حبيبة الغريبي لـ"العربي الجديد": قرار الإمارات صدمني.. وأنا "عليسة قرطاج"

30 ديسمبر 2017
+ الخط -
بطلة تونسية وعربية وأفريقية وعالمية وأولمبية، هذه هي "الغزالة التونسية"، والنجمة حبيبة الغريبي، بطلة ألعاب القوى المميزة التي كشفت الكثير لـ"العربي الجديد" في حوار حصري. 

*أين أنت في الفترة الأخيرة فاسمك يكاد يغيب؟
كانت الفترة الأخيرة صعبة جداً بالنسبة لي بعد أن تعرضت لإصابة في البطولة العربية لألعاب القوى التي جرت فعالياتها في تونس (في الفترة ما بين 15 و18 يوليو/تموز 2017) ما اضطرني للخضوع لراحة مطولة نسبيا أجبرتني على عدم المشاركة في بطولة العالم ونهائي الدوري الماسي.

*لكنها كانت فرصة لفرحة العمر بالنسبة لك للاحتفال بزفافك؟
(أجابت مبتسمة) صحيح كانت فرصة بالنسبة لي، ولو أن الزواج كان مبرمجا قبل موعد سبتمبر/أيلول من هذه السنة. قبل الإصابة كنت أتساءل كيف سأستعد للزواج والوقت قصير، إلا أن الإصابة مكنتني من الاستعداد كما أردت ورب ضارة نافعة كما يقول المثل.

*بعد العالمية والعرش الأولمبي بماذا تحلم حبيبة الغريبي؟
العالمية والعرش الأولمبي هما أكبر إنجاز ممكن لأي رياضي في العالم، وأنا حققت ذلك، لم تعد تنقصني إلا ميدالية واحدة في ألعاب البحر الأبيض المتوسط في إسبانيا، وسأعمل على الفوز بها في الدورة المقبلة في سباق ثلاثة آلاف متر موانع، وأحلم أيضا بمنصب في المستقبل يليق وحجم إنجازاتي الرياضية لخدمة بلادي وخاصة الرياضات الفردية.

*من أين تأتي حبيبة بكل هذه الرغبة في النجاح وتحدي المصاعب؟
منذ صغري كنت أرفع شعار التحدي ولا أطمح إلا للنجاح، حتى أكون صادقة معك اعترضتني في مسيرتي الرياضية مصاعب كثيرة اعتمدت على التحدي كسلاح لتجاوزها، وأنا في تحدٍ مع نفسي قبل أن أتحدى المنافس، أو مثلما نقول في ألعاب القوى الفوز الأول هو الانتصار على الذات، رياضة ألعاب القوى كلها تحديات وتضحيات سواء في التمارين أو خلال المنافسات، الأمر الذي مكنني من اكتساب عزيمة قوية وشخصية أقوى، باختصار: التحدي هو جزء مني.

*حصدت العديد من الألقاب، ما هو أفضل تتويج في مسيرتك الرياضية؟
أفضل تتويج في حياتي هو حصولي على الميدالية الأولمبية في سباق ثلاثة آلاف متر موانع في دورة الألعاب الأولمبية لندن 2012، والتي اكتفيت فيها بالميدالية الفضية قبل أن يظهر الحق بعد خمس سنوات، ويأتي قرار المحكمة الرياضية الدولية بتجريد الروسية يوليا زاريبوفا من الميدالية الذهبية بعد ثبوت تناولها المنشطات أثناء بطولة العالم 2011 وكذلك أولمبياد لندن 2012 وجردتها من الميداليتين الذهبيتين وقررت منحها رسميا لي.

كان للتتويج طعم مختلف، خصوصا بعد إصرار اللجنة الأولمبية الدولية على الحضور إلى بلدي لتسليمي الميداليتين في يوم تاريخي شهد حضور عائلتي وأصدقائي، تلك الميدالية بحق إنجاز كبير بالنسبة لي باعتبار أنني كنت أول امرأة تونسية تحصد هذا التتويج في دورة أولمبية، كان شرفا للرياضة التونسية والعربية في ذات الوقت.

*نجاحك الكبير رياضياً أعطاك مكانة كبيرة من بين نساء تونس؟
النجاح تذكرة سفر لكل دول العالم. لقد سبقني البطل الكبير محمد القمودي الذي يحظى بشرف إهداء تونس والعرب والأفارقة أول ميدالية أولمبية في دورة ألعاب طوكيو 1964 بتتويجه بالميدالية الفضية لسباق 10 آلاف متر، القمودي قدوتي على الصعيد الشخصي وأفتخر به كثيرا، وهو سفيرنا في الرجال، حاله حال أسامة الملولي بطل السباحة، شخصيا أتمنى أن أكون أول امرأة سفيرة للرياضة التونسية، وأن يخلد اسمي كبطلة في تونس وفي الوطن العربي والعالم بأسره.

