وتأتي هذه الإحاطة وسط ترقب لتقرير الأمم المتحدة حول الملف الإنساني ومدى استجابة جماعة "أنصار الله" (الحوثيين) لمطالب الأمم المتحدة، التي ترفض وضع قيود عليها فيما يخص المساعدات الإنسانية بما فيها فرض الضرائب.
وشهد الملف اليمني على مستوى المفاوضات انتكاسات جديدة منذ منتصف يناير/كانون الثاني في ظل تصاعد الاقتتال شمال البلاد، بعد تفاؤل حذر تحدث عنه غريفيث نهاية العام الماضي. وتمكنت جماعة الحوثيين من السيطرة على مناطق جديدة في شمال البلاد لأول مرة منذ سنوات.
وعاد غريفيث من زيارة إلى مأرب، شمال اليمن، أخيراً، وبدا متشائماً من التطورات على الأرض. وبحسب مصادر دبلوماسية في الأمم المتحدة فإن غريفيث سيتطرق في إحاطته إلى هذه الزيارة.
ويعطي بيان الأمم المتحدة الذي صدر بعد زيارة غريفيث فكرة عن الموقف الذي سيعبر عنه خلال جلسة الخميس. وكان غريفيث قد صرح في وقت سابق من الأسبوع، بعد عودته من مأرب، قائلاً "ما يبعدنا عن السلام هي المغامرة العسكرية والسعي لتحقيق المكاسب المناطقية التي نشهدها منذ منتصف يناير في شمال اليمن. من الضروري أن تبقى مأرب بمعزل عن النزاع الدائر، لضمان كونها ملاذاً لليمنيين، لمواصلة طريقها نحو الازدهار".
وأضاف "لقد استقبلت مأرب مئات الآلاف من اليمنيين النازحين منذ بداية النزاع. وفي الأسبوع الماضي لوحده وصلت إليها قرابة ألف عائلة هاربة من الاقتتال في محافظة الجوف المجاورة".
ونوه إلى أن الطريق الوحيد لإنقاذ اليمن، بغية ألا ينزلق مجدداً إلى صراع واسع النطاق ومأساة إنسانية إضافية، هو العودة إلى الهدوء من خلال عملية خفض تصعيد شاملة خاضعة للمساءلة".
وكان رئيس بعثة الأمم المتحدة لدعم اتفاق الحديدة، اللواء أبهجت غوها، قد أصدر هو الآخر بياناً في الثامن من الشهر يعرب فيه عن قلقه الشديد عقب غارة جوية للتحالف العربي بقيادة السعودية، على الصليف شمال ميناء الحديدة، مشيراً إلى أنها تعيق عملية السلام وتعرض تنفيذ الاتفاق إلى خطر.
ويشهد اليمن أكبر أزمة إنسانية في العالم، بحسب الأمم المتحدة، حيث يصل عدد المحتاجين إلى مساعدات إنسانية إلى 24 مليون يمني.
ويعيش ملايين اليمنيين على حافة الجوع حيث يقدم برنامج الغذاء العالمي التابع الأمم المتحدة شهرياً مساعداته إلى 12 مليون يمني. وتقدر الأمم المتحدة حجم احتياجاتها لهذا العام لتمويل صندوق المساعدات الإنسانية لليمن إلى قرابة 3.2 مليارات دولار.
وتحاول الحكومة اليمنية والحوثيون استخدام المساعدات الإنسانية كأداة حرب. وعبرت الأمم المتحدة في أكثر من مناسبة عن رفضها لذلك كما رفضها الخضوع لتلك الضغوطات.
ولا تقتصر تلك الضغوطات على الأطراف الفاعلة على الأرض حيث تستخدم الدول المانحة كذلك ضغوطاتها ونفوذها لوقف تقديم المساعدات في مناطق بعينها كما حدث، أخيراً، مع الضغوطات الشديدة التي تمارسها الولايات المتحدة، التي تدعم التحالف بقيادة السعودية، على الأمم المتحدة لوقف جزء من مساعداتها في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون.
وفي هذا الشأن، قال مسؤول أميركي في وزارة الخارجية، فضل عدم ذكر اسمه، لـ"العربي الجديد" في نيويورك، إن "الولايات المتحدة تشعر بالقلق الشديد إزاء الموضوع ولا يمكنها تمويل عمليات إغاثة وبشكل مسؤول أمام دافع الضرائب الأميركي، إن لم تكن هناك مراقبة وحماية لمصداقية برنامج المساعدات الإنسانية في اليمن. وتحتاج الولايات المتحدة لرؤية تقدم ملموس من قبل الحوثيين من أجل رفع تلك العوائق (التي تفرضها جماعة الحوثيين) بغية أن تستمر في تقديم مساعداتها".
وكان المتحدث الرسمي باسم الأمين العام للأمم المتحدة، ستيفان دوغاريك، قد صرح لـ"العربي الجديد" في نيويورك رداً على أسئلة حول الموضوع، قائلاً "لقد أعلنت الأمم المتحدة في أكثر من مناسبة وبشكل صريح عن وجود قيود على إيصال المساعدات الإنسانية في اليمن، وتحديداً في الشمال".
وأضاف "لقد عقدنا اجتماعات مع الدول المانحة وأجرينا مشاورات حول الموضوع وأحطنا تلك الدول بتفاصيل عملنا والإجراءات التي تتخذ بهذا السياق. كما قمنا بتكثيف مباحثاتنا حول الموضوع مع السلطات المختصة على الأرض"، معبراً عن أمله أن يتم الوفاء بالتعهدات التي قطعتها الأطراف.
وتترقب الدول المانحة تقرير مكتب الأمين العام للاطلاع على مدى وفاء جماعة الحوثيين بالوعود التي قطت قبل قرابة الشهر ومفادها عدم فرض الضريبة على المساعدات الإنسانية، وعدم ربطها بموقف سياسي، وتقديمها بما يلتزم مع القانون الإنساني الدولي.