قد لا يعرف الحلبيون تاريخ سعد الله الجابري، الذي تبوأ وزارتين ورئاسة الحكومة بزمن الرئيس شكري القوتلي، في أربعينيات القرن الفائت، كما يعرفون تفاصيل الفوال عبد الرزاق المصري. وربما لم تحظ شخصية حلبية، بالإجماع والنعي، كما حج عبدو الذي رحل، أول أمس، عن 76 عاماً. نعى الحلبيون، في الداخل والخارج حج عبدو اليوم، معتبرينه جزءاً مهماً من ذاكرة حلب، التي شتتتها الحرب، وبدأت الهجرة تنال من تفاصيلها تباعاً.
كتب المربي محمد أمير، أنه ورغم "مناعتنا الخارقة لأخبار الموت والموتى التي تتداعى علينا، كما تتداعى الأكلة إلى قصعتها، فإن حزني على حج عبدو اليوم، يفوق حزني فيما لو فقدنا قلعة حلب".
ويتابع في رثائه لبائع الفول: "منذ أن فتحت عيني على الدنيا وأنا أعرف حج عبدو الفوال. وكأن عمره يمتد لآلاف السنين. هكذا كنا نعرف اسمه (حج عبدو الفوال) ولا نعرف لقبه، إذ كان يمثل الشخصية الحلبية في أعز صفاتها وأجملها وأرقاها، من الدأب في العمل، الدماثة، الطيبة، خفة الظل".
وكان عبد الرزاق المصري، بائع الفول الشهير في منطقة الجديّدة الحلبية، من المعالم الهامة في المدينة، إذ لا تُحسب زيارة السياح، بمن فيهم الأوروبيون، لحلب، إن لم يزوروا مطعم الفوال، وكذا بالنسبة للمسؤولين الذين كان حج عبدو، يحتفظ بصور بعضهم، خلال تناولهم الفول في مطعمه، بمن فيهم رؤساء وزارات.
ويقول الإعلامي جمال مامو لـ "العربي الجديد" إنه "من طقوس حلب التي قد لا يعرفها كثيرون، أن أسماء العائلات انعكست على المهنة، مثل المهروسة بالحلويات والسيرجية بالطعام، حتى باتت علامات تجارية يتسابق أفراد تلك العائلات لاستغلالها خلال أعمالهم".
ويشير مامو إلى أن حج عبدو الفوال، ورث المحل ومهنة بيع الفول التي لم يدخل عليها أطعمة أخرى على عكس المطاعم التي تسعى للتنويع، عن أبيه وجده، ولم يورّث المهنة ويعطِ أسرارها للعاملين معه بالمطعم، إذ يقتصر عملهم على الخدمة، في حين أن أسرار المهنة هي حكر له ولأولاده.
ويضيف مامو أن أحد أولاد حج عبدو افتتح محلا كما أبوه في شارع النيّال في مدينة حلب وابنه الآخر افتتح محلاً آخر بالولايات المتحدة الأميركية، وذلك قبل أن تأتي حرب الأسد على الثورة السورية، لتدمر محل حج عبدو عام 2013.
ويحكي مامو قصصاً عن التقاء أهل حلب والسياح كل صباح في مطعم حج عبدو، بعيداً عن أي اعتبار وانتماء، بل بهدف الالتقاء على الطعام اللذيذ والخدمة المتميزة: "كنا نأكل الفول ونذهب بعده لتناول الشاي عند بائع أيضاً قديم، ولا يقل شهرة عن الفوال وقد ارتبطت أعمالهما ببعضها بعضا".
ثمة مهن سورية، أكسبت أصحابها من الشهرة، ما لم يحققه ساسة ورياضيون وفنانون، فما قيل عن حج عبدو الفوال بحلب، ينسحب أو يزيد عند الحديث عن مطعم "بوز الجدي" في دمشق، والمخصص لبيع الفول أيضاً.
يقول الدمشقي مازن شباط: "ارتبط حي الصالحية ومنطقة الشعلان بمطعم بوز الجدي، قبل أن تشهد تلك المناطق أسواقاً عصرية ومحال متنوعة، كان دليل المنطقة و"جادات الصالحية" مطعم بوز الجدي".
