"الإلحاد" واحدة من أخطر التهم التي قد توجّه إلى عراقي في جنوب البلاد. ومن حين إلى آخر، تُثار قضايا في هذا السياق
ليست المرة الأولى التي تعتقل فيها القوات العراقية في مناطق جنوب البلاد شيوعيين وأصحاب مكتبات ودعاة علمانية بتهمة "الإلحاد". خلال السنوات الماضية، لاحقت أعداداً ليست بقليلة في عدد من المناطق العراقية، واستدعت كثيرين إلى مراكز الأمن ومخافر الشرطة للتحقيق معهم حول آرائهم الشخصية في الدين وتوجهاتهم المستقبلية المتعلقة بنشر الفكر العلماني عبر نوادٍ ومجالس شبابية، إضافة إلى مراقبة ما ينشره الناشطون على وسائل التواصل الاجتماعي واعتقالهم على إثر كتاباتهم.
وأثارت وثيقة مسرّبة من شعبة جهاز الاستخبارات في قضاء الشطرة التابع لمحافظة ذي قار (340 كلم جنوب بغداد)، تدعو المواطن إحسان موسى، وهو صاحب مكتبة، للتوجّه إلى قسم الشرطة، بلبلة. إلا أن ناشطين من ذي قار أشاروا إلى أن سبب التحقيق يتعلق بآراء إحسان موسى الدينية، لا سيما أن مكتبته "بيت الألواح" تضم كتباً مترجمة من بينها كتب علمية ودراسات نقدية للدين.
اقــرأ أيضاً
ونقلت مواقع إخبارية عراقية عن مصادر أمنية من محافظة ذي قار قولها إن القوات العسكرية طوقت مكتبة في القضاء بتهمة نشر الإلحاد في المدينة. وطلبت مديرية استخبارات الشطرة شمال المحافظة، حضور إحسان موسى "لأمور تحقيقية" بحسب ورقة البلاغ التي أصدرتها الدائرة، مبينة أن "تهمة إحسان موسى هي نشر الإلحاد والترويج له عبر الكتب التي يجلبها إلى مكتبته".
يقول ك. ر. ح.، وهو صاحب مكتبة في ذي قار، إن "الأحزاب الإسلامية في المحافظة، وأبرزها التيار الصدري وحزب الفضيلة، ترسل بين فترة وأخرى وفوداً إلينا تراقب عملنا، عدا عن تصوير بعض عناوين الكتب التي نجلبها من بغداد، لا سيما التي تتضمن نقداً للدين، والشعر الإنكليزي المترجم إلى العربية". ويبين لـ "العربي الجديد" أن "هذه الأحزاب ترسل شباناً إلينا لمعرفة إن كنا نبيع كتب علوم التطور والفيزياء، مثل مؤلفات تشارلز داروين أو ستيفن هوكينغ أو كارل ساغان. ومع الوقت، صرنا نعرف هؤلاء الشباب فنخبرهم أننا لا نبيع كتب الملحدين خوفاً على رزقنا ومنعاً من إغلاق محالنا". يضيف أن "إحسان موسى، ومنذ مدة، تلاحقه أحزاب إسلامية بهدف الإيقاع به كونه يبيع كتباً علمية، وغيرها من كتب فرج فودة وسيد محمود القمني وعبد الرزاق الجبران. هؤلاء الكتاب في الحقيقة لم ينتقدوا الدين كجزء منفصل، بل انتقدوا المتأسلمين والمتلونين الذين يتخذون من الدين ستارة لفسادهم وأعمالهم غير الشريفة". ويبدو أنّ "أحزابنا جزء من الذين تحدّث عنهم هؤلاء الكتّاب"، موضحاً أن "موسى ليس ملحداً إنما هو بائع كتب لا أكثر، ويجلب من أسواق بغداد ما يجده، ويبيع ما يطلبه القرّاء".
ودفعت الحادثة المنظمات الحقوقية والثقافية في العراق، إلى استنكار احتجاز إحسان موسى، لا سيما أنه تمّ من دون مذكرة توقيف وأمر قضائي، بحسب المركز العراقي لدعم حرية التعبير "حقوق". وأشار في بيان إلى أن "عملية اعتقال المواطن إحسان موسى، صاحب مكتبة بيت الألواح، غير دستورية"، مطالباً وزير الداخلية قاسم الأعرجي الإفراج عن المواطن إحسان موسى ومحاسبة المتسببين في اعتقال المواطنين الذين ربما يكونون مختلفين في وجهات نظرهم عن مواطنين آخرين".
