جنوب السودان: لا سلام خلال مهلة الـ"إيغاد"

30 اغسطس 2014
صعوبات أمام التوصل لاتفاق سلام (سمير بول/فرانس برس/Getty)
+ الخط -

يبدو أن مهلة الـ45 يوماً التي منحتها الهيئة الحكومية للتنمية في شرق أفريقيا "إيغاد"، للحكومة في دولة جنوب السودان والمتمردين بقيادة رياك مشار للتوصل إلى اتفاق سلام، لن تكون كافية، في ظل تحفظات الطرفين على خريطة الطريق التي طرحتها الوساطة أخيراً، واقترحت خلالها تكوين حكومة استحدثت فيها منصب رئيس وزراء ونائبين بفترة انتقالية لمدة ثلاثة أعوام.

وحرمت الخريطة رئيس الوزراء الجديد، الترشّح لمنصب رئيس الجمهورية في الانتخابات العامة، فيما أبقت هذا الحق للرئيس الانتقالي. والمنصب المقترح (رئاسة الوزراء) خُصص ليُشغل من قِبل المعارضة، ويبدو أن الأقرب لشغله هو ريك مشار، المعروف بطموحاته الرئاسية.

وفي العودة لبداية الخلاف بين الرئيس الجنوبي سلفاكير ميارديت، ونائبه مشار، يظهر أن طموحات السلطة لدى الأخير، والتي أطلّت برأسها قبل عملية الانفصال وتكوين الجنوب لدولته المستقلة عن السودان، كانت سبباً أساسياً في إطاحة الرئيس الجنوبي بنائبه في يونيو/حزيران من العام الماضي، عبر العملية الجراحية القاسية التي أجراها في حكومته وأبعد بموجبها كل من كان لديه طموح في الترشح للرئاسة أو لمس لديه تأييداً لشخص غيره.

ويؤكد هذا الأمر بوضوح أن مقترح "إيغاد" بشأن منصب رئيس الوزراء، لن يحوز رضى المعارضة التي استبقت عرض الخريطة على رؤساء الهيئة الحكومية للتنمية في شرق أفريقيا في اجتماع القمة الإثنين المقبل بإعلانها رفضها للمقترح، ولا سيما أن من سيتقدّم لشغل أي منصب قيادي بموجب الخريطة هو مشار. الأمر الذي يستبعد فرضية قبول المعارضة بمقترح "إيغاد"، على أن تدفع بمرشح آخر غير مشار الذي عليه الانتظار لثلاث سنوات (مدة الفترة الانتقالية)، قبل أن يترشح للرئاسة خلال الانتخابات.

كما أن مهلة الـ45 يوماً حُددت لتشكيل الحكومة والوصول لاتفاق وقف إطلاق نار دائم ووقف الاعتداءات، لكن يبدو أن تحقيق هذه الأمور هو من المستحيلات، ولا سيما بعد إعلان "إيغاد" الأربعاء الماضي تعليق التفاوض حتى الثالث عشر من سبتمبر/أيلول المقبل، وتمسّك السلطة في جنوب السودان بقرارها رفض الدخول في مفاوضات مباشرة بحضور "أصحاب المصلحة". وهو ما عطّل المفاوضات الأخيرة بعدما انسحبت السلطة الجنوبية وتجاهلتها "إيغاد"، وأصرّت على الاستمرار في المفاوضات بحضور وفدي المعارضة و"أصحاب المصلحة".

فشل قمة رؤساء "إيغاد" الأخيرة في الاتفاق على حزمة عقوبات محدّدة ضد أي من الطرفين في حال عرقَل العملية السلمية، إضافة الى الخلافات الحادّة وتباين المصالح داخل تلك الدولة، كلها عوامل تقف عائقاً أمام التزام الأفرقاء بأي توجيهات أو قرارات صادرة عن الوساطة، التي سبق أن ضغطت لحث الأطراف على توقيع ثلاثة اتفاقات لوقف إطلاق نار ولكنها فشلت جميعها. وهو  الأمر الذي يؤكد أن الوساطة لم يعد لديها أوراق ضغط على الطرفين، واللذين يتلقيان دعماً من دول دخلت على الخط وبدأت في تقوية كل طرف عسكرياً بحسب مصالحها.

وعلم "العربي الجديد" أن هناك اتجاهاً قوياً لدخول الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي كلاعب أساسي في المفاوضات المتواصلة في أديس أبابا وسحب البساط من "إيغاد". وقالت مصادر لـ"العربي الجديد" إن الأيام المقبلة ستشهد تحركاً دولياً لإنهاء الحرب في الجنوب، ولا سيما بعد تناقل معلومات بشأن تدخّل أطراف إقليمية في تقوية الصراع، الأمر الذي يهدد استقرار المنطقة.

ويؤكد الطرفان (الحكومة والمعارضة) على إمكانية الوصول لاتفاق سلام قبل انتهاء مهلة التفاوض في حال كانت"إيغاد" جدية في ذلك، إذ يريان في تمسك الهيئة بإشراك "أصحاب المصلحة" في الحوار المباشر أمراً يعطل الحل ويقود لإطالة عملية التفاوض.

ويقول المتحدث الرسمي باسم وفد المعارضة المفاوض يوهانس موسى، لـ"العربي الجديد" إنه "ليس هناك صعوبة في التوصل لاتفاق سلام خلال عشرة أيام ناهيك عن 45 يوماً إذا أبدت الوساطة جدية في ذلك"، معتبراً أن تمسكها بإشراك "أصحاب المصلحة" في التفاوض المباشر يعرقل العملية السلمية.

وجدد موسى تأكيد رفض المعارضة استحداث منصب رئيس وزراء، مؤكداً أن الخريطة برمتها ستخضع للنقاش.

المساهمون