حديث "شراء" التوكيلات للسيسي: تأييد النواب لا يكفي

22 يناير 2018
السيسي يشعر بتراجع شعبيته (أمير ماكار/فرانس برس)
+ الخط -

لم يتوقّف الحديث خلال الأيام القليلة الماضية، عن شراء التوكيلات الشعبية لصالح الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، مقابل مبالغ مالية تبدأ من 50 جنيهاً. واتهم ناشطون عبر مواقع التواصل الاجتماعي رجالَ أعمال والحكومة بتوجيه الموظفين في الجهاز الإداري للدولة، فضلاً عن العاملين في الشركات والمصانع في القطاع الخاص، لتأمين توكيلات لترشيح السيسي لفترة رئاسية ثانية.

ولم يمرّ وقت طويل على هذه الاتهامات، حتى تكشّفت وقائع تثبت توجيه مسؤولين في الجهاز الإداري للدولة، للعاملين، بتحرير تلك التوكيلات، وكان أبرزها في مدرسة بمحافظة دمياط.

وأقْدَم مدير مدرسة "رفعت المحجوب" الثانوية الصناعية التابعة لمحافظة دمياط، على تعليق ورقة تطالب كل العاملين بتحرير توكيلات للسيسي، تمهيداً لإرسالها لإدارة التعليم الفني في المديرية، وهو أمر نفاه مدير التربية والتعليم بالمحافظة، سيد سويلم.

وبغض النظر عن الواقعة ووقائع أخرى مماثلة بإجبار الموظفين على تحرير توكيلات للسيسي، فإن السؤال هو: ما الهدف من هذه الخطوات رغم توقيع عدد كبير من أعضاء مجلس النواب على استمارات ترشيح السيسي؟

ووقّع أكثر من 500 نائب استمارات لتأييد ترشّح السيسي للانتخابات الرئاسية المقبلة، بداية من اليوم التالي لإعلان الهيئة الوطنية للانتخابات الجدول الزمني لانتخابات الرئاسة، وبدء تحرير التوكيلات واستمارات النواب.

وكشفت مصادر قريبة من السلطة، أنّ السرّ وراء الدفع بكل قوة لإجبار الموظفين على تحرير توكيلات للسيسي لفترة رئاسية جديدة، هو وجود رغبة حثيثة عند النظام الحالي بإظهار وجود تأييد شعبي لهذه الخطوة.

وقالت المصادر لـ"العربي الجديد" إن "استمارات النواب ليست كافية بالنسبة للسيسي للترشّح، وهناك تشديدات على ضرورة تحرير أكبر عدد من التوكيلات، بحد أدنى نصف مليون توكيل، قبل إغلاق باب الترشّح رسمياً"، مضيفةً أن "بعض الجهات الحكومية والخاصة، عمدت إلى تخصيص باصات لنقل العاملين إلى مكاتب الشهر العقاري لتحرير التوكيلات، وسط تحذيرات شديدة اللهجة لمن يرفض هذه التوجهات".

وشدّدت المصادر على أن التوكيلات الشعبية "هي رسالة للغرب في الأساس، لإظهار حجم شعبية السيسي، إذ لا يمكنه الترشّح بناء على استمارات النواب، في حين تكون التوكيلات الشعبية في المقابل قليلة للغاية أو لا تتناسب مع مخطط إظهار الشعبية". وأوضحت أن التوكيلات المطلوب جمعها "لا بدّ أن تكون أكثر من تلك التي قدمها السيسي في انتخابات 2014"، والتي تتراوح بين 200 ألف إلى 300 ألف، بحسب حملته آنذاك.

وتابعت المصادر أن "ثمّة محور تحركات ثانياً يتمثّل بأصحاب المعاشات وكبار السن، إذ تمت مساومة بعض هؤلاء أمام مكاتب البريد، بصورة غير رسمية، بضرورة تحرير توكيلات للسيسي للحصول على المعاشات الخاصة بهم"، لافتةً إلى أنّ "بعض رجال الأعمال الذين يشاركون في الإعانات لبعض المحتاجين، يُقْدمون على إجبار بعض الأسر على تحرير التوكيلات".

وأشارت المصادر إلى أن "رجل الأعمال محمد أبو العينين يلعب دوراً مهماً في تحرير توكيلات للسيسي من خلال بعض رجاله، إما بأسلوب الترهيب أو الترغيب ودفع أموال".

بدوره، اتهم المحامي الحقوقي، ناصر أمين، الهيئة الوطنية للانتخابات، بالقضاء على نزاهة الانتخابات الرئاسية قبل أن تبدأ، وطالبها بالتحقيق وإلقاء القبض على المسؤولين والأشخاص الذين يمارسون الاتجار بالمصريين بشراء التوكيلات، وعزْل ومساءلة المسؤولين في الدولة الذين يُجبرون الموظفين على تحرير توكيلات لرئيس الجمهورية.

كذلك، دعا أمين إلى ضرورة إصدار الهيئة أوامرها فوراً بنزع كل اللافتات المعلّقة قبل فترة الدعاية الانتخابية للمرشحين، والتحقيق مع المحافظين الذين سمحوا بذلك، ووقف حملات القمع التي يتعرّض لها بعض أنصار المرشحين، والتحقيق مع الضباط القائمين على ذلك. وشدد على ضرورة الإعلان عن هوية الأشخاص الذين يتولون العمل بالأمانة التنفيذية للهيئة (الجهاز التنفيذي)، وماهية معايير اختيارهم للقيام بهذه المهام وخبرتهم السابقة في ذلك، والجهات المنتدبين منها.

من جانبه، قال الخبير السياسي، محمد عز، إن "السيسي يشعر بتراجع شعبيته، وإلاّ لما لجأت أجهزة الدولة للضغط والإجبار لتحرير توكيلات شعبية لتأييد ترشحه لفترة ثانية". وأضاف في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "الأزمة في عدم وجود جدوى حقيقية لهذه التوكيلات مهما كثُرت؛ أولاً لأن الشارع المصري يدرك كيفية جمعها، وثانياً لأن الغرب يدرك بشكل كامل حجم شعبية السيسي الفعلية، وهو لا يلجأ لهذه التوكيلات لقياس شعبيته".

وتابع عزّ أن هذه التوكيلات الشعبية "ما هي إلاّ لحفظ ماء وجه السيسي ونظامه فقط، لا أكثر ولا أقل، وبالتالي هي تحصيل حاصل، ولعلها تكشف جزءاً من وجه هذا النظام أمام الرأي العام"، لافتاً إلى أنّ هذه التوكيلات وطريقة جمعها لا تختلف عن حملة "عشان تبنيها" التي أشرفت عليها جهات سيادية ومؤسسات ورجال أعمال قريبون من النظام الحالي، وفي النهاية أثّرت سلبياً على صورة السيسي.

المساهمون