جون لاكوتور: عمر في حياة الآخرين

توفي الكاتب والمؤرخ والصحافي الفرنسي الشهير بتأييده للقضايا العربية، جون لاكوتور (1921 - 2015) بعد معاناة طويلة مع المرض. ويعتبر الراحل واحداً من أبرز الكتاب والصحافيين الفرنسيين في القرن العشرين.

عُرف لاكوتور بدفاعه عن استقلال المستعمرات الفرنسية خاصة الجزائر. وهو من أول المندّدين بالعدوان الثلاثي على مصر، حيث كان وقتها مراسلاً لصحيفتي "لومند" و"فرانس سوار" في القاهرة بعد ثورة يوليو 1952.

ظلّ صاحب كتاب "ناصر" في القاهرة حتى نوفمبر 1956 وكان على صلة قوية بجمال عبد الناصر، الذي حاوره أكثر من مرة، ومجمل أعضاء مجلس قيادة الثورة المصرية آنذاك.

وقبل هذا الفصل المصري من سيرته، عاش لاكوتور فترة المقاومة الفرنسية للاحتلال النازي كمقاوم سرّي، وشارك في القتال إلى جانب الجنرال لوكلير.

وفي العام 1946، سافر الصحافي إلى فيتنام، حيث نشر سلسلة تحقيقات عن الحرب الفرنسية هناك، تدفعه مناصرته للثوار الفيتناميين وقائدهم هو شي منه.

وبالموازاة مع اشتغاله في صحافة التحقيقات، تخصّص لاكوتور في كتابة سير الزعماء السياسيين، وبرع في رسم بورتريهات للجنرال دوغول وأندريه مالرو وفرانسوا ميتران.

كما نشر كتاباً حقّق شهرة كبيرة في فرنسا تحت عنوان "فاقدو الصبر في التاريخ"، تناول فيه سير 14 شخصية زاولت مهنة الصحافة، وأثرت على تجربته الشخصية منهم فرانسوا مورياك وألبير لندن وكاميل دو مولان وهو صحافي بارز أُعدم خلال الثورة الفرنسي.

وفي شهر أيار/ مايو الماضي وهو في عز معاناته مع المرض، قام لاكوتور بالتفاتة قلّ نظيرها في الوسط الفرنسي، إذ أهدى مجمل مخطوطاته ووثائقه الشخصية لمكتبة الإسكندرية عربوناً لمحبته لمصر وتاريخها وثقافتها.

وتميز لاكوتور، أسوة برواد الصحافة الفرنسية في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية، بمزاوجة دقيقة بين الأسلوب الأدبي الكلاسيكي ومبادئ التحقيق الصحافي مع خلفية سياسية يسارية واضحة.