الاحتفال بالسينما الفرنسية تقليدٌ، يُقام سنويًا منذ عام 1976 (سيزار). احتفال شبيهٌ بذاك المُقام، سنويًا أيضًا، في هوليوود، لكن منذ عام 1929 (أوسكار). هناك احتفالات أخرى، تختصّ بالسينما المحلية، في بريطانيا (بافتا، 1947) وإسبانيا (غويا، 1987)، وغيرهما.
للحدث حضور فاعل في المشهد السينمائي، وإنْ يبقى أقلّ جذبًا للمُشاهدين من احتفال هوليوود.
السهرة والأضواء والإعلام والضيوف والنجوم، بالإضافة إلى فرح الفوز بجائزة وألم الفشل في الحصول عليها، أمورٌ مشتركة بين حفلات الجوائز السينمائية المختلفة. فـ"سيزار"، كـ "أوسكار"، خطوة مطلوبة ومرغوب فيها لدى سينمائيين يعملون في المجالات كلّها للصناعة البصرية، لأنها دعمٌ إضافيّ للفائزين في قلب الصناعة تلك، وتسهيلٌ أكبر ـ ولو قليلاً ـ لمشاريع واشتغالات لاحقة.
وإذْ تبدو الجوائز كلّها مرتبطة بالقيم الجمالية والفنية والدرامية والتمثيلية للأفلام المُرشَّحة، فإن جائزة تكريمية تبدو الأكثر جماهيرية، خصوصًا عندما تكون المُكرَّمة ممثلة تُدعى بينيلوبي كروز.
فهي نجمة محبوبة في أنحاء العالم، وأفلامها مُشاهَدَة في كلّ مكان ووقت، وحضورها طاغٍ في الاحتفالات الاجتماعية المختلفة. وهي، في الاحتفال الأخير، متألّقة أكثر فأكثر، وساحرةٌ في تكريمها ودموعها الفرِحَة، خصوصًا أن السينمائيّ الإسباني بيدرو ألمودوفار، ابن بلدها وصانع جزءٍ أساسي وباهر من سيرتها التمثيلية، جاء إلى باريس ليُسلّمها تلك الجائزة التكريمية: "فرنسا لطيفةٌ جدًا معي، ودائمًا"، قالت كروز بلغة فرنسية مشوبة بغصّة الفرح: "لن أسأل نفسي عن أسس هذا الاعتراف. (سأكتفي فقط) بالابتهاج من كل قلبي (بهذا الحدث)".
إلى ذلك، وعشية إعلان النتائج النهائية للدورة الـ43 لجوائز "سيزار" الفرنسية، ازدادت حدّة المنافسة بين فيلمي "120 دقّة في الدقيقة" (120 Battements Par Minute) لروبن كامبيلّو و"وداعًا هناك" (Au Revoir La-Haut) لألبير دوبنتال، إذْ حصل كل واحد منهما على 13 ترشيحًا. فالفيلمان يمتلكان مساحة سينمائية واسعة، في مقاربة حكايتين مأخوذتين من تاريخين قديمين، ومن واقعين يعكسان شيئًا من ذاكرة الفرنسيين وماضيهم، ومن حقبتين تشهدان تغييرًا جذريًا في مفاهيم إنسانية وأخلاقية، وإنْ تكن الأولى أوروبية الحيّز (الحرب العالمية الأولى وتأثيراتها)، والثانية محلية تستمدّ "نضالها" الإنساني والأخلاقي من اختبارٍ أميركي في المجال نفسه (مطلع تسعينيات القرن الـ20).
لكن "120 دقّة في الدقيقة" ـ الذي يروي حكاية نشوء حركة "آكت ـ آب" في فرنسا، وكفاحها من أجل تأمين مناخٍ صحيّ، اجتماعيًا وإنسانيًا وطبيًا وثقافيًا، لمُصابين بـ "مرض فقدان المناعة المكتسبة" ـ تمكّن من التفوّق على "وداعًا هناك"، العائد إلى شهر نوفمبر/ تشرين الثاني 1919، ليروي حكاية هارِبَين اثنين من الخنادق، يُقرّران تنفيذ عمليات احتيال على "الموتى" لسرقة الآثار. ففيلم كامبيلّو حاصل على 6 تماثيل، مقابل 5 لفيلم دوبنتال.
مساء الثاني من مارس/ آذار 2018، أعلنت "أكاديمية فنون السينما وتقنياتها" النتائج: "120 دقّة في الدقيقة" نال جوائزه الـ6 في فئات أفضل فيلم للمنتجين هوغ شاربونّو وماري ـ آنج لوتشياني، وأفضل ممثل في دورٍ ثانٍ لأنطوان رينارتز، وأفضل أمل تمثيلي رجالي لناوِيال بيريز بيسكايار، وأفضل سيناريو أصلي للمخرج روبن كامبيلّو، وأفضل مونتاج لكامبيلّو أيضًا، وأفضل موسيقى أصليّة لآرنو روبوتيني. بينما نال "وداعًا هناك" جوائزه الـ5 في فئات أفضل إخراج لألبير دوبنتال، وأفضل سيناريو مقتبس لدوبنتال وبيار لوماتر عن رواية بالعنوان نفسه للوماتر نفسه، وأفضل ديكور لبيار كيفّيليان، وأفضل أزياء لميمي لمبيكا، وأفضل تصوير لفانسان ماتياس.
