حرب بين ساويرس و"في حب مصر" لاستمالة النواب المستقلين

03 ديسمبر 2015
يتلقّى المرشحون اتصالات من الطرَفين (Getty)
+ الخط -
يبدو أن الصراع بين قائمة "في حب مصر"، المدعومة من نظام الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي وأجهزة سيادية، وبين رجل الأعمال، مؤسس حزب "المصريين الأحرار"، نجيب ساويرس وصل إلى مرحلةٍ غير مسبوقة، في محاولةٍ لتشكيل تكتل الأغلبية في مجلس النواب المقبل. ويحاول الطرفان تجميع كلّ قوتهما لاستقطاب واستمالة الأعضاء المستقلين الذين نجحوا في المرحلة الأولى من الانتخابات البرلمانية، فضلاً عن التواصل مع الفائزين في الجولة الأولى من المرحلة الثانية، بانتظار نتائج جولة الإعادة.

وعلمت "العربي الجديد"، أنّ قائمة "في حب مصر" وحزب "المصريين الأحرار"، بدآ بالتواصل مع الفائزين في الجولة الأولى لانتخابات مجلس النواب. وامتد التواصل بين الطرفين والمرشحين الذين يخوضون جولة الإعادة، ولكن مع الأقرب منهم لحسم مقعد في دائرته، وسط عمليات ترغيب وتقديم إغراءات.

بدأت الخلافات بين حزب "المصريين الأحرار" وقائمة "في حب مصر"، بسبب قلة عدد ممثلي الحزب في القائمة، ما أثار ضجة كبيرة داخل الحزب، وسط مطالبات كثيرين بالانسحاب منها. لكن قرار الحزب الرسمي كان الاستمرار في القائمة، ليحافظ على علاقته بالنظام في هذه المرحلة، وبالتالي الاهتمام أكثر بحصد أكبر عدد من المقاعد الفردية.

ويفرض النظام الانتخابي الجديد أزمات كبيرة أمام حصد أي حزب أو تكتل الأغلبية داخل مجلس النواب، وهي ضرورية لتشكيل الحكومة وفقاً لتعديلات الدستور بعد الانقلاب على الرئيس المعزول محمد مرسي. ويريد السيسي من خلال قائمة "في حب مصر"، والتواصل مع النواب المستقلين، تجميع الأغلبية، لضمان عدم معارضة المجلس لسياساته، فضلاً عن تجديد الثقة بالحكومة التي سيطرحها عليه، خصوصاً أنّ مجلس النواب يتمتع بصلاحيات واسعة بعد التعديلات الجديدة، وبالتالي يخشى السيسي من المجيء بمجلس قد يسحب الثقة منه وتوجيه تهمة الخيانة العظمى له.

ويلجأ السيسي إلى قائمة "في حب مصر"، التي تم اختيار ممثليها من خلال الأجهزة السيادية والأمنية في الدولة، لتكون بمثابة الوعاء لتجميع الأغلبية عبر استمالة المستقلين. ويحاول النظام الحالي ضمان عدم خروج الأوضاع عن سيطرته، باختيار قيادات مجلس النواب، فضلاً عن الشخصيات التي سيتم تعيينها بمعرفة رئيس الجمهورية.

ويقول أحد المرشحين في جولة الإعادة لـ"العربي الجديد"، إنه تلقى اتصالات من الطرفَين عقب إعلان النتائج بيومين أو ثلاثة، وكان في صورة تواصل طبيعي، مضيفاً في حديث لـ"العربي الجديد"، أنّ الاتصالات تطرقت إلى إمكانية الانضمام إلى التكتل الذي يشكّله الفريقان داخل مجلس النواب، في حال فوزه في جولة الإعادة.

اقرأ أيضاً الانتخابات المصرية: الإحباط يخيّم على النظام والمرشحين

ويشير المرشح ذاته، إلى أنّه حين تواصل مع بعض المقربين حول فحوى الاتصالات، أكدوا له ورود اتصالات مماثلة من بعض منافسيه، مشدداً على أنّ أحد المرشحين المنافسين له، يستغل هذه الاتصالات للترويج لنفسه في الانتخابات، ولكن الأهم لدى الطرفَين هو تشكيل التكتلات داخل المجلس في محاولة لحصد الأغلبية أو على الأقل الأكثرية.

