إذا كان هناك مُسمّى مُمكن للعصر السينمائي الذي نعيش فيه، فسيكون بالتأكيد "زمن النوستالجيا"، وإعادة إنتاج الأفكار القديمة بشكل حداثي. يمكن ملاحظة ذلك في كل المشاريع الكبرى على شاشة السينما خلال الأعوام الأخيرة. أي إعادة إحياء الكلاسيكيات مثل "حرب النجوم" أو "بليد رانر"، أو تحويل أفلام الرسوم المتحركة لـ"لايف أكشن"، مثل "كتاب الأدغال" أو "الجميلة والوحش"، أو إنتاج أجزاء ثانية لعالم قديمٍ أحبّه المشاهدون منذ سنوات، مثلما حدث مع حديقة "الديناصورات"، ويحدث الآن مع فيلم "جومانجي: مرحباً في الغابة".
الجزء الأصلي من الفيلم صدر عام 1995، ويعتبر من أشهر أفلام المغامرات خلال التسعينيات. تدور قصته حول طفلين يجدان "بورد جيم" قديمة تستدعي شخصية محبوسة داخلها، ثم عالما من الحيوانات والأحداث الغريبة. في الجزء الجديد (ويعتبر إحياء لنفس العالم دون صلة مباشرة بالعمل الأصلي) هناك 4 مراهقين يجدون "فيديو جيم" قديما تلك المرة، وعندما يَفتحونها، يجدون أنفسهم يُسحبُون إلى داخل لعبة الفيديو، في عالم الغابة والأشرار، وكل منهم في شخصيّة جديدة مختلفة عنه، مع هدف إتمام المهمة من أجل استعادة حيواتهم الأصلية.
أبرز مميزات هذا الفيلم هو أنه ليس "إعادة صنع" للعمل الأصلي، بل تكملة له، فهو لا يتبع نفس النمط، بقدر ما يأخذ المعطيات ذاتها، وصنع بها شيئاً جديداً بمساحة من الابتكار والاختلاف. فالذهاب إلى العالم الخيالي بدلاً من قدومِ كائنات العالم الخيالي إليهم، غيّر في شكل القواعد، وخلق لحظات فريدة وذكية جداً، أبرزها وأهمها، فكرة وجود الأبطال في أجساد متناقضة مع صفاتهم الأصلية. الشخص الأجبن يكون متواجداً في جسد داوين جونسون مفتول العضلات. والشخص الأشجع والأقوى في الحياة الحقيقية، يحاصر في جسد كيفين هارت داخل اللعبة. ثم الكوميديا الأبرز، إذْ أن فتاة الإنستغرام المهووسة بحياتها الإلكترونية وشكلها، تتحول في "جومانجي" إلى الممثل جاك بلاك.
ورغم أن تلك الفكرة الكوميدية ليست أصيلة بشكل كامل (إذْ أن تحوُّل فتاة مهووسة بجمالها إلى شخص بدين موجود في الفيلم المصري "بنات العم" بشكل مطابق)، إلا أن الفيلم يستفيد منها في خلق "ثيمته" الأساسية عن إعادة اكتشاف ذواتنا إذا تواجدنا في عالمٍ آخر، والفارق الواضح بين جوهرنا وما نبدو عليه. والأهم من ذلك أنه يصنع من فكرة "الجوهر والشكل" لحظات مضحكة إلى أبعد حد ممكن، وتحديداً بسبب اجتهاد وذكاء معتاد من قبل "ذا روك" في التعامل مع دوره والكوميديا التلقائية حين يؤدي، بجسد المصارع الذي يملكه، تعبيرات شخص جبان وخائف. وفي مقابل ذلك أداء رائع وجذاب جداً من جاك بلاك، فهو كالمعتاد واحد من أبرز كوميديانات السينما الأميركية خلال العقدين الأخيرين.
من جهة أخرى، يفشَل الفيلم في صنع الدهشة والمفاجأة التي كانت سبباً في نجاح الجزء الأول مع أجيال متعاقبة؛ أن يكون ما يحدث جديداً، وأن تكون صورة الفيلة التي تسير في شوارع المدينة الحديثة مبتكرة، ولم يرها المتفرج من قبل. عالم المغامرة هنا معتاد جداً، وشرير الفيلم نمطي، ولا يثير الاهتمام بأي درجة. ورغم بعض الأفكار الذكيّة هنا وهناك في تصميم المهمة، وما يجب على الشخصيات فعله، ورغم الاستفادة أحياناً من أننا، في النهاية، داخل لعبة "فيديو جيم"، إلا أنّ المحصلة النهائيّة كانت ضعيفة في جزئية الحركة والمغامرة والقتال، خصوصاً مع غياب كبير لأهميّة الحيوانات وتداخلها في الحكاية وتفاعلها مع الشخصيات.
