جهابذة السرقة في العراق

12 ديسمبر 2014
+ الخط -

لطالما تحكمت سلطة المال بمقدرات الشعوب، وخصوصاً تلك التي في حوزة المتنفذين من أصحاب القرار في الدولة، فإن وقعت في أيدٍ أمينة، عَمَرَت البلاد والعباد، فيما يأتي العكس من ذلك بنتائج يتكشف لنا بعضهم منها في عراق اليوم.
هذه السلطة، والتي توصف بأنها لا تعرف الأمان، وأن صاحبها يحتاج إلى أن يفلس، ليختبر قلوب من حوله، جميع من يفهمها ويلعب على أوتارها يفهم هذا المغزى، بمعنى الكلمة. لذا، تراه مغالياً في أفعاله، لا يردعه امتلاء جيوب الفساد، لكي تكون أموال الحرام هذه عزاءه، بعد أن يفقد منصبه، أو سلطته التي منحت له في ظرف عاثر، قد لا يتاح له مرتين.
سلطة المال في العراق هي التي دفعت إلى تعيين نحو 50 ألف جندي في المؤسسة العسكرية بأسماء وهمية، وهي نفسها من منح نحو أربعة آلاف جواز ديبلوماسي لأشخاص لا يمتون إلى صفة الدبلوماسية بصلة، وهي نفسها التي عينت أشخاصا وهميين في وزارات الداخلية والتجارة وغيرها من مؤسسات الدولة، التي باتت تتكشف لنا، يوماً بعد آخر، ضمن إطار جهود حكومة حيدر العبادي لمكافحة الفساد، الذي أتلف بنية الدولة العراقية، وأحالها إلى خيال ضعيف، لن يتمكن حتى من ملء ظل كلمة "العراق"، إذا ما سلط الضوء عليها في المحافل الدولية.
إكسير الفساد، الذي يحاول وأد الديمقراطية، من جهابذة فنون السرقة في العراق، بدأ بالنفاد بعد إعلان الحرب عليه من بعض ما تبقى من الضمير، الذي شحّ في زمان بتنا فيه في أمسّ الحاجة إلى أن نفعل به، كما فعل خياط مدينة أسونسيون في الأورغواي، والذي أطلق مجموعة من البزات التي لا تحتوي على جيوب في السراويل والسترات، في إطار مكافحة الفساد. ولكن، أن نفعلها على الطريقة العراقية، كأن نَخيط مسؤولين على قدر المسؤولية الممنوحة لهم، فلا يفسدوا في أموال الناس ولا يأكلوا إلا مما قُسِمَ لهم.

avata
avata
محمد باسم (العراق)
محمد باسم (العراق)