حراك ساخط جنوبي الجزائر ضد القمع الأمني للمطالبين بفرص عمل في النفط

16 مايو 2019
الأزمات المعيشية تغذي احتجاجات الجزائر (رياض كرامدي/فرانس برس)
+ الخط -

 

 

شهدت بعض مدن الجنوب الجزائري، أمس، موجة جديدة من الاحتجاجات المطالبة بتوفير فرص عمل للشباب في شركات النفط، وتطورت بعض الاحتجاجات، أول من أمس، إلى مواجهات عنيفة بين قوات مكافحة الشغب والمتظاهرين، وتخريب مقرات حكومية، وسط مساع وجهود لتهدئة الأوضاع ومنعها من الانزلاق.

خرج المئات من المتظاهرين من أعيان وسكان مدينة تينركوك في ولاية أدرار جنوبي الجزائر، أمس الأربعاء، في مسيرة، للمطالبة بفتح تحقيق عاجل في إعطاء أوامر للقوة العمومية باستخدام القوة ضد المحتجين في أحداث الثلاثاء، وبالإفراج الفوري عن الشباب المعتقلين بسبب الاحتجاجات، والتحقيق في قضية توزيع فرص الشغل في شركات النفط، ورحيل حاكم مقاطعة تينركوك ومجلس الحكم المحلي.

وكتب الشباب الغاضب على جدران المقرات الحكومية شعارات، "لا للتهميش واللامبالاة" و"نريد معاقبة المفسدين".

وبعد يوم ثلاثاء عنيف شهد مواجهات بين الشرطة والمتظاهرين على خلفية اعتصام الشباب العاطل عن العمل ما أدى إلى إصابة 25 مدنيا بجروح، دعا الناشطون في الحراك الشعبي والعقلاء في مدينة تينركوك بولاية أدرار جنوبي الجزائر، إلى التهدئة ووقف أعمال العنف في المدينة، على خلفية أعمال الشغب وأحداث تخريب طاولت مقرات حكومية، أول من أمس.

وكانت احتجاجات الشباب العاطل عن العمل في تينركوك قد بدأت منذ شهر، حيث نظموا اعتصاما للمطالبة بمناصب شغل في عشر شركات تشغل حقول النفط في المنطقة، تم خلاله عقد سلسلة اجتماعات مع المسؤولين لم تفض إلى أية نتائج، ما دفع الشباب إلى نقل اعتصامهم إلى مداخل حقول نفطية تعمل فيها الشركات البترولية وغلقها.

وفي رد فعل غاضب، انتقل حاكم المقاطعة مع قوات الأمن إلى مكان الاعتصام، حيث أمر بفضه واعتقال الشباب المعتصم، ما دفع الشباب في المدينة إلى الخروج، أول من أمس، في مظاهرات، للمطالبة بإطلاق سراح المعتقلين، قبل أن تبدأ قوات الأمن في قمع المتظاهرين واستخدام القنابل المسيلة للدموع واندلاع أعمال تخريب، حيث تم حرق مقر الدائرة وعدد من السيارات الحكومية ومنزل حاكم المقاطعة.

ويعاني الجزائريون من تفاقم البطالة، إذ تؤكد بيانات حكومية أن نسبة البطالة لم تتعد 11.6% نهاية العام الماضي 2018، مشيرة إلى أن عدد العاطلين عن العمل بلغ نحو 1.456 مليون شخص، بينما يشكك الكثير من المحللين الاقتصاديين في هذه الأرقام، مؤكدين أنها أكبر، وأشاروا إلى أن الصعوبات الاقتصادية التي واجهتها الدولة في السنوات الخمس الماضية، بفعل التراجع الحاد في إيرادات النفط، تسببت في تباطؤ الكثير من المشروعات وتراجع معدلات التشغيل.

ودان أربعة من نواب ولاية أدرار في البرلمان "ما اقترفته قوات الأمن واستخدامها القوة ضد المتظاهرين وضد شباب كان يقوم باعتصام سلمي للمطالبة بحقه في الشغل"، وطالبو بمحاسبة المسؤولين المتورطين في الاعتداء. فيما حمّل مكتب الجمعية الجزائرية لترقية حقوق الإنسان في تينركوك، السلطات، مسؤولية الأحداث العنيفة، بسبب لجوئها إلى استخدام القوة ضد الشباب العاطل عن العمل.

وقال بيان للجمعية نشر أمس: "حدث ما كنا نحذر منه، استعمال القوة العمومية لن يزيد الطين إلا بلة، وتسخير رجال الأمن للاعتداء والتصادم مع المواطنين يفرز هكذا جرحى من المواطنين ورجال الأمن، بعد استعمال الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي لتفريق المتظاهرين".

وقال الكاتب والإعلامي في ولاية أدرار، لحسن حرمة، لـ"العربي الجديد"، إن "الاحتجاجات في تينركوك بدأت قبل شهر من قبل الشباب للمطالبة بشفافية التشغيل في شركات الطاقة المنتشرة في المنطقة شمال أدرار"، مضيفا أنه "بدلا من فتح السلطات قنوات حوار مع الشباب المحتج، لجأت إلى استخدام القوة. ولأن العنف يولد العنف، بعد توقيف شباب، أول من أمس، وتحويلهم إلى محكمة تيميمون بتهمة التجمهر غير القانوني، واستقواء حاكم المقاطعة بالقوة العمومية، ساهم ذلك في توتر الأوضاع".

وأكد حرمة، الذي يتابع ملف الحراك الاحتجاجي والشغل في منطقة الجنوب "ندين التعبير بالحرق والعنف، لكن ندين أيضا البيروقراطية والحوار العقيم ويستحق العقاب الإداري، ونحمل مسؤولية هذه المخارج إلى محافظ ورئيس الدائرة والمنتخبين، ونطالب وزارة الداخلية بفتح تحقيق عاجل بشأنهم".

وتوسعت الاحتجاجات الشبابية على الشغل في مناطق جنوبي الجزائر لتشمل، أمس، منطقة تيميمون بولاية أدرار. وأقدم الشباب العاطل عن العمل في مدينة تيميمون على غلق الطريق الوطني للمطالبة بتوفير مناصب شغل في شركات النفط في المنطقة، وأرسلت السلطات تعزيزات من فرق مكافحة الشغب للتعامل مع الوضع.

ويخشى مراقبون من أن يؤدي تطور الأوضاع في منطقة الجنوب إلى الانزلاق، خاصة في ظل الحراك الشعبي والاحتقان المستمر في البلاد منذ 22 فبراير/شباط الماضي، للمطالبة برحيل بقايا رموز نظام الرئيس المستقيل عبد العزيز بوتفليقة.

المساهمون