اقــرأ أيضاً
المفاجأة الأخرى كامنةٌ في حصول "المزارع الصغير" (Le Petit Paysan) لأوبير شاروييل على 3 جوائز من أصل 8 ترشيحات، بينما لم يتمكّن "باربرا" لماتيو أمالريك من الحصول على أكثر من جائزتين، من أصل 9 ترشيحات: الأول ـ الذي يتابع يوميات مزارع مُقيم مع شقيقته وبقراته في مزرعته الخاصّة ـ نال جوائزه في فئات أفضل ممثل لسْوَان آرلو، وأفضل ممثلة في دورٍ ثان لساره جيرودو، وأفضل أول فيلم. بينما الثاني ـ الذي يرسم ملامح مختلفة من سيرة المغنية باربرا، ومن حكاية المخرج أمالريك نفسه مع المغنية والممثلة جاين باليبار، في وقتٍ واحد ـ فائزٌ بجائزتي أفضل ممثلة لباليبار، وأفضل صوت لأوليفييه موفوزان ونيكولا مورو وستفان تيابو.
أما الحدث "الأجنبي" الآخر (إلى جانب تكريم بينيلوبي كروز) في الحفلة تلك، فكامنٌ في انتزاع "بلا حبّ" (Loveless) للروسي أندره زفياغينتسيف جائزة "سيزار" أفضل فيلم أجنبي: اختفاء الابن الوحيد لمُطلِّقَين يفتح بابًا واسعًا أمام أسئلة الحب والعلاقات والمصائر والاجتماع الروسيّ في زمن الانهيارات المختلفة.
وحصول "أنا لستُ زنجيّك" (I Am Not Your Negro)، للهايتي راوول بِك، على "سيزار" أفضل وثائقي، يعكس انتباهًا لأعضاء الأكاديمية الفرنسية إلى موضوع العبودية في الولايات المتحدّة الأميركية: في 90 دقيقة، يحكي الفيلم قصّة الرقيق، وإلغاء عقوبة الإعدام، وصراع الأفروأميركيين من أجل المساواة بين الحقوق المدنيّة.
الجوائز الأخرى: أفضل أمل تمثيلي نسائي لكاميليا جوردانا، عن دورها في Le Brio لإيفان أتال، وأفضل فيلم تحريك لـ "الشرير الكبير رونار وحكايات أخرى" لبنجامان رُنّيه وباتريك إيمبار، وأفضل روائي قصير لـ Les Bigornaux لأليس فيال، وأفضل تحريك قصير لـ Pepe Le Morse للوكراس أندريا.
السهرة والأضواء والإعلام والضيوف والنجوم، بالإضافة إلى فرح الفوز بجائزة وألم الفشل في الحصول عليها، أمورٌ مشتركة بين حفلات الجوائز السينمائية المختلفة. فـ"سيزار"، كـ "أوسكار"، خطوة مطلوبة ومرغوب فيها لدى سينمائيين يعملون في المجالات كلّها للصناعة البصرية، لأنها دعمٌ إضافيّ للفائزين في قلب الصناعة تلك، وتسهيلٌ أكبر ـ ولو قليلاً ـ لمشاريع واشتغالات لاحقة.
وإذْ تبدو الجوائز كلّها مرتبطة بالقيم الجمالية والفنية والدرامية والتمثيلية للأفلام المُرشَّحة، فإن جائزة تكريمية تبدو الأكثر جماهيرية، خصوصًا عندما تكون المُكرَّمة ممثلة تُدعى بينيلوبي كروز.
فهي نجمة محبوبة في أنحاء العالم، وأفلامها مُشاهَدَة في كلّ مكان ووقت، وحضورها طاغٍ في الاحتفالات الاجتماعية المختلفة. وهي، في الاحتفال الأخير، متألّقة أكثر فأكثر، وساحرةٌ في تكريمها ودموعها الفرِحَة، خصوصًا أن السينمائيّ الإسباني بيدرو ألمودوفار، ابن بلدها وصانع جزءٍ أساسي وباهر من سيرتها التمثيلية، جاء إلى باريس ليُسلّمها تلك الجائزة التكريمية: "فرنسا لطيفةٌ جدًا معي، ودائمًا"، قالت كروز بلغة فرنسية مشوبة بغصّة الفرح: "لن أسأل نفسي عن أسس هذا الاعتراف. (سأكتفي فقط) بالابتهاج من كل قلبي (بهذا الحدث)".
