"حسنة قليلة تمنع بلايا كثيرة".. يتردد هذا الصدى في آذان المشاة والسائقين في أحد شوارع مدينة صيدا، جنوب لبنان. يتكرر نداء الفتى الصغير كلما مرّ أحدهم من أمامه، أو عندما تضيء إشارة السير الحمراء. يقترب جمال، بجسده النحيل الصغير وقميصه الأزرق وسرواله الجينز المتسخين، حافي القدمين. بعضهم ينهرونه ويبعدونه عنهم. ومنهم من يحاول ضربه. وآخرون قد يحنّ قلبهم على الفتى الذي فرض عليه والده كما يقول أن يترك المدرسة من أجل التسوّل.
يرفض جمال في البداية الحديث إلى "العربي الجديد" خوفاً من ملاحقة الشرطة، بحسب ما يبرّر. ثم يجيب على بضعة أسئلة. يبلغ جمال من العمر عشر سنوات. يتجوّل على "دوّار إيليا" في مدينة صيدا، بين المارة والسيارات. وفي بعض الأحيان يذهب إلى الكورنيش البحري في المدينة. هناك يتجول بين المقاهي، واحداً واحداً. يقول: "لن أعطيكم اسم والدي أو عائلتي. فإذا علم بحديثي إليكم، يضربني. هو لا يحبّ أن أتحدث عن عملي. تركت المدرسة وأنا في الصف الثالث الأساسي، ولم أخرج منها رغبة مني، بل فرض عليّ والدي تركها حتى أساعده في التسوّل. هو المعلم في هذه المصلحة". يضيف: "أمي وأبي منفصلان. لديّ ثلاث شقيقات يعشن مع أمي، وهي تعمل في تنظيف البيوت حتى تصرف عليهنّ وعلى جدتي، والدتها. والدي لا يعمل، يتكل على ما آخذه من أيدي الناس، وفي معظم الأحيان يذهب إلى بيت جدتي، مكان سكن أمي وشقيقاتي، ويضرب أمي حتى تعطيه المال، ويأخذه منها بالقوة". يؤكد أنّ والده "صاحب مزاج" في إشارة إلى إدمانه الحشيش. يتابع: "عدا عن التسول، أنظف زجاج السيارات في بعض الأحيان. يعطونني بعض المال، لكنّ معظمهم يشتمني، ويبعدني عن سيارته".
يرفض جمال أن يفصح عن المبلغ الذي يجنيه خلال فترة العمل اليومي التي تمتد منذ ساعات الصباح الأولى حتى ساعات متأخرة من المساء، إن كان في الشتاء البارد أو في الصيف القائظ.
جمال، وهو ما زال طفلاً، لا يعرف لقمة كريمة يتناولها مع أمه وشقيقاته، فهو مضطر إلى تأمين المال حتى لا يضربه والده. قد يسعفه حظه أحياناً في أن يلقي إليه أحدهم ببعض الطعام، لكنّ ذلك لا يحدث كثيراً. أما شقيقاته، فيقول جمال عنهنّ: "لا يعملن، فهنّ صغيرات جداً على ذلك".
لكن، وبينما يُتابع كلامه هذا، يهرب من المكان سريعاً وبخوف كبير. رجال الشرطة كانوا يقتربون. يحسب أنّنا سنسلمه إلى الدركي ولا ينتظر هذا الاحتمال، بل يفرّ مجدداً كي يعاود نشاطه مع اختفاء الشرطة من المكان.
اقــرأ أيضاً
يرفض جمال في البداية الحديث إلى "العربي الجديد" خوفاً من ملاحقة الشرطة، بحسب ما يبرّر. ثم يجيب على بضعة أسئلة. يبلغ جمال من العمر عشر سنوات. يتجوّل على "دوّار إيليا" في مدينة صيدا، بين المارة والسيارات. وفي بعض الأحيان يذهب إلى الكورنيش البحري في المدينة. هناك يتجول بين المقاهي، واحداً واحداً. يقول: "لن أعطيكم اسم والدي أو عائلتي. فإذا علم بحديثي إليكم، يضربني. هو لا يحبّ أن أتحدث عن عملي. تركت المدرسة وأنا في الصف الثالث الأساسي، ولم أخرج منها رغبة مني، بل فرض عليّ والدي تركها حتى أساعده في التسوّل. هو المعلم في هذه المصلحة". يضيف: "أمي وأبي منفصلان. لديّ ثلاث شقيقات يعشن مع أمي، وهي تعمل في تنظيف البيوت حتى تصرف عليهنّ وعلى جدتي، والدتها. والدي لا يعمل، يتكل على ما آخذه من أيدي الناس، وفي معظم الأحيان يذهب إلى بيت جدتي، مكان سكن أمي وشقيقاتي، ويضرب أمي حتى تعطيه المال، ويأخذه منها بالقوة". يؤكد أنّ والده "صاحب مزاج" في إشارة إلى إدمانه الحشيش. يتابع: "عدا عن التسول، أنظف زجاج السيارات في بعض الأحيان. يعطونني بعض المال، لكنّ معظمهم يشتمني، ويبعدني عن سيارته".
يرفض جمال أن يفصح عن المبلغ الذي يجنيه خلال فترة العمل اليومي التي تمتد منذ ساعات الصباح الأولى حتى ساعات متأخرة من المساء، إن كان في الشتاء البارد أو في الصيف القائظ.
جمال، وهو ما زال طفلاً، لا يعرف لقمة كريمة يتناولها مع أمه وشقيقاته، فهو مضطر إلى تأمين المال حتى لا يضربه والده. قد يسعفه حظه أحياناً في أن يلقي إليه أحدهم ببعض الطعام، لكنّ ذلك لا يحدث كثيراً. أما شقيقاته، فيقول جمال عنهنّ: "لا يعملن، فهنّ صغيرات جداً على ذلك".
لكن، وبينما يُتابع كلامه هذا، يهرب من المكان سريعاً وبخوف كبير. رجال الشرطة كانوا يقتربون. يحسب أنّنا سنسلمه إلى الدركي ولا ينتظر هذا الاحتمال، بل يفرّ مجدداً كي يعاود نشاطه مع اختفاء الشرطة من المكان.