بدوره، يقول الحقوقي ورئيس منظمة "الوعي والسلام" العراقية مروان سليم، لـ "العربي الجديد": "هذه الحوادث تتكرّر في المحافظات الجنوبية سنوياً. فحين ينشب خلاف ديني بين مؤسستين متشابهتين بالعقيدة، تحاول السلطات المحلية في العادة توحيدها ضد عدو مشترك، أي الملحدين". وتزامن ذلك مع تسلّم مسؤول أمني جديد مهامه وسعيه إلى تثبيت مكانته من خلال استهداف مكون أو أشخاص ليس لهم تمثيل سياسي أو مليشيا مسلحة تدافع عنهم، على حد قوله. ويبيّن لـ "العربي الجديد" أنّ "الملحدين لا يمثّلون أي خطر أمني. لكن بكل تأكيد، يمثلون خطراً سياسياً"، مضيفاً أن المؤسسة الأمنية لدينا مرتبطة بشكل وثيق بالساسة وأجنداتهم وتعمل كأداة لهم خصوصاً حين تُستخدم للتصدي لقوة فكرية تهدف إلى تقويض تسلّط الشخصيات والأطراف السياسية، المستمد من التدين والتمذهب في جنوب العراق. عليه، فإن خطر الملحدين سياسي على أنظمة السلطة في تلك المحافظات".
اقــرأ أيضاً
يتابع سليم أنّ ما تفعله السلطات يخضع لجدال كبير، بسبب غياب أطر عمل قانونية واضحة. فالعراق طرف دولي ذو شراكة فاعلة مع منظمات أممية وموقّع على اتفاقيات تضمن حرية العقيدة والتعبير بسلمية وممارسة الطقوس مهما كانت، من بينها الإلحاد. وكفل الدستور العراقي حرية التعبير عن التوجه الديني ضمن المادة 25. بالتالي، فإن حرية الأديان والمعتقدات وممارسة الشعائر الدينية مكفولة على ألا تتعارض مع أحكام الدستور والقوانين والآداب والنظام العام. "وبالتأكيد، فإنّ النظم العامة وأحكام الدستور والآداب لا تتعارض مع غياب الإيمان الذي يعتنقه الملحدون، ولا يوجد نص قانوني يتحدث عن تهمة الإلحاد، أو يضع وصفاً له ضمن الإطار الجنائي والقضائي".
ليست المرة الأولى التي تعتقل فيها القوات العراقية في مناطق جنوب البلاد شيوعيين وأصحاب مكتبات ودعاة علمانية بتهمة "الإلحاد". خلال السنوات الماضية، لاحقت أعداداً ليست بقليلة في عدد من المناطق العراقية، واستدعت كثيرين إلى مراكز الأمن ومخافر الشرطة للتحقيق معهم حول آرائهم الشخصية في الدين وتوجهاتهم المستقبلية المتعلقة بنشر الفكر العلماني عبر نوادٍ ومجالس شبابية، إضافة إلى مراقبة ما ينشره الناشطون على وسائل التواصل الاجتماعي واعتقالهم على إثر كتاباتهم.
وأثارت وثيقة مسرّبة من شعبة جهاز الاستخبارات في قضاء الشطرة التابع لمحافظة ذي قار (340 كلم جنوب بغداد)، تدعو المواطن إحسان موسى، وهو صاحب مكتبة، للتوجّه إلى قسم الشرطة، بلبلة. إلا أن ناشطين من ذي قار أشاروا إلى أن سبب التحقيق يتعلق بآراء إحسان موسى الدينية، لا سيما أن مكتبته "بيت الألواح" تضم كتباً مترجمة من بينها كتب علمية ودراسات نقدية للدين.
ونقلت مواقع إخبارية عراقية عن مصادر أمنية من محافظة ذي قار قولها إن القوات العسكرية طوقت مكتبة في القضاء بتهمة نشر الإلحاد في المدينة. وطلبت مديرية استخبارات الشطرة شمال المحافظة، حضور إحسان موسى "لأمور تحقيقية" بحسب ورقة البلاغ التي أصدرتها الدائرة، مبينة أن "تهمة إحسان موسى هي نشر الإلحاد والترويج له عبر الكتب التي يجلبها إلى مكتبته".
