حتى لا تسقط التجربة التونسية

01 ابريل 2018
حق التظاهر مشروع ولكن التوقيت مهم (ياسين القائدي/الأناضول)
+ الخط -

مخاطر عديدة تحيط بالتجربة التونسية اليوم، والصعوبات تتزايد في كل المجالات والقطاعات، تحديداً بما يتعلق بحياة الناس اليومية. فقد استفاق التونسيون، أمس الأحد، على زيادة جديدة في أسعار المحروقات، مضافة إلى اشتعال الأسعار الأخرى وتراجع القدرة الشرائية، بينما تلوح أيام مقبلة أصعب في ما يتعلق بالملفات الاجتماعية والاقتصادية. كل ذلك، بعدما ظهر للجميع أن صندوق النقد وبقية المؤسسات المالية الدولية قد أحكمت قبضتها على البلاد.

ولكن ليس من حق التونسيين أن يلوموا أحداً في ذلك عدا أنفسهم، فقد عطلوا موارد رزقهم وخرّبوها بأيديهم وأيدي سياسييهم. وكشفت الأرقام أن مليارات الدولارات أُهدرت بسبب الإضرابات والاعتصامات، ولسنا في معرض الحديث عن حق الإضراب المشروع، ولكننا أخطأنا التوقيت كما في كل مرة، وضللنا الطريق إلى الحوار وعطّلناه بسبب تعنّت مسؤولين هواة في التفاوض وإدارة المجموعات. مع العلم أن قيادة الناس فنّ يتراكم مع السنوات والتجارب، بينما نوقف الحياة إلى أن نتفق. والغريب أننا نتفق في النهاية ولكن بعد أن نكون قد أهدرنا وقتاً ومالاً لا يُقدَّر.

غير أن الخطورة ليست في الأرقام فحسب، ولعلها الأقل تأثيراً في مسيرة الشعوب القادرة دائماً على تجاوز صعوباتها الاقتصادية إذا قررت ذلك، ولكنها تكمن في تخريب المناخ السياسي، وتثبيت القطيعة، وزرع بذور الأحقاد والكراهية. وهو ما عاينه التونسيون بألم كبير، وهم يتابعون بعض نوابهم المنتخبين الذين كالوا لبعضهم تهماً جزافاً، وهتكوا أعراض بعضهم في مشهد تعيس ومخيف. حتى أن المعهد العربي لحقوق الإنسان أصدر بياناً دعا فيه إلى "إيقاف الموجة الخطيرة من الانزلاق في العنف وهتك الأعراض والتشهير بالمنافسين أو المعارضين"، بسبب ما شهده النقاش خلال الفترة الأخيرة، حول مآل مسار العدالة الانتقالية وهيئة الحقيقة والكرامة، من تصاعد للخلافات والصراعات التي تحولت بسرعة إلى خطابات تحريضية وحاملة للكراهية والعنف المعنوي وحتى المادي. والمفروض هو أن نتعلم ممن انتخبناهم وأمنّاهم على مصائرنا ومصائر أبنائنا، لا أن نعلمهم كيف يتحاورون ويختلفون، خصوصاً نحن الذين كرّمنا العالم ذات يوم لأننا نحسن الحوار.