*هل تعزين سبب النجاح للتخطيط السليم أم لقوة التحدي مع نفسك؟
للأسف ينقصنا التخطيط السليم والاستراتيجيات المؤثرة لصناعة الأبطال، فنحن في الوطن العربي لا نزال بعيدين عن صناعة أبطال الرياضة على غرار الدول الأخرى. بالنسبة لي كان الأمر مختلفا باعتباره تحديا شخصيا، ومع هذا لا يمكنني نسيان من ساندني وآمن بقدرتي على  النجاح، خاصة أنني تحديت الصعاب وحققت كل أحلامي الرياضية بإنجازات غير مسبوقة. أضف أن مشكلة تونس والوطن العربي ككل تكمن في أننا لا نساند الرياضي إلا بعد تحقيقه النجاح والتتويج، لكن الأمر الصحيح هو دعمه منذ البداية ومساعدته على تخطي الصعاب.

*أنت النجمة العربية الوحيدة التي حصدت النجاحات على جميع المستويات، فماذا يعني لك ذلك؟
هذا صحيح، عدة بطلات عربيات حققن إنجازات كبيرة، لكن اليوم يمكن التأكيد أنني الرياضية العربية الوحيدة الأكثر استمرارا في المشاركات بمختلف البطولات؛ إذ لم أنقطع عن ذلك منذ عام 2000، و بدأت أظهر بشكل لافت منذ عام 2004 تقريبا على المضمار لمدة 13 عاما، وهذه الاستمرارية من الصعب أن تجد لها نظيرا؛ ليس في العالم العربي فحسب، وإنما حتى على مستوى العالم. اليوم أنا فخورة بأنني المرأة الرياضية التونسية التي حققت نجاحات غير مسبوقة في مجال اختصاصي. غير أن طموحي لم ينته بعد، بل ما زال لدي الكثير لتحقيق المزيد من النجاحات.

*كامرأة تونسية كيف تلقيت قرار "الخطوط الإماراتية" بمنع النساء التونسيات من الصعود على متن رحلاتها؟
شعرت بالاستياء، لأن القرار الصادر مسّ كرامة المرأة التونسية، التي أعتبرها شخصيا أقوى النساء العربيات حضورا وتأثيرا في المجتمع ونجاحا وتقدما؛ وبوصفي رياضية وقع تكريمها في الإمارات فإن ما حدث أصابني بالدهشة لإني لمست فيه تناقضا، ومهما كانت دواعي هذا القرار فأنا متضامنة مع المرأة التونسية.

*هل تدافعين عن انتقادك لمثل هذا القرار لكونك تونسية؟
كان قرار الإمارات صادما وغريبا وغير مفهوم، بل إن فيه مسا بكرامة المرأة العربية قبل التونسية، ما أود معرفته الدوافع التي جعلت الإمارات تتخذ مثل هذا القرار، لدي العديد من الأصدقاء في الإمارات وهناك جالية تونسية كبيرة تقيم هناك، بكل صدق الإمارات بقرارها ذلك أهانت المرأة التونسية.

*هل أقلقتك الإشاعات الكثيرة التي رافقت ذلك القرار؟
قطعا لا، لأن العالم بأسره يشهد بقيمة المرأة التونسية، فهي أثبتت إبداعاتها في كل المجالات وتشارك الحياة مع الرجل بامتياز وفي عدة مجالات لم تصل إليها بعض الدول العربية إلى يومنا هذا، كالسياسة وقيادة الطائرات والطب والإعلام وغيره.

*بعد نهاية مشوارك الرياضي إلى أين ستتجهين؟
لم أفكر بعد في ذلك الأمر، أمامي بعض العروض والمقترحات لمشاريع مختلفة، عندما أنهي مشواري الرياضي سوف أتخذ القرار المناسب، لكن كل هدفي اليوم وغدا هو خدمة بلادي مهما كان المنصب الذي أشغله.

*هل تميل حبيبة للتدريب أم لمسؤولية إدارية؟
لا أملك إجابة نهائياً، أريد أن أنسج على منوال البطلة المغربية نوال المتوكل التي ساهمت من موقعها في خدمة بلادها، وهذا ما أراه واجب كل بطلة تجاه بلدها بعد الاعتزال.

