جوقة الإعلام المصري تعزف نشازاً

28 مايو 2014
+ الخط -
لحظة الحقيقة أظهرتها صناديق الاقتراع. المصريون عازفون عن الانتخابات. جاء وقع ذلك كالصدمة فوق رؤوس الصحافة المصرية التي واصلت دروسها في التضليل الإعلامي.

وبعد فشل واضح في حشد الجماهير للمشاركة في "المسرحية الانتخابية"، بدا التخبط واضحا في التغطية الاعلامية للانتخابات، ما يجعلنا نتساءل "ماذا حلّ بالملقن المعروف لهذه الصحافة فأصابها بخلل جعلها تعزف أنواعا مختلفة من الألحان وقد عرف عنها لحن واحد منذ الثالث من يوليو/تموز؟

ليس بإمكان الصحافة الحكومية، على ما يبدو، تغيير خطها التحريري مهما كانت حقيقة الواقع، فالأهرام جاء عنوانها اليوم: "إقبال كثيف على اللجان الانتخابية وسط أجواء احتفالية ومدّ التصويت 24 ساعة"، مع نشرها لمجموعة من الصور لشباب يرقص (غير معروف علاقتهم بالانتخابات)، وامرأة تحمل طفلها أمام لجنة انتخابية، وصورة لجندي يتلقى قبلة من طفلة، وصورة "الناخبة المعجزة" لامرأة لا تستطيع الكتابة بيدها، فاستخدمت قدمها للتصويت!

أما صحيفة "روز اليوسف" فكان عنوانها الرئيسي، نقلاً عن الليبيين، قولهم: "نتمنى أن يكون لدينا السيسي"، وتحت المانشيت الرئيسي، استمرت العناوين المبالغة، مثل: "حشود الساعات الأخيرة تحسم التصويت". لكن المبالغة في العنوان أن موعد طباعة الطبعة الأولى للصحيفة يكون في الأساس قبل الساعات الأخيرة للاقتراع.

الصحافة الحزبية: الغرب قال!

صحيفة "الوفد"الحزبية التي استمرت في حالة النكران للواقع والتعامل مع واقع افتراضي لا يراه إلا محررو الصحيفة، تكلمت عن "تصويت كثيف في اليوم الثاني والأعداد تجاوزت الاستفتاء"، مع نشر العلامة المسجلة للمشهد الانقلابي الانتخابي وهو "الرقص بالطبع".

ولم تنس الصحيفة ممولها الدكتور سيد البدوي، رئيس الحزب، مع صورة وتصريح عن "التصويت للاستقرار والتنمية والاستثمار" مع نقل خبر عن الغرب يؤكد أن إقبال الناخبين يدعم رسالة 30 يونيو"، من دون توضيح مصدر أو صاحب هذا الكلام من الغرب.

تناقض في الصفحة الواحدة

وشهدت الصحافة الخاصة بعض الاختلافات في طريقة التغطية، إذ كانت سهام صحيفة "الوطن" موجهة للجنة الانتخابات التي أطلقت عليها صفة "اللجنة العليا لتشويه الانتخابات". وفي موضوع جاء في أسفل صفحتها الأولى، اعتراف بضعف إقبال الشباب على الانتخابات، يقول: "حملة السيسي مسؤولية ضعف إقبال الشباب على التصويت".

وأقدمت صحيفة التحرير على ما يطلق عليه "الشيء ونقيضه"، ففي صفحتها الأولى قالت إن "المشاركة وصلت لعشرين مليون صوت"، من دون توضيح مصدر هذا الرقم. لكن العجيب أن الصحيفة نشرت مقالًا في الصفحة الثانية عنوانه "حملتا السيسي وصباحي تعترفان بالفشل في حشد الناخبين"، وكذلك مقالا يتحدث عن فشل الإعلام، فمن يصدق القارئ، الصفحة الأولى أم الثانية! أما صحيفة "الدستور" التي اختارت وتر المؤامرات الكونية التي تتعرض لها البلاد، فكان عنوانها "مؤامرة قطرية إخوانية قذرة على مصر"، في إشارة ضمنية تعترف بضعف الإقبال وإلقاء اللوم على عناصر خارجية.

صوت مختلف

اللافت لأي متابع للصحافة المصرية في تغطيتها لليوم الثاني من الانتخابات، أن الخط التحريري لصحيفة "المصري اليوم"، كان مختلفاً عن بقية الصحف، فقد جاء العنوان الرئيسي: "10 أسباب تفسر ضعف الإقبال على الانتخابات .. أبرزها الإعلام وحملات المرشحين وغياب الشباب". ثم جاء العنوان الثاني "الدولة تبحث عن صوت والحكومة تتهم الحَرّ والصيام والمحاصيل الصيفية"، ما يعني اعترافا واضحا بضعف الإقبال على التصويت، ولم تنس الصحيفة إلقاء حجر على "حزب النور" فاتهمته في خبر على الصفحة الأولى: "قواعد حزب النور، والسلفيون، لم يستجيبوا لقادتهم وقاطعوا الانتخابات".

من جهتها، أصدرت نقابة الصحافيين المصرية بيانا طالبت فيه وسائل الإعلام المصرية بالالتزام بمعايير الأداء المهني المحايد، وقالت:"لاحظت غرفة عمليات نقابة الصحافيين في نهاية اليوم الأول وعلى امتداد اليوم الثاني للانتخابات الرئاسية، 2014 .. ابتعاد الاداء المهني -على المستويين الاعلامي والصحفي- عن أسس الحياد والموضوعية التي يجب أن تتسم بها التغطية الصحفية للأحداث ذات الصلة بالانحيازات السياسية.. وبعد أن رصدت الغرفة رودود أفعال من شأنها توجيه الناخبين، تهيب نقابة الصحافيين بالزملاء الالتزام بالمعايير المتعارف عليها فى الاداء المهني، بعيدا عن اجواء الاستقطاب، حفاظا على المصداقية المهنية.

المساهمون