لقدوم شهر رمضان وقعٌ مختلف في نفوس بعض العائلات الفقيرة والمعوزة، التي لا تجد عوناً إلا ما يأتيها من مساعدات مادية أو معنوية من أشخاص أو جمعيات خيرية. هذه الأخيرة تسعى إلى مساعدة المحتاجين، وخصوصاً في المناسبات والأعياد، بهدف إدخال البهجة إلى نفوس الفقراء.
"المساندة الخيرية"، هي إحدى هذه الجمعيات التي تقدّم المساعدات للعائلات الفقيرة. وقد اختارت إعداد موائد إفطار طيلة شهر رمضان، واهتمت بألا تقتصر مبادرتها على تقديم الطعام للفقراء، بل خلق أجواء عائلية. وحرصت على أن تضم الموائد المأكولات التقليدية التونسية التي لا يخلو منها أيّ بيت عادة، بهدف "توفير ما يشتهيه أو يحتاجه كل فقير"، بحسب رئيسة الجمعية، درصاف اليعقوبي. وقالت لـ"العربي الجديد": إننا "نحرص على خلق جو عائلي، لأن رمضان هو شهر اللّمة".
وأضافت درصاف أنها واجهت، في بداية رمضان، مشكلة إيجاد طباخ متفرّغ، فاضطرت إلى إعداد الطعام بنفسها لأكثر من مئة شخص، بمساعدة بعض النساء. وأشارت إلى أن "الجمعية تتلقى التبرعات من ميسوري الحال. بعضهم يقدّم مبالغ مالية، في حين يساهم الغالبية بمواد غذائية، كالعجين والخضار والحليب"، موضحة أن "كلفة اليوم الواحد تقدّر بألف دينار(نحو 800 دولار)".
في السياق، قالت فاطمة، وهي أرملة وأمّ لثلاثة أبناء، إن دخلها الشهري لا يتجاوز 300 دينار(200 دولار)، ولا يكفيها لتغطية مصاريف رمضان، في ظل غلاء المعيشة، فوجدت في هذه الساحة ملاذاً لها ولأبنائها. وأضافت أنها تستمتع بتناول الإفطار في هذه الساحة مع باقي جيرانها في المنطقة.
وسعت الجمعية أيضاً إلى الاهتمام بذوي الاحتياجات الخاصة، من خلال إيصال الطعام إلى بيوتهم. وقالت رئيسة الجمعية إن "35 شخصاً من ذوي الاحتياجات الخاصة والمرضى والمسنين يصلهم الطعام إلى بيوتهم".
مساعدات غذائية
اختارت جمعيات أخرى تقديم مساعدات غذائية في شهر رمضان لبعض العائلات الفقيرة، وخصوصاً في المناطق الداخلية، على غرار جمعية "تكافل" و"البنيان المرصوص" و"تونس الخيرية".
وقال رئيس "تونس الخيرية"، عبد المنعم الدايمي، إن "الجمعية استطاعت تقديم مساعدات غذائية لأكثر من ألفي عائلة تونسية، وخصوصاً في المناطق الداخلية التي تشهد ارتفاعاً في نسبة الفقر". ولفت إلى "تخصيص التبرعات المالية التي يحصلون عليها لشراء حاجيات أخرى للعائلات خلال هذا الشهر".
من جهتها، قالت رئيسة "تكافل"، منية الساكت، لـ"العربي الجديد"، إنها "سعت وكامل أعضاء الجمعية إلى توزيع مساعدات غذائية على قرابة 200 عائلة في مناطق مختلفة"، مشيرة إلى أن "غلاء الأسعار ساهم بشكل كبير في عدم قدرة العديد من العائلات على توفير حاجياتها الغذائية خلال هذا الشهر".
ختان الأطفال
ولأن العديد من العائلات التونسية تتخذ من شهر رمضان مناسبة لختان أطفالها، وخصوصاً بعد منتصف الشهر، فإن جمعيات عدة سعت لئلا يُحرم البعض من هذه "الفرحة". وأشرفت جمعيات عدة، على غرار جمعية "حماية حقوق الطفل" التي يرأسها الطبيب معز الشريف، و"الطفل المواطن"، و"أمل تونس"، على ختان حوالى 29 طفلاً في منطقة فرنانة، و17 طفلاً في منطقة غار دماء، في محافظة جندوبة.
بينما عملت جمعيات أخرى على تأمين الملابس التقليدية التي يرتديها الأطفال في حفلات الختان هذه. وقال الشريف: "سعينا إلى خلق جوّ من الفرح في نفوس بعض العائلات الفقيرة"، مشيراَ إلى أن "حملة ختان الأطفال ستتواصل يومياً حتى ليلة السابع والعشرين من الشهر".