جورج نادر وشذوذ الثورة المضادّة

06 يونيو 2019

جورج نادر.. فضيحة أخلاقية ومستشار لمحمد بن زايد

+ الخط -
تستطيع تقنيات بيغاسوس الإسرائيلية التي استخدمتها الإمارات والسعودية، التنصت على هواتف جمال خاشقجي، والناشط الحقوقي الإماراتي أحمد منصور، وأمير قطر الشيخ تميم بن حمد، ورئيس وزراء لبنان سعد الحريري، وغيرهم، لكنها لم تستطع التجسس على هاتف جورج نادر، المستشار المقرّب من ولي عهد أبوظبي، محمد بن زايد، وولي عهد السعودية محمد بن سلمان. بسبب تقنية التجسّس، قطعت أوصال خاشقجي بلا محاكمة، وسجن منصور في محاكمة تفتقد لشروط النزاهة. هذا ما تفعله العصابات التي لا تخضع للقانون. ولكن في أميركا، بالقانون، وبدون تصنت، سلّم نادر جوّاله، بعد وصوله من دبي إلى نيويورك، ليكتشف رجال الأمن جرائم مكتملة، لا تتعلق بالنشاط السياسي لمستشارٍ رفيع المستوى يرتبط بقادة دول، بل بمجرم شوارعي شاذ، فيديوهات إباحية لأطفال!
لا تُعذر دولة مثل الإمارات بالجهل، فهي تصنّف في الصف الأول عالميا في تقنيات التنصّت، واشترت أفضل الأجهزة والتقنيات والخبراء على مستوى العالم، وتتتجسّس حتى على صحافيين أميركيين، ونادر زائر لقصور الحاكمين التي تتطلب تدقيقا أمنياً مضاعفاً. فوق ذلك، لا تحتاج مع نادر إلى تقنيات تنصّت، وفي أرشيف المحاكم التشيكية حكم بممارساته الشاذّة مع الأطفال. ليس نادر شاذاً، وإنما هو يمثل ما هو طبيعي في الثورة المضادة، والشاذ يصبح هو الطبيعي الذي توافق عليه البشر الأسوياء. لا يختلف ما أخفاه جوّاله عما يظهره رموز منصات التواصل الاجتماعي عندهم. لك أن تطلع على ما يقوله حمد المزروعي ويوسف العلاونة وغيرهما من مقرّبين! نادر ليس شاذّا، هو مثل سعود القحطاني وصلاح الطبيقي وماهر مطرب الذين تسابقوا على تقطيع أوصال جثةٍ في متعةٍ تليق بالضباع. هو كمن اغتصبوا الأطفال في سجون مصر وسورية، وتحرّشوا بلجين الهذلول ورفيقاتها. هم من لا يخلو منهم تقرير حقوقي لمنظمات حقوق الإنسان.
بقدر ما يعبر الربيع عن الإنسان الطبيعي، تعبر الثورة المضادّة عن الشذوذ، ولا تجد استثناء، فالحديث عن اغتصاب الجنجويد معتصمات في السودان ينسجم مع تاريخ الجنجويد تماما، كما ينسجم مع سلوك الأمن المصري من أيام كشوف العذرية. هم كذلك شاذّون يرفضون أن يعيش المواطن العربي بشكل طبيعي في حياته الخاصة والعامة. وما الربيع العربي إلا محاولة للعيش كباقي البشر.
تتجسد في شخصية جورج نادر الثورة المضادة، ليس في غياب الحد الأدنى من القيم الأخلاقية، بل في أسوأ أشكال الانحدار السياسي، فهو تورّط في العلاقات مع الصهاينة مبكرا، وارتبط برجل الاستخبارات الإسرائيلية، جويل زامل، ليس لتخريب الديمقراطية في الربيع العربي، ولكن لتخريبها في أميركا، من خلال انتهاك خصوصية منصات التواصل الاجتماعي، وبث الأكاذيب فيها.
نحن ممتنون للقضاء والصحافة في أميركا، لولاهما لقدّم نادر بصفته قصة نجاح مغترب لبناني، وربما رشح لرئاسة لبنان، محملا بوعود المساعدات الإماراتية والسعودية! هل ذلك غريب؟ في السودان، راعي جمال وقاطع طريق تشادي لم يكمل المدرسة يُسوّق بوصفه قائد التحول الديمقراطي في بلادٍ تأسست كلية الطب فيها عام 1924، أي قبل قيام مملكة السعودية ودولة الإمارات.
للثورة المضادة اليوم معتقل أيقونة في السجون الأميركية، عليهم أن يطبعوا صوره على القمصان، ويسيروا المظاهرات وينظموا الاعتصامات مطالبة بالحرية له. عندكم محمد مرسي وسلمان العودة ولجين الهذلول، عندنا جورج نادر!
83B64D8F-BC3E-45BA-96A2-36C353D769E9
83B64D8F-BC3E-45BA-96A2-36C353D769E9
ياسر أبو هلالة

كاتب وصحفي، عمل مديرا عاما لقناة الجزيرة (2014-2018)، ومراسلا. وصانع أفلام، وكاتبا في صحف الرأي والغد والحياة.

ياسر أبو هلالة