جاد؟ إن عقلك مليء بالبروباغندا. نود أن نعرف ما يجري لمواطنينا".

آمال بتبادل جواسيس

ويأتي الكشف عن الجاسوس المفترض في أوسلو ليعيد طرح قضايا التجسس بين البلدين، بعد أن اعتقلت موسكو أيضاً رجل أمن نرويجياً متقاعداً، يدعى فرودي بيرغ، قبل نحو عام، بتهمة شبيهة بـ"التجسس لمصلحة أوسلو"، أثناء زيارته إلى روسيا، وفقاً لتهمة الاستخبارات الروسية.

ويعتقد على نطاق واسع، وعبر محامي بيرغ، أن "الاعتقال الأخير (للجاسوس الروسي) يعيد الأمل لبيرغ في عملية تبادل بين البلدين"، بحسب ما صرح محامي الجاسوس النرويجي المفترض.

واعتبر المحامي، ريسنيس برينيولف، أن "التوقيف الأخير في النرويج سيحمل انفراجة لموكلي في عملية تبادل قادمة".

في حين تساءل محاميه الروسي، اليا نوفيكوف، بشكل ساخر على صفحته الرسمية، وفقاً لوسائل الإعلام النرويجية: "دعونا ننتظر لنرى رد فعل سلطات موسكو، إذا ما عومل ميخائيل بوتجكاريف، بالطريقة ذاتها التي يعامل فيها في روسيا النرويجي بيرغ"، وهو يشير إلى "سوء معاملته ووضعه في قفص حديدي"، وفقا للنرويجيين.

وكان من المفترض أن تنطلق محاكمة العميل النرويجي في موسكو خلال شهر أكتوبر/تشرين الأول أو نوفمبر/تشرين الثاني، ولكن اعتقال الجاسوس الروسي سيغير ربما كل مخطط روسيا، وفقاً لخبراء تحدثوا لـ"أفتن بلاديت" النرويجية، وهم يصرون على "أننا نشهد حقبة في ارتفاع منسوب العمل التجسسي الذي ساد في فترة الحرب الباردة، لكن مع تطور في الأساليب والأدوات".

ووفقاً لما تنقل الصحف النرويجية والقناة الرسمية "إن أر كايه"، اليوم الأربعاء، عن خبراء في الشأن الروسي، فإن الاشتباه بقيام الضيف الروسي بأعمال مثيرة للشبهة في البرلمان "تأتي أيضاً على خلفية تزايد التجسس بعد التوتر الذي تشهده العلاقات الروسية مع دول الشمال، والغرب، منذ أن احتلت موسكو شبه جزيرة القرم في 2014".

وكانت أجهزة الاستخبارات في عدد من الدول الإسكندنافية شددت في الفترة الأخيرة من مراقبتها للأعمال الروسية، مشيرة إلى "تهديد روسي مماثل في التدخل بالشؤون السياسية والأمنية"، كما ذهب جهاز استخبارات السويد التي ثارت فيها أيضاً قضية شبيهة حين كان رجل أعمال روسي في داخل برلمان استوكهولم قبل عامين، والجهاز الدنماركي الذي رفع من تأهبه "خشية تدخل روسي في الانتخابات القادمة".

ويسود جو من التوتر بين الدول الإسكندنافية وموسكو، بعد الكشف أخيراً عن قيام الجيش الروسي بالتدرب على محاكاة هجوم عسكري شامل على جزيرة بورنهولم صيف العام الحالي، بعد توتر إضافي برفض الدنمارك الموافقة على مرور خط غاز سيل الشمال "نوردستريم" في جزيرتها.

دلالات