وانتشرت احتجاجات في منطقة سيدي لعجال بين ولايتي الجلفة وتيارت غرب العاصمة الجزائرية، وكذا في منطقة بوسعادة بولاية المسيلة جنوب الجزائر، وفي منطقة جامعة بولاية الوادي جنوب شرق الجزائر.
وقال قسوم نور الدين، من ولاية الوادي، لـ"العربي الجديد"، إن عشرات من المرضي يقصدون العيادات الخاصة بالولاية، أو يتوجهون نحو مستشفيات العاصمة الجزائرية والولايات الكبرى إن احتاج المريض رعاية خاصة، وأن كثيرين وجدوا أنفسهم مضطرين إلى قطع أكثر من 800 كيلومتر للعلاج، وبعضهم يلجأ إلى العلاج في العيادات التونسية الخاصة.
ولفت نور الدين إلى أن الجزائريين في هذه الولاية المتاخمة لتونس، باتوا يجمعون المال لأجل الحصول على العلاج المكلف، بهدف الهرب من عناء التنقل من مركز طبي إلى قاعة علاج إلى مؤسسة طبية ثم إلى مستشفى.
"الذهاب والإياب يضيع الكثير من الوقت، وأحيانا يتجاوز الستة أشهر من أجل إجراء عملية جراحية، السكان في الولايات الداخلية صار هاجسهم البحث عن دواء"، حسب ما يقول التهامي داوود لـ"العربي الجديد".
وتزامنت الاحتجاجات على وضع قطاع الصحة في الجزائر مع حادثة مؤلمة عاشتها البلاد الأسبوع الماضي، تمثلت في وفاة امرأة حامل وجنينها بسبب إهمال طبي من قبل ثلاثة مستشفيات بولاية الجلفة، كما أوضحت التحقيقات الأولية، وهو ما يعيد إلى الأذهان توجسا بات يقض مضجع كل من زار مستشفى أو أراد البحث عن علاج.
في مدينة سيدي لعجال، طالب السكان بتوفير وسائل طبية، وتقديم خدمة الأشعة والتصوير الطبي، كما أكد عشرات المرضي في تصريحات متفرقة لـ"العربي الجديد"، أنهم يعانون بسبب التقص الكبير الذي تشهده العيادة العمومية للمدينة، وهو ما يدفعهم إلى التنقل نحو ولايات أخرى وتحمل مشاق السفر ومصاريف النقل.
أصوات تنادي بوجود لجان تفتيش في المستشفيات، مثلما قال النقابي عبد الهادي مداح لـ"العربي الجديد"، موضحا أن قطاع الصحة صار "مريضا يصارع الموت، والحالة التي يعيشها المرضى مزرية، بالرغم من الاصلاحات التي يشهدها والأموال التي تصرف من الخزينة العمومية على القطاع".
وأكد مداح أن المعضلة الكبري في الجزائر هي الصحة، لأنها أهم خدمة تقدم للمواطن البسيط والموظفين وتحتاج إلى إعادة نظر، خصوصا أنه "كل يوم يموت المرضى إما بسبب الإهمال أو الأخطاء الطبية".
"ذهبت بحمى ورجعت بجرح عميق"، هكذا قال السيد وليد رحناتي، من منطقة عين الدفلى، والذي أخذ ابنه ذا الـ10سنوات إلى مستشفى مصطفى باشا الجامعي في العاصمة الجزائرية، من أجل علاجه بعدما ارتفعت حرارته، وعندها تم تحويله من مكان إلى آخر.
وتشهد المستشفيات الجزائرية اكتظاظا رهيبا رغم التعزيزات بأخصائيين وأطباء وممرضين، إلا أن بعضهم يقول "ما ذنبنا أن نشرف على ولادة 50 امرأة في اليوم، في ظل العطلة الصيفية؟"، وهو ما يؤشر إلى وجود فجوة بين التسيير في ظل تزايد الطلب في فترة الصيف، بالتوازي مع مختلف الإصلاحات التي قامت بها الحكومة في مختلف القرى والمدن والبلديات بتوفير قاعة علاج على مستوى 1580 بلدية موزعة على 48 ولاية جزائرية، حسب تقارير وزارة الصحة والسكان.
ورغم احتجاجات المواطنين، وعدم تقبلهم للأوضاع، إلا أن العاملين في قطاع الصحة أيضا لديهم اعتراضات حول الوضع، حيث طالب العديد منهم بتوفير الظروف اللازمة من أجل تقديم خدمة صحية عادلة، مثلما ذكرت الدكتورة نورية حاشي لـ"العربي الجديد".
وقالت حاشي إن ظروف العمل في المراكز الطبية الحكومية تدفع السلك الطبي أحيانا لعدم تحمل المسؤولية بسبب عدم توفر المستلزمات والأدوية اللازمة، ما يدفع بالطبيب إلى توجيهه نحو مقار طبية كبرى.