جهود فرنسية لإعادة بناء كاتدرائية نوتردام في غضون 5 سنوات: ستعود أجمل

17 ابريل 2019
الاستعدادات لإصلاح وترميم الكاتدرائية (Getty)
+ الخط -
تكرّس الحكومة الفرنسية اجتماعها الأسبوعي لموضوع واحد، يحمل اسم "كاتدرائية نوتردام"، بعد أن أعلن الرئيس إيمانويل ماكرون في خطاب له إلى الشعب الفرنسي أن إعادة بناء الكاتدرائية ستستغرق خمس سنوات، وأنها ستعود أجمل. 

وسيكون من مهام اجتماع اليوم العمل على تنظيم التبرعات التي بدأت تنهمر بشكل غير مسبوق، وتنظيم عمليات إعادة بناء الكاتدرائية.

وفي السياق كشف الإعلامي الفرنسي، ستيفن بيرن، الذي كلفه الرئيس الفرنسي، قبل شهور، بجمع الأموال من أجل ترميم مآثر فرنسا التاريخية، أنه تم جمع 900 مليون يورو في أربع وعشرين ساعة، وتوقع أن يتمَّ تجاوز المليار هذا اليوم، الأربعاء.

ومعروف أن كثيرا من الأثرياء الفرنسيين، وغيرهم، سارعوا إلى الإعلان عن تبرعات من أجل إعادة البهاء إلى هذا المَعلم التاريخي.

وإضافة إلى عائلتي بينو وأرنو، الثريتين، أعلنت عائلتا بيتنكور-ماييرس ومجموعة أوريال وتوتال وميشلان، المساهمة في هذا العمل الخيري. كما أعلنت "مؤسسة التراث" الفرنسية، التي فتحت حسابا بالمناسبة، عن جمع أكثر من 300 مليون يورو.

وينتظر أن يساهم "المؤتمر الدولي الكبير للمانحين"، الذي دعت إليه عمدة باريس، آن هيدالغو، في جمع أموال طائلة، علما أن البلدية سارعت إلى تقديم 50 مليون يورو، وكذلك فعلت جهة باريس، التي قدمت 10 ملايين يورو.

كما يتوقع ورود أموال وتبرعات كبيرة من الخارج، وكان تيم كوك، الرئيس والمدير العام لشركة آبل، قد أكد استعداده للمساهمة. كما عبّر البنك المركزي الأوروبي عن رغبته في المساهمة في إعادة بناء الكاتدرائية.

مشروع قانون

ومع تكاثر المبادرات الحكومية وغيرها من أجل جمع التبرعات لإعادة بناء كاتدرائية نوتردام، أعلن رئيس الحكومة الفرنسية، إدوار فيليب، اليوم الأربعاء، عن مشروع قانون، سيقدم الأسبوع المقبل، أمام مجلس الحكومة، لوضع إطار قانوني في الاكتتاب الوطني، وبضمانات الشفافية. "قانون سيحدد، بشكل خاص، ضمانات الشفافية وإدارة جيدة للتبرعات".

وأعلن إدوار فيليب عن إنشاء لجنة يترأسها الرئيس الأول لديوان المحاسَبَة ورؤساء لجنتي المالية والثقافة في مجلس الشيوخ والنواب.

كما تعهد رئيس الحكومة الفرنسية بأن كل يورو مقدم من أجل إعادة بناء كاتدرائية نوتدرام سيكون مخصَّصاً لهذه المهمة، وليس لغيرها. ويأتي هذا التأكيد، خاصة، بعد مآخذ حركة "السترات الصفراء" على الحكومة أنها تقتطع ضرائب على الطاقة ولا تُصرَف كلها في الانتقال الإيكولوجي. وأيضا مع توقع حصول فرنسا على تبرعات غير مسبوقة.

ومن أجل تشجيع المواطنين على التبرع، فإنهم سيستفيدون، كما وَعَد رئيس الحكومة، من عتبة جديدة تصل إلى 75 في المائة من الاحتساب الضريبي، بالنسبة للمبالغ التي تصل إلى 1000 يورو، ونسبة 66 في المائة بالنسبة للمبالغ التي تتجاوزها.

ومن جهة أخرى، أعلن رئيس الحكومة عن تنظيم منافسة دولية في الهندسة المعمارية، من أجل إعادة بناء برج الكاتدرائية، الذي تحطَّمَ وانهار بسبب الحريق. وقطع إدوار فيليب الجدل حول طبيعة البرج، حين أوضح أن الأمر يتعلق "بمنح الكاتدرائية برجا جديداً متكيّفاً مع تقنيات ورهانات عصرنا".

وفي جديد عملية إعادة البناء أعلن عن اسم رئيس العمليات، ويتعلق الأمر بالجنرال جان لويس جورجلان، الرئيس السابق للأركان، ويترأس لجنة خاصة من أجل "السهر على تقدم الإجراءات والأشغال".    

ومن جهة أخرى، تشارك غوغل مابس في عمليات التبرع من خلال تسهيل الوصول إلى عنوان "مؤسسة التراث" التي تقوم بجمع التبرعات.​

تحدي إعادة البناء

يبقى السؤال الملح، وهو عامل الوقت، فالكثير من المراقبين يرون أن الخمس سنوات، التي وعد بها الرئيس ماكرون، قد تكون غير كافية لإنجاز هذه الإصلاحات والترميمات العميقة، وكان جاك لانغ رئيس معهد العالم العربي ووزير الثقافة الأسبق قد تحدث عن ثلاث سنوات.

وكان خبراء كثر قد قدروا الفترة اللازمة لهذا المشروع بعقدين من الزمن، بسبب حجم الدمار الكبير الذي شمل السقف والهيكل وبرج هذه الكاتدرائية، التي تعتبر معلماً في الفن القوطي، إضافة إلى أن ثمة أقساما سلمت من الحريق، بفضل تدخل رجال الإطفاء، لكنها تبعث على القلق.        


إذن، فإن عمليات الإصلاح والترميم تتطلب تنسيقا للعمل بين العديد من الحِرَف، وثمة أشياء كثيرة يجب تنفيذها بشكل يدوي، وهو ما يتطلب وقتا وتركيزا كبيرين. وفي هذا الصدد يعتبر هيكل نوتردام فريدا من نوعه، من حيث تعقيده، وهو ما يتطلب وقتا كبيرا لإعادته كما كان.

معظم المتخصصين في هذا الشأن، من مهندسين ومؤرخي ديانات ومن نجّاري الهياكل، لا يرون المدة التي حددها الرئيس ماكرون في خطابه كافية، إذ إن إعادة بناء الهيكل من السنديان، لوحده، تتطلب أكثر من خمس سنوات، ثم يتساءل البعض عن رؤية الرئيس ماكرون لشكل إعادة البناء، هل يتعلق الأمر بإعادة الكاتدرائية إلى عهدها القوطي الذهبي أم إلى شكلها كما عرفناه اليوم.