اقــرأ أيضاً
كتب المربي محمد أمير، أنه ورغم "مناعتنا الخارقة لأخبار الموت والموتى التي تتداعى علينا، كما تتداعى الأكلة إلى قصعتها، فإن حزني على حج عبدو اليوم، يفوق حزني فيما لو فقدنا قلعة حلب".
ويتابع في رثائه لبائع الفول: "منذ أن فتحت عيني على الدنيا وأنا أعرف حج عبدو الفوال. وكأن عمره يمتد لآلاف السنين. هكذا كنا نعرف اسمه (حج عبدو الفوال) ولا نعرف لقبه، إذ كان يمثل الشخصية الحلبية في أعز صفاتها وأجملها وأرقاها، من الدأب في العمل، الدماثة، الطيبة، خفة الظل".
وكان عبد الرزاق المصري، بائع الفول الشهير في منطقة الجديّدة الحلبية، من المعالم الهامة في المدينة، إذ لا تُحسب زيارة السياح، بمن فيهم الأوروبيون، لحلب، إن لم يزوروا مطعم الفوال، وكذا بالنسبة للمسؤولين الذين كان حج عبدو، يحتفظ بصور بعضهم، خلال تناولهم الفول في مطعمه، بمن فيهم رؤساء وزارات.
ويقول الإعلامي جمال مامو لـ "العربي الجديد" إنه "من طقوس حلب التي قد لا يعرفها كثيرون، أن أسماء العائلات انعكست على المهنة، مثل المهروسة بالحلويات والسيرجية بالطعام، حتى باتت علامات تجارية يتسابق أفراد تلك العائلات لاستغلالها خلال أعمالهم".
ويشير مامو إلى أن حج عبدو الفوال، ورث المحل ومهنة بيع الفول التي لم يدخل عليها أطعمة أخرى على عكس المطاعم التي تسعى للتنويع، عن أبيه وجده، ولم يورّث المهنة ويعطِ أسرارها للعاملين معه بالمطعم، إذ يقتصر عملهم على الخدمة، في حين أن أسرار المهنة هي حكر له ولأولاده.
ويضيف مامو أن أحد أولاد حج عبدو افتتح محلا كما أبوه في شارع النيّال في مدينة حلب وابنه الآخر افتتح محلاً آخر بالولايات المتحدة الأميركية، وذلك قبل أن تأتي حرب الأسد على الثورة السورية، لتدمر محل حج عبدو عام 2013.
ويحكي مامو قصصاً عن التقاء أهل حلب والسياح كل صباح في مطعم حج عبدو، بعيداً عن أي اعتبار وانتماء، بل بهدف الالتقاء على الطعام اللذيذ والخدمة المتميزة: "كنا نأكل الفول ونذهب بعده لتناول الشاي عند بائع أيضاً قديم، ولا يقل شهرة عن الفوال وقد ارتبطت أعمالهما ببعضها بعضا".
ثمة مهن سورية، أكسبت أصحابها من الشهرة، ما لم يحققه ساسة ورياضيون وفنانون، فما قيل عن حج عبدو الفوال بحلب، ينسحب أو يزيد عند الحديث عن مطعم "بوز الجدي" في دمشق، والمخصص لبيع الفول أيضاً.
يقول الدمشقي مازن شباط: "ارتبط حي الصالحية ومنطقة الشعلان بمطعم بوز الجدي، قبل أن تشهد تلك المناطق أسواقاً عصرية ومحال متنوعة، كان دليل المنطقة و"جادات الصالحية" مطعم بوز الجدي".
ويروي المهندس المهتم بالتاريخ كيف كان أكل الفول ببوز الجدي، طقساً أكثر منه حاجة، إذ يذهب الدمشقيون باكراً للجادة، فيشترون الخبز المشروح ويدخلون محل بوز الجدي الذي توارثه الحفيد حسام عن جده راغب منذ أكثر من قرن.