*هل تشعرين بأن الاعتزال بدأ يدق بابك؟
لا، لم أفكر في الاعتزال ولم يخطر في بالي أبداً. أنا أضع هدفا نصب عيني، وهو دورة الألعاب الأولمبية القادمة 2020 كما تنتظرني بطولة العالم في الدوحة عاصمة قطر عام 2019.

*ذكرت مونديال قطر لألعاب القوى في عام 2019، ماذا تنتظرين منه تنظيمياً ورياضياً؟
أعرف قطر جيدا، وقد خضت فيها العديد من المعسكرات وزرتها في مناسبات عديدة، لديها أقوى وأهم المراكز التدريبية على غرار "أسباير"، أضف إلى هذا أنهم ينظمون بنجاح الدورات الكبيرة مثل جولة الدوري الماسي كل عام في شهر مايو/أيار، لذلك متأكدة بأن التنظيم سيكون على أعلى المستويات ليحقق نجاحا مبهرا..سأكون فخورة جداً بأن قطر كبلد عربي تنظم مثل تلك البطولة المهمة، فهم اليوم ينافسون أقوى الدول في العالم على مستوى النجاح الرياضي تنظيمياً وحتى على المستوى الطبي من خلال "أسبيتار".

*بعيدا عن الرياضة، كيف تعيش حبيبة الغريبي حياتها؟
أعجبني هذا السؤال، أقول إن حياتي منتظمة بالوقت، لا أجد الوقت الكافي للحياة الخاصة، لأن كل الساعات تقريبا مكرسة للرياضة، فعلى سبيل المثال حينما أسافر لبلد معين، تجدني لا أتمكن من الزيارات السياحية كالمتاحف أو حتى التسوق، ما يدل على أني أسافر للرياضة حصرا وليس للتنزه أو السياحة.

*من هي "خليفة" حبيبة الغريبي؟
لم أشاهد أسماء كبيرة حتى الآن، رغم أني تابعت قبل فترة وجيزة لاعبة تونسية في بطولة للناشئات بنفس السباقات التي أخوضها وأعجبت بها، وأرى أنها ستكون بطلة مستقبلية، لكن الأهم هو متابعتها وصقل موهبتها، وتوفير كل سبل النجاح لها، لأن الأمر مقترن بالإعداد المثالي، فعلى المستوى الشخصي حظيت بالمدرب عادل الحفيظ، ونحن نعمل معاً منذ 7 سنوات وقد اكتسبت منه الخبرة، وفي النهاية أتمنى أن أخدم بلادي في المستقبل وأساهم في تأسيس "بطلة جديدة" تكون بمواصفات ونجاحات حبيبة الغريبي بل وأكثر.

*ماذا تغير في حبيبة الغريبي بعد الزواج ؟
لقد حقق الزواج التوازن بالنسبة لي كرياضية، ولكن لم يوفر لي الوقت الكافي لأتفرغ تماما لشؤون المنزل بصراحة، لقد عدت للتدريبات بعد يومين فقط من حفل زفافي، وأنا موجودة الآن في جنوب أفريقيا في معسكر إعدادي للاستحقاقات المقبلة. الزواج مشروع حياة وما يزال أمامي الوقت لأعيش السعادة الزوجية.

*لو لم تكوني رياضية ماذا كان يمكن أن تكوني؟
ربة بيت ممتازة.

*لو كنت بطلة لفيلم ماذا سيكون اسمه؟
الحقيقة أنا اليوم بطلة فيلم حقيقي ولو أنه في آخر مراحله.. فحياتي ومسيرتي تصلح قصة في فيلم أو رواية في كتاب.

* لو خُيرت بمكان ولادتك، فماذا تختارين؟
لا يمكن أبدا أن أبدل مكان ولادتي. ولدت في القيروان (وسط تونس وتعرف بعاصمة الأغالبة). وأنا فخورة ومعتزة بهذه الولاية أرض والدي وجدودي. وجدي كان فارسا ونجح في حياته.

*ما هو الاسم الجديد الذي من الممكن أن تختاريه؟
عليسة قرطاج.

*أشياء تمنت حبيبة أن تكون في شخصيتها؟
ما أتمناه موجود في شخصيتي؛ فأنا صاحبة شخصية قوية لكنني حساسة بعض الشيء وطيبة.. لا أعرف؟ ربما يجب أن أكون أكثر صعوبة مما أنا عليه.

المساهمون