يقول ك. ر. ح.، وهو صاحب مكتبة في ذي قار، إن "الأحزاب الإسلامية في المحافظة، وأبرزها التيار الصدري وحزب الفضيلة، ترسل بين فترة وأخرى وفوداً إلينا تراقب عملنا، عدا عن تصوير بعض عناوين الكتب التي نجلبها من بغداد، لا سيما التي تتضمن نقداً للدين، والشعر الإنكليزي المترجم إلى العربية". ويبين لـ "العربي الجديد" أن "هذه الأحزاب ترسل شباناً إلينا لمعرفة إن كنا نبيع كتب علوم التطور والفيزياء، مثل مؤلفات تشارلز داروين أو ستيفن هوكينغ أو كارل ساغان. ومع الوقت، صرنا نعرف هؤلاء الشباب فنخبرهم أننا لا نبيع كتب الملحدين خوفاً على رزقنا ومنعاً من إغلاق محالنا". يضيف أن "إحسان موسى، ومنذ مدة، تلاحقه أحزاب إسلامية بهدف الإيقاع به كونه يبيع كتباً علمية، وغيرها من كتب فرج فودة وسيد محمود القمني وعبد الرزاق الجبران. هؤلاء الكتاب في الحقيقة لم ينتقدوا الدين كجزء منفصل، بل انتقدوا المتأسلمين والمتلونين الذين يتخذون من الدين ستارة لفسادهم وأعمالهم غير الشريفة". ويبدو أنّ "أحزابنا جزء من الذين تحدّث عنهم هؤلاء الكتّاب"، موضحاً أن "موسى ليس ملحداً إنما هو بائع كتب لا أكثر، ويجلب من أسواق بغداد ما يجده، ويبيع ما يطلبه القرّاء".
ودفعت الحادثة المنظمات الحقوقية والثقافية في العراق، إلى استنكار احتجاز إحسان موسى، لا سيما أنه تمّ من دون مذكرة توقيف وأمر قضائي، بحسب المركز العراقي لدعم حرية التعبير "حقوق". وأشار في بيان إلى أن "عملية اعتقال المواطن إحسان موسى، صاحب مكتبة بيت الألواح، غير دستورية"، مطالباً وزير الداخلية قاسم الأعرجي الإفراج عن المواطن إحسان موسى ومحاسبة المتسببين في اعتقال المواطنين الذين ربما يكونون مختلفين في وجهات نظرهم عن مواطنين آخرين".
بدوره، يقول الحقوقي ورئيس منظمة "الوعي والسلام" العراقية مروان سليم، لـ "العربي الجديد": "هذه الحوادث تتكرّر في المحافظات الجنوبية سنوياً. فحين ينشب خلاف ديني بين مؤسستين متشابهتين بالعقيدة، تحاول السلطات المحلية في العادة توحيدها ضد عدو مشترك، أي الملحدين". وتزامن ذلك مع تسلّم مسؤول أمني جديد مهامه وسعيه إلى تثبيت مكانته من خلال استهداف مكون أو أشخاص ليس لهم تمثيل سياسي أو مليشيا مسلحة تدافع عنهم، على حد قوله. ويبيّن لـ "العربي الجديد" أنّ "الملحدين لا يمثّلون أي خطر أمني. لكن بكل تأكيد، يمثلون خطراً سياسياً"، مضيفاً أن المؤسسة الأمنية لدينا مرتبطة بشكل وثيق بالساسة وأجنداتهم وتعمل كأداة لهم خصوصاً حين تُستخدم للتصدي لقوة فكرية تهدف إلى تقويض تسلّط الشخصيات والأطراف السياسية، المستمد من التدين والتمذهب في جنوب العراق. عليه، فإن خطر الملحدين سياسي على أنظمة السلطة في تلك المحافظات".
يتابع سليم أنّ ما تفعله السلطات يخضع لجدال كبير، بسبب غياب أطر عمل قانونية واضحة. فالعراق طرف دولي ذو شراكة فاعلة مع منظمات أممية وموقّع على اتفاقيات تضمن حرية العقيدة والتعبير بسلمية وممارسة الطقوس مهما كانت، من بينها الإلحاد. وكفل الدستور العراقي حرية التعبير عن التوجه الديني ضمن المادة 25. بالتالي، فإن حرية الأديان والمعتقدات وممارسة الشعائر الدينية مكفولة على ألا تتعارض مع أحكام الدستور والقوانين والآداب والنظام العام. "وبالتأكيد، فإنّ النظم العامة وأحكام الدستور والآداب لا تتعارض مع غياب الإيمان الذي يعتنقه الملحدون، ولا يوجد نص قانوني يتحدث عن تهمة الإلحاد، أو يضع وصفاً له ضمن الإطار الجنائي والقضائي".