حدود السويد تقسم "الأشقاء" الإسكندنافيين

30 مايو 2020
تأمل كوبنهاغن بعودة الحياة لطبيعتها مع تباعد وقائي(ناصر السهلي)
+ الخط -
تتجه الدنمارك والنرويج وأيسلندا وألمانيا نحو سياسة تبادل فتح الحدود في 15 يونيو/حزيران المقبل، إعلان طرحته رئيسة وزراء الدنمارك ميتا فريدركسن، (يسار وسط)، مساء أمس الجمعة، ورئيسة وزراء النرويج المحافظة إيرنا سولبيرغ.
فريدركسن، التي اتخذت خطوتها بعد تنسيق مع دول الجوار، بما فيها ألمانيا، تركت الباب مغلقاً أمام "الأشقاء" السويديين، الذين يشعرون بامتعاض جراء عزلهم عن محيطهم الإسكندنافي.
ولغة "نحن أشقاء" التي استخدمها وزير داخلية السويد ميكايل دامبيرغ، عبّرت عن حالة إحباط لدى حكومة يسار الوسط في استوكهولم من زملائهم من نفس التيار السياسي الحاكم في كوبنهاغن، الذين اتفقوا مع محافظي النرويج وألمانيا وليس معهم. والاتفاق يقضي باستبعاد دخول السويديين براً وجواً وبحراً.
فبالنسبة لسكان منطقة "سكونا" (منطقة نزاع وحروب تاريخية بين الدولتين)، والتي تضم جنوب غرب السويد، وتقع فيها كبريات المدن، مثل مالمو التي يربطها جسر "أوريسند" مع الدنمارك وبالتالي البرّ الأوروبي، يبدو غريباً أن "يسافر الدنماركيون إلى مدننا، ويعودوا إلى كوبنهاغن، فيما يحظر على السويديين ذلك"، كما ذهبت بعض عناوين صحف السويد صباح اليوم السبت.
فالإجراءات السويدية لمواجهة جائحة كورونا لم تكن بالقدر نفسه الذي اتخذته دول الجوار. فأبقت استوكهولم على سياسة فتح الأماكن العامة، كالحانات والمقاهي والمطاعم ودور السينما والمدارس والجامعات، الأمر الذي لم يرق لدوائر صحية في أوسلو وكوبنهاغن. وتشترط سلطات كوبنهاغن على الزائرين الدنماركيين نحو غوتنبرغ ومالمو، بإبقاء السويديين حدودهم مفتوحة بوجه جيرانهم، "الحجر على أنفسهم" بعد عودتهم.
هذه العزلة السويدية دفعت أيضاً وزير الداخلية دامبيرغ، إلى التحذير من أن "مجموعة دول الشمال (فنلندا والسويد والدنمارك وأيسلندا وغرينلاند وجزر الفارو) تُعدّ مجتمعة، من كبريات الاقتصادات العالمية وتحتلّ رقم 11 عالمياً وأنه لا ينبغي الإضرار بمكانتها"، بل واعتبر الوزير السويدي، في تعليقات صحافية على قرارات الجيران، أن "دول الشمال لديها رؤية مشتركة، وتُعدّ نموذجا في التكامل، ومن أكثر مناطق العالم تشابكاً بالعلاقات على كل المستويات، وبالتالي ينبغي السماح لمواطنينا بحرية الحركة بين حدودنا، سواء تعلق الأمر بقضايا اجتماعية، أو بسبب العمل على جانبي الحدود، فثمة وقت قادم بعد كورونا سيتطلب منا المزيد من التعاون".
وعملياً يعني عزل السويد أن مواطني النرويج لن يكونوا قادرين على دخول الدنمارك للسياحة إذا حضروا عبر البرّ السويدي، وقضوا فيه وقتاً أكثر من ساعتين، وهو الزمن الذي يتطلبه قطع المسافة بالحافلات والسيارات بين الحدود النرويجية-السويدية باتجاه ميناء غوتنبرغ لركوب البواخر إلى موانئ الدنمارك. فالعامل الاقتصادي-السياحي يعتبر محركاً للامتعاض السويدي، إذ كانت البلاد تستقبل عشرات الآلاف من جانبي الحدود، وهو ما يثير سجالاً أيضاً، بسبب "تحويل السويد إلى أرض ترانزيت، وضرب الموسم السياحي"، وفقاً للصحافة السويدية اليوم السبت.
وعادة ما تشهد الدول الإسكندنافية في موسم الصيف تبادلاً سياحياً كبيراً، بالإضافة إلى انتقال عشرات آلاف الألمان شمالاً، حيث يملك بعضهم منازل صيفية على طول شواطئ بحر الشمال في غرب الدنمارك، والتي يتجهون منها بالبواخر إلى النرويج والسويد. وعملياً، فإن الألماني الذي سيدخل السويد بسيارته، لن تُسمح له العودة عبر الدنمارك إلا إذا خضع لحجر صحي لأسبوعين، وهو ما سيعني تجنب الإجازة في السويد. إلى ذلك، فإن فنلندا ما زالت أيضاً غير متاحة للسفر إليها بقصد السياحة، وتَعد كوبنهاغن، بعد مفاوضات تجريها مع هلسنكي، بأن يتخذ البلدان إجراءات قريبة لمصلحتهما.
ولا تشترط أوسلو في سياسة فتح الحدود أمام دول الشمال وألمانيا، أن يقيم السائحون، باستثناء السويديين، خارج العاصمة أوسلو، كما اشترطت كوبنهاغن على السائحين حجز فنادق خارج العاصمة، ولمدة لا تقل عن 6 ليالٍ. وطالبت الدنمارك مواطنيها الذاهبين إلى النرويج بـ"تجنب البقاء في أوسلو لتقليل العدوى بفيروس كورونا".
والجدير بالذكر أن السويد أعلنت أمس الجمعة واليوم السبت، أن سياستها بإعادة فتح الحدود أمام جاراتها في الشمال "ستبقى قائمة على الرغم من خطوات تلك الدول". وأكد وزير الداخلية السويدي دامبيرغ، أن بلاده في حالة حوار مع كوبنهاغن، حيث لم تستبعد الأخيرة "السماح مستقبلاً لمواطني منطقة الجنوب السويدي فقط" بدخول الدنمارك، بحسب ما نقلته الصحافة عن رئيسة الوزراء فريدركسن. وخطوة فتح حدود ألمانيا مع الدنمارك (وهي الحدود البرية الوحيدة للأخيرة مع أوروبا) ستشمل فقط مواطني ألمانيا الاتحادية والمقيمين فيها.
المساهمون