اختارت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي، مساء الإثنين، وزير الصحة جيريمي هانت لمنصب وزير الخارجية الشاغر بعد استقالة بوريس جونسون احتجاجاً على مسار "بريكست".
وتعد استقالة جونسون ثاني هزّة تتعرض لها الحكومة البريطانية خلال 24 ساعة، بعد أن استقال وزير "بريكست" ديفيد ديفيز.
ويمتلك جيريمي هانت باعاً طويلاً في السياسة البريطانية، إذ شغل عدّة مناصب وزارية منذ وصول المحافظين إلى رئاسة الوزراء عام 2010، كما أنه يمتلك رقماً قياسياً في وزارة الصحة البريطانية، إذ إن السنوات الست التي قضاها على رأس الوزارة تعد الأطول في تاريخ بريطانيا.
وبدأ هانت (51 عاماً) حياته السياسية عام 2005، عندما دخل البرلمان ممثلاً عن دائرة ساري جنوب بريطانيا عن حزب المحافظين. وبعد وصول ديفيد كاميرون إلى زعامة حزب المحافظين، وهما الزميلان السابقان في جامعة أكسفورد، عيّن كاميرون هانت وزيراً لذوي الاحتياجات الخاصة في حكومة الظل، التي يشكلها عادة أكبر أحزاب المعارضة في البرلمان البريطاني، وليجعله بعد ذلك وزيراً للثقافة عام 2007.
ومع نجاح حزب المحافظين في الانتخابات العامة عام 2010، تسلم هانت حقيبة الثقافة والإعلام والرياضة في الحكومة الائتلافية التي ضمت حزب المحافظين، وحزب الديمقراطيين الأحرار. واستمر هانت في منصبه حتى نهاية الألعاب الأولمبية التي أقيمت في لندن عام 2012، وليستلم بعدها وزارة الصحة.
واتسمت سنواته الست في وزارة الصحة بالكثير من الانتقادات، التي تنبع من سياسة التقشف التي اتبعتها حكومة المحافظين، بهدف خفض الإنفاق العام، وأهمها أزمة تمويل الخدمات الصحية الوطنية البريطانية. إلا أنه تمكن بعد سنواته الست على رأس الوزارة من اقتطاع تعهد من رئاسة الوزراء بتوفير 20 مليار جنيه إسترليني لمصلحة الخدمات الصحية.
ويختلف هانت عن سلفه جونسون بنواح عدّة، فعدا عن خبرة هانت الطويلة في السياسة البريطانية وطبيعته الأكثر هدوءاً، مقارنة بجونسون، فقد كان هانت من مؤيدي البقاء في الاتحاد الأوروبي خلال الاستفتاء على عضويته عام 2016. وبتعيينه في وزارة الخارجية التي كانت من حصة مؤيدي البريكست، تكسر ماي التوازن الذي كانت قد فرضته على حكومتها بتعيين الوزراء من التوجه ذاته نحو بريكست بعد كل تغيير حكومي. وربما يعود قرارها ذلك إلى حزم رئيسة الوزراء رأيها بسلك طريق "بريكست" مخفف وبالتالي لا تحتاج وجود شخصيات مؤيدة للبريكست المشدد في مناصب سيادية مثل وزارة الخارجية.
وجاءت أولى إشارت التأييد الذي ترغب فيه ماي في تصريحات هانت الأولى، بعد تسلمه منصبة الجديد؛ فقد أعلن مساء أمس عن وقوفه التام خلف رئيسة الوزراء "كي نتمكن من التوصل إلى اتفاق مع الاتحاد الأوروبي مبني على ما توفقت عليه الحكومة الأسبوع الماضي في تشيكرز".
وعلى الرغم من عدم اطلاعه مسبقاً بمناصب تتعلق بالسياسة الخارجية البريطانية، إلا أن لهانت تصريحات عدّة تكشف عن مواقفه من قضايا المنطقة العربية.
وفي ما يتعلق بالقضية الفلسطينية، عبّر هانت عن قلقه من انتهاك حقوق الفلسطينيين ومن الخطط الإسرائيلية لإزالة القرى الفلسطينية في الضفة الغربية بما فيها آخر حلقاتها في خان الأحمر، قائلاً: "إن عمليات التدمير وتهجير الفلسطينيين من منازلهم تتسبب بمعاناة غير ضرورية للفلسطينيين العاديين، وتضع التزام إسرائيل بحل الدولتين محط تساؤل. كما أنها تخالف القانون الدولي في معظم حالاتها".
إلا أن هانت عبّر عن معارضته أيضاً حملة مقاطعة دولة الاحتلال، "إني على ثقة بأن الحكومة البريطانية ملتزمة بتعزيز روابط التجارة والأعمال مع إسرائيل ولذلك فإني أعارض بشدة حركة المقاطعة".
أما بخصوص سورية، فقد انتقد هانت حملة رئيس النظام بشار الأسد على الغوطة الشرقية والفظائع التي ارتكبتها بحق المدنيين. إلا أن هانت كان قد زار دمشق عام 2007 لثلاثة أيام بدعوة من الجمعية السورية البريطانية التي يترأسها فواز الأخرس، والد زوجة بشار الأسد، والذي يحمل الجنسية البريطانية.
وعلى الرغم من أن الزيارة جاءت ضمن الفترة التي شهدت محاولة الغرب دفع نظام الأسد لإجراء المزيد من الإصلاحات السياسية في البلاد، قد يلجأ نظام الأسد إلى مثل هذه العلاقات التي شكلها قبل بدء الثورة ضد حكمه.
كما كان هانت قد أدان "حزب الله" اللبناني هذا العام، عندما وصف معتقداته بأنها "مقرفة ومثيرة للغضب"، ومطالباً بإدانته في جميع الفرص.
وفي الشأن اليمني، فقد كان هانت مع الأصوات التي تطالب الحكومة البريطانية بتحسين الظروف الإنسانية في البلد الذي تضربه الحرب منذ ثلاثة أعوام. ولكنه تجنب الإشارة إلى مبيعات الأسلحة إلى السعودية وخروقات حقوق الإنسان التي ترتكبها قواتها.