اقــرأ أيضاً
الجزء الأصلي من الفيلم صدر عام 1995، ويعتبر من أشهر أفلام المغامرات خلال التسعينيات. تدور قصته حول طفلين يجدان "بورد جيم" قديمة تستدعي شخصية محبوسة داخلها، ثم عالما من الحيوانات والأحداث الغريبة. في الجزء الجديد (ويعتبر إحياء لنفس العالم دون صلة مباشرة بالعمل الأصلي) هناك 4 مراهقين يجدون "فيديو جيم" قديما تلك المرة، وعندما يَفتحونها، يجدون أنفسهم يُسحبُون إلى داخل لعبة الفيديو، في عالم الغابة والأشرار، وكل منهم في شخصيّة جديدة مختلفة عنه، مع هدف إتمام المهمة من أجل استعادة حيواتهم الأصلية.
أبرز مميزات هذا الفيلم هو أنه ليس "إعادة صنع" للعمل الأصلي، بل تكملة له، فهو لا يتبع نفس النمط، بقدر ما يأخذ المعطيات ذاتها، وصنع بها شيئاً جديداً بمساحة من الابتكار والاختلاف. فالذهاب إلى العالم الخيالي بدلاً من قدومِ كائنات العالم الخيالي إليهم، غيّر في شكل القواعد، وخلق لحظات فريدة وذكية جداً، أبرزها وأهمها، فكرة وجود الأبطال في أجساد متناقضة مع صفاتهم الأصلية. الشخص الأجبن يكون متواجداً في جسد داوين جونسون مفتول العضلات. والشخص الأشجع والأقوى في الحياة الحقيقية، يحاصر في جسد كيفين هارت داخل اللعبة. ثم الكوميديا الأبرز، إذْ أن فتاة الإنستغرام المهووسة بحياتها الإلكترونية وشكلها، تتحول في "جومانجي" إلى الممثل جاك بلاك.
ورغم أن تلك الفكرة الكوميدية ليست أصيلة بشكل كامل (إذْ أن تحوُّل فتاة مهووسة بجمالها إلى شخص بدين موجود في الفيلم المصري "بنات العم" بشكل مطابق)، إلا أن الفيلم يستفيد منها في خلق "ثيمته" الأساسية عن إعادة اكتشاف ذواتنا إذا تواجدنا في عالمٍ آخر، والفارق الواضح بين جوهرنا وما نبدو عليه. والأهم من ذلك أنه يصنع من فكرة "الجوهر والشكل" لحظات مضحكة إلى أبعد حد ممكن، وتحديداً بسبب اجتهاد وذكاء معتاد من قبل "ذا روك" في التعامل مع دوره والكوميديا التلقائية حين يؤدي، بجسد المصارع الذي يملكه، تعبيرات شخص جبان وخائف. وفي مقابل ذلك أداء رائع وجذاب جداً من جاك بلاك، فهو كالمعتاد واحد من أبرز كوميديانات السينما الأميركية خلال العقدين الأخيرين.
من جهة أخرى، يفشَل الفيلم في صنع الدهشة والمفاجأة التي كانت سبباً في نجاح الجزء الأول مع أجيال متعاقبة؛ أن يكون ما يحدث جديداً، وأن تكون صورة الفيلة التي تسير في شوارع المدينة الحديثة مبتكرة، ولم يرها المتفرج من قبل. عالم المغامرة هنا معتاد جداً، وشرير الفيلم نمطي، ولا يثير الاهتمام بأي درجة. ورغم بعض الأفكار الذكيّة هنا وهناك في تصميم المهمة، وما يجب على الشخصيات فعله، ورغم الاستفادة أحياناً من أننا، في النهاية، داخل لعبة "فيديو جيم"، إلا أنّ المحصلة النهائيّة كانت ضعيفة في جزئية الحركة والمغامرة والقتال، خصوصاً مع غياب كبير لأهميّة الحيوانات وتداخلها في الحكاية وتفاعلها مع الشخصيات.