قال محافظ مصرف لبنان المركزي رياض سلامة، لشبكة "سي أن بي سي"، إنه يريد مساعدة البلاد في أوقات الشدة ولن يستقيل، وشرح: "لا يمكنك الاستقالة خلال الأزمات، لأنه يبدو وكأنك تبتعد عن المهمة التي يتعين عليك القيام بها".
وأضاف: "لا أريد الاستقالة لأنني أواصل ما يدور في ذهني، كاستراتيجية للخروج من هذه الأزمة، وأنا آسف لإحباط أولئك الذين ينشرون الشائعات حول استقالتي كل يوم" .
وتابع أنه خلال السنوات السبع والعشرين التي قضاها في منصبه أبقى "هذا البلد واقفا على قدميه بينما يخوض الحروب مرورا بالاغتيالات والصراع الأهلي". وقال سلامة إن البنوك التي قيدت الحصول على الودائع ستغادر السوق إذا لم تتمكن من زيادة رأسمالها بنسبة 20% بحلول فبراير/ شباط.
وبصرف النظر عن وباء فيروس كورونا والمشاكل الاقتصادية المستمرة، لا تزال البلاد تعاني من تبعات انفجار هائل حصل خلال الشهر الماضي في بيروت وأودى بحياة حوالي 200 شخص، نتيجة تخزين 2750 طنًا من نترات الأمونيوم في مستودع في مرفأ بيروت، من دون اتخاذ إجراءات الأمان. وبحسب تقرير للبنك الدولي، يُقدر أن الانفجار كلف أضرارًا تبلغ 4.6 مليارات دولار.
واستقالت الحكومة بشكل جماعي بعد الغضب من الانفجار المدمر الذي أسفر عن إصابة أكثر من 6000 شخص وتشريد 300 ألف شخص. واستقال رئيس الوزراء حسان دياب من منصبه في أعقاب المأساة، وألقى باللوم في الكارثة على الفساد المستشري. وتم اختيار مصطفى أديب، السفير السابق لدى ألمانيا، الأسبوع الماضي، لتشكيل حكومة جديدة، رغم أن العديد من اللبنانيين غير مقتنعين بأنه سيحدث تغييرًا حقيقيًا في النظام السياسي في البلاد.
وأشار سلامة إلى أن الأشهر العشرة الماضية لم تكن سهلة، لافتاً إلى عدة عوامل، من بينها العقوبات المفروضة على لبنان، وإغلاق القطاع المصرفي، وتعثر الحكومة في سداد الديون، وفيروس كورونا. ودافع سلامة عن جهوده قائلا: "أنا المحافظ الذي حاول بالوسائل المتاحة لدينا الحفاظ على النظام وعدم تركه ينهار".
واهتزت سمعة رئيس مصرف لبنان أخيرًا نتيجة التقارير التي تفيد بأنه ضخم أصول البنك المركزي بأكثر من 6 مليارات دولار في عام 2018. واستشهدت كل من فاينانشيال تايمز ورويترز بحسابات مالية مدققة، وقالتا إن البنك المركزي سجل أصولا بلغت 6.8 مليارات دولار وصفتاها بأنها "ضريبة الاستقرار المالي"، أو ربح حققته الحكومة عندما كانت تطبع النقود. وقال خبراء البنوك المركزية إن الأصول استخدمت لإخفاء الخسائر في القروض للحكومة.
لكن سلامة قال إن أزمة البلاد ليست ناتجة عن القرارات والسياسة النقدية. وأضاف أن احتياطيات البلاد كانت تتزايد قبل أن تبدأ مشاكلها المالية، "السياسة النقدية كانت تملأ الفجوة للحفاظ على هذا البلد واقفا على قدميه".
وقال سلامة أيضا إن البنك المركزي لم يتسبب في عجز مزدوج في البلاد، عجز الحساب الجاري والعجز المالي، الذي كلف لبنان 81 مليار دولار. وتابع "لم نخلق عجزا في الموازنات.. لطالما طالبنا بخفضه".
ويعاني لبنان منذ فترة طويلة من أزمة اقتصادية، حيث بلغت نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي لعام 2019 حوالي 155%، ما يجعله ثالث أكبر بلد مثقل بالديون في العالم بعد اليابان واليونان. وفقدت الليرة اللبنانية أكثر من 80% من قيمتها مقابل الدولار في السوق السوداء بين أكتوبر/ تشرين الأول وتموز/ يوليو، وبلغ معدل البطالة في لبنان أكثر من 30% في نهاية مايو/ أيار.