إلى ذلك، وعشية إعلان النتائج النهائية للدورة الـ43 لجوائز "سيزار" الفرنسية، ازدادت حدّة المنافسة بين فيلمي "120 دقّة في الدقيقة" (120 Battements Par Minute) لروبن كامبيلّو و"وداعًا هناك" (Au Revoir La-Haut) لألبير دوبنتال، إذْ حصل كل واحد منهما على 13 ترشيحًا. فالفيلمان يمتلكان مساحة سينمائية واسعة، في مقاربة حكايتين مأخوذتين من تاريخين قديمين، ومن واقعين يعكسان شيئًا من ذاكرة الفرنسيين وماضيهم، ومن حقبتين تشهدان تغييرًا جذريًا في مفاهيم إنسانية وأخلاقية، وإنْ تكن الأولى أوروبية الحيّز (الحرب العالمية الأولى وتأثيراتها)، والثانية محلية تستمدّ "نضالها" الإنساني والأخلاقي من اختبارٍ أميركي في المجال نفسه (مطلع تسعينيات القرن الـ20).
لكن "120 دقّة في الدقيقة" ـ الذي يروي حكاية نشوء حركة "آكت ـ آب" في فرنسا، وكفاحها من أجل تأمين مناخٍ صحيّ، اجتماعيًا وإنسانيًا وطبيًا وثقافيًا، لمُصابين بـ "مرض فقدان المناعة المكتسبة" ـ تمكّن من التفوّق على "وداعًا هناك"، العائد إلى شهر نوفمبر/ تشرين الثاني 1919، ليروي حكاية هارِبَين اثنين من الخنادق، يُقرّران تنفيذ عمليات احتيال على "الموتى" لسرقة الآثار. ففيلم كامبيلّو حاصل على 6 تماثيل، مقابل 5 لفيلم دوبنتال.
مساء الثاني من مارس/ آذار 2018، أعلنت "أكاديمية فنون السينما وتقنياتها" النتائج: "120 دقّة في الدقيقة" نال جوائزه الـ6 في فئات أفضل فيلم للمنتجين هوغ شاربونّو وماري ـ آنج لوتشياني، وأفضل ممثل في دورٍ ثانٍ لأنطوان رينارتز، وأفضل أمل تمثيلي رجالي لناوِيال بيريز بيسكايار، وأفضل سيناريو أصلي للمخرج روبن كامبيلّو، وأفضل مونتاج لكامبيلّو أيضًا، وأفضل موسيقى أصليّة لآرنو روبوتيني. بينما نال "وداعًا هناك" جوائزه الـ5 في فئات أفضل إخراج لألبير دوبنتال، وأفضل سيناريو مقتبس لدوبنتال وبيار لوماتر عن رواية بالعنوان نفسه للوماتر نفسه، وأفضل ديكور لبيار كيفّيليان، وأفضل أزياء لميمي لمبيكا، وأفضل تصوير لفانسان ماتياس.
المفاجأة الأخرى كامنةٌ في حصول "المزارع الصغير" (Le Petit Paysan) لأوبير شاروييل على 3 جوائز من أصل 8 ترشيحات، بينما لم يتمكّن "باربرا" لماتيو أمالريك من الحصول على أكثر من جائزتين، من أصل 9 ترشيحات: الأول ـ الذي يتابع يوميات مزارع مُقيم مع شقيقته وبقراته في مزرعته الخاصّة ـ نال جوائزه في فئات أفضل ممثل لسْوَان آرلو، وأفضل ممثلة في دورٍ ثان لساره جيرودو، وأفضل أول فيلم. بينما الثاني ـ الذي يرسم ملامح مختلفة من سيرة المغنية باربرا، ومن حكاية المخرج أمالريك نفسه مع المغنية والممثلة جاين باليبار، في وقتٍ واحد ـ فائزٌ بجائزتي أفضل ممثلة لباليبار، وأفضل صوت لأوليفييه موفوزان ونيكولا مورو وستفان تيابو.
أما الحدث "الأجنبي" الآخر (إلى جانب تكريم بينيلوبي كروز) في الحفلة تلك، فكامنٌ في انتزاع "بلا حبّ" (Loveless) للروسي أندره زفياغينتسيف جائزة "سيزار" أفضل فيلم أجنبي: اختفاء الابن الوحيد لمُطلِّقَين يفتح بابًا واسعًا أمام أسئلة الحب والعلاقات والمصائر والاجتماع الروسيّ في زمن الانهيارات المختلفة.
وحصول "أنا لستُ زنجيّك" (I Am Not Your Negro)، للهايتي راوول بِك، على "سيزار" أفضل وثائقي، يعكس انتباهًا لأعضاء الأكاديمية الفرنسية إلى موضوع العبودية في الولايات المتحدّة الأميركية: في 90 دقيقة، يحكي الفيلم قصّة الرقيق، وإلغاء عقوبة الإعدام، وصراع الأفروأميركيين من أجل المساواة بين الحقوق المدنيّة.
الجوائز الأخرى: أفضل أمل تمثيلي نسائي لكاميليا جوردانا، عن دورها في Le Brio لإيفان أتال، وأفضل فيلم تحريك لـ "الشرير الكبير رونار وحكايات أخرى" لبنجامان رُنّيه وباتريك إيمبار، وأفضل روائي قصير لـ Les Bigornaux لأليس فيال، وأفضل تحريك قصير لـ Pepe Le Morse للوكراس أندريا.