يتجه المشهد السياسي اليمني إلى تقلبات جديدة تدخل في سياق التحوّلات المتسارعة، مع موافقة الأطراف اليمنية المتنازعة على الذهاب إلى جنيف لمناقشة مخرج سياسي للأزمة، في موازاة استمرار المواجهات الميدانية، ولا سيما في عدن، فيما لم تتوقف غارات التحالف الجوية على الحوثيين وقوات الرئيس المخلوع، علي عبدالله صالح.
وبالتزامن مع اقتراب موعد مؤتمر جنيف المقرر في الرابع عشر من الشهر الحالي، بدأ الحديث عن الأطراف التي ستحضر المؤتمر وسط مساعٍ أميركية لأن يكون الحوار بين طرفين بدرجة رئيسية، وهما حكومة شرعية، وجماعة متمردة انقلابية تفرض سيطرتها على جزء من البلاد.
وفي ما يتعلق بمعسكر الرئيس اليمني، عبدربه منصور هادي، كشفت مصادر سياسية يمنية في الرياض، لـ"العربي الجديد"، أن "هادي هو من سيحدد المشاركين من طرف الشرعية في لقاء جنيف"، مؤكدة أن "الرئيس اليمني سيكلف وفداً من سبع شخصيات، من الحكومة والأطراف السياسية للذهاب إلى جنيف".
ويبدو أن الخلافات بدأت تضرب معسكر الشرعية، إذ كشفت مصادر سياسية يمنية، لـ"العربي الجديد"، أن خلافاً غير معلن بين الرئيس هادي ونائبه، خالد بحاح، يجري الحديث بشأنه في الأوساط اليمنية المعنية المتواجدة في الرياض. وبحسب المصادر، فإن هادي قلق حيال المشاورات المتوقع أن تبدأ في جنيف على خلفية طروحات بأن تشمل أية تسوية مقبلة إزاحة الرئيس، أو تقليص صلاحياته، لصالح تصعيد نائبه بحاح، أو أية صيغة رئاسية انتقالية جديدة، على غرار التسوية السياسية التي قفزت بهادي من منصب نائب الرئيس إلى الرئيس أواخر عام 2011.
وأوضحت المصادر أن هادي كان منذ البداية يعارض تعيين أي نائب له، لكنه وتحت تأثير ضغوط الأطراف المختلفة، وافق على تعيين بحاح نائباً له، وهو يخشى من أن خروجه من السلطة، سيجعل الجميع يتخلى عنه، بعد أن أصبح بلا حزب، وحتى شعبيته في المحافظات الجنوبية والشمالية تراجعت بدرجات متفاوتة خلال الفترة الماضية.
وتتوافق هذه المعطيات مع نفي مصدر سياسي في الرياض، لـ"العربي الجديد"، "وجود نية لدى الرئاسة بتكليف نائب ثانٍ"، قائلاً "لا معلومات عن إمكانية اتخاذ هادي قراراً بتكليف نائبٍ ثانٍ له من الشمال، ضمن ما يسمى المناصفة بين الشمال والجنوب"، مشيراً إلى أن "الرئيس بالأصل يرفض فكرة النائب".
ولا تقتصر الاختلافات في أطر الشرعية على موقعَي الرئيس ونائبه، بل تتعداها إلى الأحزاب والمكوّنات التي جمعتها مظلّة الرفض للحوثيين وتأييد العمليات التي نفذها التحالف العشري، لكنها تختلف في الرأي تجاه طبيعة الحل والسقف المطلوب لأي اتفاق سياسي أو حسم ميداني.
فعلى مستوى المحافظات الجنوبية يبدو التوجّه الغالب هو الدعوة إلى الانفصال عن الشمال أو فيدرالية من إقليمين شمالي وجنوبي، فيما بعض المسؤولين من المحافظات الشرقية، المحسوبة سياسياً على الجنوب، يميلون إلى التقسيم الفيدرالي من أقاليم متعددة أكثر منه التقسيم إلى شمال وجنوب، خصوصاً أن التقسيم المقر من مؤتمر الحوار الوطني الذي اختتم أوائل 2014، جعل حضرموت وما حولها إقليماً تساوي مساحته ضعف مساحة الأقاليم الأخرى مجتمعة.
من جهة أخرى، يؤثر وضع المطالب والتوجهات في الجنوب على الشخصيات والقوى التي وقفت مع "الشرعية" في المحافظات الشمالية، وتخشى بعضها أن تتم المساومة في تسوية سياسية "شمال" و"جنوب"، تُبقي على نفوذ الحوثيين وصالح في المحافظات الشمالية، وتُسبّب إحراجاً لهذه الشخصيات التي تبدو كما لو أنها تساهم في تخليص جزئي أو ترسيخ وضع بين شطرين شمالي وجنوبي أكثر منه إعادة الدولة.
اقرأ أيضاً: الحكومة والحوثيون يوافقان على إجراء محادثات سلام في جنيف
وفي سياق إحداث تغيير في السياسة الخارجية لليمن، كشفت مصادر، لـ"العربي الجديد"، أنه "خلال الأيام المقبلة، سيتخذ هادي وحكومته جملة من القرارات المتصلة بالهيئة الدبلوماسية اليمنية، من خلال إحداث تغييرات في عدد من البعثات الدبلوماسية اليمنية".
يأتي ذلك في ظل انتقادات شديدة لإدارة هادي بعدم إعطاء العملية السياسية والدبلوماسية اليمنية الخارجية أية أهمية ودور، في ظل وجود أغلب رجالات صالح على رأس البعثات الدبلوماسية اليمنية. وكان مصدر دبلوماسي قد أشار في وقت سابق، لـ"العربي الجديد"، إلى أنه "ما كان للقاء جنيف أن يحدث، لو كان هناك نشاط دبلوماسي يمني، باستراتيجية واضحة، يستهدف الدول المؤثرة في القرار الدولي، بدلاً من إفساح المجال لإيران للسعي لإنقاذ حلفائها الانقلابيين، واستمرار تدخلها في شؤون اليمن".
ميدانياً، عادت مليشيات الحوثيين والمخلوع صالح لتشن أعنف قصف لها على المدن والمناطق في جنوب اليمن، ولا سيما عدن ولحج والضالع وأبين. وفيما تحتدم المعارك في عدن ولحج والضالع وأبين وشبوة بين "المقاومة الشعبية" من جهة ومليشيات الحوثيين وصالح من جهة ثانية، تواصل طائرات التحالف شن غاراتها على مواقع الحوثيين وقوات صالح في وسط وشمال وشرق وغرب عدن، فضلاً عن مدينة التواهي، إضافة إلى غارات في الضالع ولحج وأبين وشبوة.
كما استهدفت مقاتلات التحالف، أمس الجمعة، مقر قيادة "قوات الأمن الخاصة" (الأمن المركزي سابقاً)، في صنعاء. وفي محافظة تعز، أفادت مصادر محلية بأن مواجهات تدور في بعض الأحياء، إثر المحاولات المستمرة من قبل الحوثيين للتقدّم في بعض الجبهات. وفي محافظة شبوة، قُتل العميد ناصر الطاهري، أحد القادة الميدانيين لـ"المقاومة الشعبية"، بالإضافة إلى أربعة من مرافقيه، وذلك نتيجة قصف استهدف منزله، في منطقة بيحان.
اقرأ أيضاً: أقارب المخلوع صالح.. الإقالة في مرحلتها الثانية