من جهته، يقول مصدر في حزب "المصريين الأحرار"، إن الحزب يحاول تشكيل تكتل داخل مجلس النواب باعتباره الحزب الأكثر حصة من المقاعد حتى الآن في انتخابات مجلس النواب. وتمكّن الحزب من حصد 44 مقعداً حتى الآن خلال المرحلة الأولى وحتى الجولة الثانية من المرحلة الثانية، بانتظار نتائج جولة الإعادة الأخيرة في الانتخابات.

ويضيف المصدر، لـ"العربي الجديد"، أنّ ما يقوم به الحزب قانوني وشرعي تماماً، ولا يمكن تصنيفه بأنه أمر سريّ وضد الدولة والسيسي، كما يردّد البعض، لافتاً إلى أنّ الحزب لديه طموح كبير في تشكيل الحكومة، أو على الأقل يكون له اليد العليا في الاختيارات، موضحاً أن ساويرس وقيادات الحزب تعلّموا من الصفعة التي تلقوها في اختيارات قائمة النظام. ويشدّد مصدر الحزب على أنّه الأول حتى الآن في عدد النواب، ويبقى تجميع المستقلين في تكتل واسع، سيتم الإعلان عنه بعد الانتهاء بشكل كامل من تحديد أعضائه.

بدورها، تسعى قائمة "في حب مصر"، إلى تجميع أكبر عدد من المستقلين من النواب، وخصوصاً أنّها تحظى بدعم من الدولة. وتقول نائبة عن القائمة، إنّها لا تعلم ما يدور في كواليس إدارة المشهد داخل المجلس المقبل، ولكنها تدرك أنّ قيادات القائمة تواصلت مع فائزين في المرحلة الأولى، واتفقت معهم على الانضمام للتكتل الذي تشكله القائمة. وتضيف النائبة، لـ"العربي الجديد"، أنّ منسقي القائمة بالفعل اتفقوا مع عدد كبير من المستقلين الفائزين في المرحلة الأولى. وبحسب المعلومات، فإنه تم التواصل أيضاً مع الفائزين في المرحلة الثانية ومرشحين في جولة الإعادة، وفقاً للنائبة.

وكان منسّق القائمة، سامح سيف اليزل، أكد في تصريحات تلفزيونية، مساء اليوم الثاني من انتخابات المرحلة الثانية، أنّ القائمة تشكّل فعلاً تكتلاً من أعضائها ونواباً مستقلين، لتشكيل الأغلبية. ولفت اليزل، إلى أنه لم يتم التواصل مع المرشحين في المرحلة الثانية حتى الآن، بانتظار انتهاء جولة الإعادة، وهو ما يتنافى مع تأكيدات النائبة في القائمة.

من جانبه، يقول الخبير السياسي، محمد عز، إنّ دوافع "في حب مصر" لتشكيل الأغلبية داخل المجلس من خلال استمالة المستقلين معروفة ومنطقية، لأنّها قائمة النظام، مضيفاً لـ"العربي الجديد"، أنّ دوافع حزب "المصريين الأحرار"، لا يمكن تفسيرها إلّا في سياق رد الاعتبار، بعد اختيار نسبة قليلة من ممثليه في قائمة النظام.

ويشير الخبير السياسي، إلى أنّ اليزل يحاول فرض سيطرته على الوضع والمشهد داخل مجلس النواب، باعتباره صاحب الكلمة، بعد التنسيق مع أجهزة الدولة ولا سيما السيادية والأمنية منها، لافتاً إلى أنّ المشهد السياسي في الفترة المقبلة، لن يكون مستقراً كما يعتقد البعض، مرجّحاً حدّة الصراعات. ويلفت عزّ إلى أن المستقلين هم النسبة الغالبة داخل مجلس النواب، حتى وإنْ مال معظمهم إلى قائمة "في حب مصر"، فلا أحد يعلم بتغيير هذه الميول بعد فترة نحو "المصريين الأحرار"، لأنّ الوضع يتعلق بالمصلحة، وأغلبهم دفع الملايين لحصد مكاسب خاصة.

اقرأ أيضاً مصر: السيسي يبحث سراً عن قيادات للبرلمان الجديد

المساهمون