وقال رئيس البرلمان، علي عبد العال، مخاطباً الحضور: "تعلمون أن الدستور هو الوثيقة الأسمى والعليا في البلاد من حيث مراتب التدرج التشريعي، والتي تعكس نظام الدولة، وترتيب السلطات فيها، والعلاقات بينها، وتقرر الحقوق والحريات العامة"، مستدركاً "الدستور وثيقة تقدمية نابضة بالحياة لا تكف عن التطور، وبالتالي فهو ليس صنماً أو تعاليم دينية منزلة، بل هو اجتهاد قابل للتعديل والتطوير بما يدور مع الواقع، ويحقق مصالح الدولة والمواطنين".
وأضاف عبد العال: "تعلمون أيضاً أن المادة 226 من الدستور نظمت آليات وإجراءات تعديل الدستور، وأناطت بمجلس النواب بشكل أساسي القيام بهذه الإجراءات، وهي تنقسم إلى مرحلتين، الأولى هي إقرار مبدأ التعديل في حد ذاته، وفيه يتم تحديد المواد المطلوب تعديلها ومضمونها، والثانية هي مرحلة صياغة التعديلات داخل لجنة الشؤون التشريعية، وهذه المرحلة تمتد لمدة ستين يوماً".
وتابع: "تلقينا في أول 30 يوماً مقترحات عديدة سواء من نواب البرلمان، أو من غيرهم من الجهات والهيئات والمواطنين، وقد كلفت الأمانة العامة بإتاحة جميع المقترحات المقدمة والمطابقة للشروط للجْنة، ومتابعة جميع المقالات والكتابات الصحافية التي نشرت في هذه الفترة لتكون تحت بصر النواب. كما كلفت الأمانة العامة بطباعة التعديلات المقترحة، وإتاحتها لكل الحضور وأعضاء البرلمان الحاضرين".
وزاد عبد العال: "سنعقد الحوار المجتمعي اللازم على النحو الذي سبق الإعلان عنه على مدى 15 يوماً، والهدف منه الاستماع والإنصات بغرض التفكر تمهيداً لاتخاذ القرار، وتمكين النواب من تكوين قناعاتهم في حضور ذوي الشأن من رجال الدولة والمجتمع، بتغطية كاملة من الإعلام والصحافة، ومحرري البرلمان. وسوف أقوم -بحكم واجبي ومسؤولياتي- برئاسة جميع جلسات الحوار المجتمعي لأستمع وأنصت وأفكر معكم".
وأشار كذلك إلى أن المجلس (البرلمان) صوت على ألا تقل جلسات الحوار المجتمعي عن ست جلسات، تبدأ بسماع رأي ممثلي الأزهر، والكنيسة، والجامعات، ورجال الإعلام والصحافة، على أن تعقد جلستين غدا الخميس، الأولى لرجال القضاء (صباحية)، والثانية لأعضاء المجالس القومية والنقابات (مسائية)، ثم تستأنف الجلسات الأربعاء المقبل بالاستماع إلى رجال السياسة والأحزاب، وإلى رجال الاقتصاد والكيانات والمؤسسات الاقتصادية والمالية، والشخصيات العامة وممثلي المجتمع المدني المصري، في جلستين صباحية ومسائية يوم الخميس من الأسبوع المقبل.
وزعم عبد العال أن "هذه الجلسات تغطي جميع شرائح المجتمع وفئاته، بحيث يعتمد المجلس في حواره على الانفتاح والشفافية، والاستماع إلى جميع الآراء المؤيدة والمعارضة، وكذلك الآراء الفنية من جوانبها المختلفة"، مستطرداً "لقد تعهدت في الجلسة العامة للمجلس بفتح حوار مجتمعي واسع حول التعديلات، لأن وضع الدستور أو تعديلاته عمل تشاركي يجب أن يشترك فيه الجميع".
ودعا عبد العال جميع أعضاء البرلمان إلى الاستماع والإنصات وكتابة الملاحظات، وتأجيل المداولة والنقاش البرلماني إلى ما بعد انتهاء جلسات الحوار المجتمعي، بدعوى أن الديمقراطية تقتضي سماع جميع الآراء، والانصياع أخيراً إلى رأي الأغلبية، على أن تكون الكلمة في نهاية المطاف إلى الشعب صاحب السلطة الأصيلة في وضع الدستور وتعديله.
من جهته، قال أستاذ القانون الدستوري المقرب من النظام الحاكم، صلاح فوزي، إن "كل الدساتير قابلة للتعديل، وهناك بعض الدول عدلت دساتيرها بعد عام واحد من إقرارها"، مشيراً إلى أن "الدستور الحالي وضع آلية للتعديل، والمادة 226 من الدستور وضعت حظراً في شأن إعادة انتخاب رئيس الجمهورية، وليس في مدة الولاية، وهو التفسير الصحيح للنص الدستوري".
وأضاف فوزي أن "الحظر المطلق بخصوص مدد الرئاسة أمر خاطئ، ويجب تخصيص (كوتة) للمرأة في التعديلات الدستورية المقترحة، لأنها تتفق مع توصيات مؤتمر البرلمان الدولي، بعدما لوحظ أن نسبة مساهمة المرأة في العمل السياسي لا تتجاوز 15 في المائة"، على حد تعبيره.
وأفاد فوزي بأن حذف كلمة "متكافئ" من النص المتعلق بانتخابات البرلمان، والذي يلزم بتمثيل متكافئ بالدوائر، أمر يحسب لمجلس النواب لصعوبة تحقيقه، معتبراً أن هناك صعوبة في احتساب الوزن النسبي للدوائر قياساً بنسبة السكان مع المحافظات.
وأيد فوزي إنشاء مجلس أعلى لجميع الهيئات القضائية برئاسة السيسي، بحجة أن رئيس الجمهورية سيضمن استقلاله، وكذلك النص الخاص بضمان حفاظ القوات المسلحة على "مدنية الدولة"، مختتماً بأن النصوص الدستورية تقرأ كوحدة واحدة، وهناك أهمية في منح هذا الاختصاص إلى المؤسسة العسكرية، وفق زعمه.
وتستهدف التعديلات الدستورية مد فترة الرئاسة من أربع إلى ست سنوات، والسماح للسيسي بالترشح لولايتين جديدتين بعد انتهاء ولايته الثانية في العام 2022، وإنشاء مجلس أعلى لجميع الهيئات القضائية برئاسته، وغرفة ثانية للبرلمان تحت اسم "مجلس الشيوخ" من دون صلاحيات حقيقية، وإعادة صياغة وتعميق دور الجيش في حماية مدنية الدولة، واشتراط موافقة المجلس الأعلى للقوات المسلحة على تسمية وزير الدفاع.