اندلعت حرائق في عدد من المناطق وسط وغرب سورية؛ استمرت، من مساء أمس الاثنين، والتهمت مساحات واسعة من الغابات والأحراج، في محافظات حمص وطرطوس واللاذقية.
وقالت مصادر محلية، لـ"العربي الجديد"، إنّ "النيران التهمت مناطق واسعة في منطقتي وادي النصارى ومرمريتا بريف حمص الغربي ومناطق أخرى في محيطها"، مشيرة إلى أنّ النيران ما تزال مشتعلة في المنطقة.
وذكرت مصادر أخرى، لـ"العربي الجديد"، أنّ الحرائق اندلعت، منذ ثلاثة أيام، في العديد من المناطق بريف اللاذقية، وبعد إخمادها عاودت، مساء أمس، واستمرت حتى صباح اليوم الثلاثاء، وطاولت العديد من الأحراج والغابات في قرى ريف اللاذقية، ومنها المتركية وقروصو واسطامو وكلماخو وبشراغي.
كما امتدت نيران الحرائق إلى محيط مدينة جبلة ومنطقة القطيلبية، بالإضافة لجبال القرداحة، في اللاذقية.
وأشارت المصادر أيضاً إلى أنّ الحرائق التهمت مساحات واسعة في ريف طرطوس. ولفتت إلى أنّ أسباب نشوب تلك الحرائق "مجهولة"، في ظل حديث مسؤولي النظام عن أنّ الأسباب ناجمة عن الظروف المناخية.
وبيّنت مصادر محلية أنّ أفواج إطفاء، من مراكز ومخافر إطفاء مدن الساحل السوري ومن المدن الجنوبية، بدأت منذ مساء أمس الاثنين، بمحاولات إطفاء الحرائق والإحاطة بالنيران، ما أدى لموت رجلي إطفاء، محذرة من أنّ النيران "أكبر من قدرة رجال الإطفاء بسورية، ولا بد من الاستعانة بدول الجوار، بعد أن وصلت النيران لتهديد حياة السكان".
ونشرت حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي صوراً قالت إنّها للحرائق التي اندلعت في سورية.
من جهتها، نقلت وكالة الأنباء التابعة للنظام "سانا"، عن قائد فوج إطفاء حمص، العقيد عثمان جودا، قوله إنّ "فرق الإطفاء أخمدت 90 في المائة من الحرائق التي شبّت خلال اليومين الماضيين في عدد من قرى وادي النصارى غرب حمص، ويتم التعامل حالياً مع البؤر المتبقية للسيطرة عليها".
كما نقلت عن مدير الزراعة والإصلاح الزراعي في اللاذقية منذر خير بك، تأكيده "السيطرة على معظم الحرائق في ريف المحافظة، والتي دخلت معظمها مرحلة التبريد".
وأضاف أنّ "الجهود تتركز حالياً على تطويق الحرائق في أحراج قرى مصيص وفرزلا والشويخة وعنانيب بريف القرداحة، على أمل أن تتم السيطرة عليها خلال الساعات القليلة المقبلة".
واتهم العامل السابق بحراج إدلب علي قاسم، تجار الأخشاب بافتعال الحرائق، بسبب غياب سلطة الدولة وبعد أن وصل سعر طن الخشب نحو مائة دولار، مشيراً، لـ"العربي الجديد"، إلى أنّ الثروة الحراجية بسورية، تعرضت لتعديات كبيرة، وزاد ما تلتهمه الحرائق سنوياً، أكبر من التشجير السنوي الذي لا يزيد عن 150 هكتاراً (1500 دونم) قبل أن يتراجع التشجير بعد الثورة عام 2011 إلى أقل من 500 دونم.
وتقول وزارة الزراعة السورية، إنّ عدد الحرائق، منذ عام 2011، وحتى العام الماضي، تجاوز 3400 حريق، كان أكثرها عام 2016 إذ بلغت الحرائق 570 حريقاً، والمساحات التي تم إخماد الحرائق فيها تجاوزت 220 ألف دونم.
ولم تسلم المحاصيل الزراعية بسورية من الحرائق، إذ شهد موسم القمح قبل الحصاد، في يوليو/تموز الماضي، حرائق طاولت مناطق الإنتاج في مدن شمال شرقي سورية؛ الحسكة، الرقة ودير الزور، لتبلغ الخسائر وفق تصريح سابق لوزير الزراعة بحكومة بشار الأسد أحمد القادري، نحو 28.8 مليار ليرة سورية (الدولار 626 ليرة).
ويؤكد مدير مؤسسة الحبوب بالحكومة السورية المعارضة حسان محمد، لـ"العربي الجديد"، أنّ "الخسائر أكبر من هذا الرقم بكثير، لأنّ حكومة الأسد، احتسبت الخسائر من المناطق التي تسيطر عليها، ولم تتطرق للخسائر بالمناطق التي تسيطر عليها المعارضة، شمال غربي سورية".
ويضيف أنّ الحرائق أتت تقريباً على 25% من مجمل الإنتاج السوري من القمح؛ المقدّر بأكثر من مليوني طن هذا العام، إضافة لحقول شعير وزراعات عطرية وحتى أشجار زيتون.
من جهته، يقول المهندس الزراعي يحيى تناري، لـ"العربي الجديد"، إنّ "غياب الرقابة وإهمال الغابات، أدى، خلال الأعوام الماضية، إلى تدهور الواقع الحراجي في سورية، بل واختفت غابات قلما يمكن تعويضها، كما حدث بغابات اللاذقية بمواقع الحراج المخروطية والصنوبريات"، مشيراً إلى "الحرق المتعمد الذي يقوم به تجار الخشب والفحم، ليس فقط بغابات الساحل السوري، بل بالمناطق المحررة في شمال غرب سورية، لأنّ سعر الحطب أقل من أسعار المشتقات النفطية".وتجرّم سورية، وفق قانون الحراج لعام عام 2018، معتدي الحرائق المفتعلة، وخاصة تلك التي ينجم عنها وفاة أحد العاملين في الحراج، أو الفرق التطوعية، وفي تلك الحالة يكون الإعدام هو عقوبة الفاعل، وتخفض إلى الاعتقال المؤبد إن نجم عنها إصابة أو عاهة دائمة، بينما باقي الاعتداءات تتراوح عقوبتها بين السجن 6 أشهر و5 سنوات، إضافة إلى الغرامة.