تتنوّع تجربة الفنان التشكيلي الفلسطيني جواد المالحي (1969) بين الرسم والتصوير الفوتوغرافي والنحت وأفلام الفيديو والتركيب. وتمحورت تجربته منذ بداياتها على حركة الجموع داخل المكان والتفاعل بينها وبينه، في عملية توثيق تعتمد على إبراز عملية المراقبة بوصفها حدثاً قابلاً لتأويلات عديدة، ولا ينتهي أثره.
يضمّ معرضه الجديد الذي افتتح في "غاليري نبض" في عمّان، أعمالاً مختارة أنجزها بين عامي 1999 – و2018، تمثّل الثيمة الأساسية التي يشتغل عليها من خلال البحث بصرياً في التجمّعات البشرية في الفضاءات العامة، ورصد اللحظات التي تسبق تفرّقها، في صياغة بصرية تهتّم بالعلاقات المؤقتة بين أفرداها والنظرات والإيماءات التي يتبادلونها وتُظهر مزيجاً من القلق والتوتر في حالة من عدم اليقين.
تركّز اللوحات المعروضة على "لحظات الانتظار والترقّب التي تحتلّ مكاناً ما بين وقوع الحدث وذوبانه" بحسب وصف الفنان في حديث سابق، حيث تشكّل اللوحة محاكاة بصرية لما تنقله شاشات التلفزة لصور من فلسطين وأماكن أخرى من الوطن العربي.
تحضر المراقبة كأداة استكشاف للمعرفة التي تحيل إلى سلطة في تأطير الفعل وتأويله، حيث يقوم المالحي بتسجيل تفاصيل المشهد من موقع الشاهد، وهو بذلك يسلّط الضوء مسبقاً على المنطقة التي يعتقد أنه يجري التعتيم عليها من قبل وسائل الإعلام، على سبيل المثال، وهو افتراض يعني في النهاية عملية ضبط وسيطرة أخرى، عبر امتلاك سلطة مختلفة هي سلطة الفنان نفسه.
في عملية التفكيك هذه، تتمثّل الفكرة المركزية في تفكيك الحشود باعتباره كتلة واحدة، كما يجري تصويرها عادة، لتتوّضح أكثر الصلات التي تربط بين مكوّناتها وعناصرها وعلاقة كلّ جزء منها بالآخر، فيظهر التضامن بينهم، وحركة بعضهم التي تبدو تائهة بلا هدف، وما قد ينشأ من حوار بينهم، وغيرها من التساؤلات في هذا الاتجاه.
في لوحات أخرى، تنعكس مناخات مختلفة حيث التكوين الأساسي فيها عبارة عن جسد أو جسدين متصلين لكنهما في حالة تحوّل مستمرة، بفعل التمزّق وتداخل أعضاء صناعية مع أعضائها الطبيعية، أو تنافرها مع محيطها، ما يحيل إلى عبثية وجودها.
يُذكر أن المالحي حاصل على البكالوريوس في الفنون الجميلة من "كلية وينشستر للفنون" في المملكة المتحدة، وأقام معارض عدة في إيطاليا وألمانيا وإسبانيا تونس والإمارات ومصر.