جزائريون في فرنسا غير مبالين بزيارة هولاند إلى بلادهم

14 يونيو 2015
الرئيس الصامت منذ آخر خطاب له عام 2012 (GETTY)
+ الخط -



بنوع من اللامبالاة يتعامل الجزائريون في باريس مع الزيارة الخاطفة التي سيقوم بها الرئيس فرانسوا هولاند إلى الجزائر، يوم غد الإثنين 15 يونيو/حزيران، ويستحضرون مرض الرئيس عبد العزيز بوتفليقة المزمن، والذي "يشلّ بلداً كبيراً ونافذاً".

وأغلبية من سألناهم عن القرار السياسي في الجزائر، أكدوا أن رئيس بلادهم غائب عن القرار، وأن ظهوره من حين لآخر، والتقاط صُوَر مع ضيوفه، لا تجعل منه سيد الجزائر.

أحد الجزائريين وهو من جيل الشباب، قال: "تعوّدنا في فرنسا أن يُفرَض على الرئيس أن يحدّث شعبه عن صحته بانتظام، لذلك نستغرب إصابة بوتفليقة بمرض غامض، جعل برنار دوبري، وهو طبيب وسياسيّ فرنسي، يقول إنه سرطان المعدة".

ويتفق الجميع على صعوبة إحداث تغيير ديمقراطي في الجزائر، واعتبر بعضهم أن الانتخابات الأخيرة لم تكن نزيهة، ليس فقط لأن الدولة تمول الأحزاب الرسمية وتُضيّق على الأحزاب الأخرى فقط، بل لأن المواطنين الجزائريين لا يصوتون أيضاً؛ بسبب تشكيكهم بمصداقية اللعبة الانتخابية ذاتها.


وحين تسألهم عن النفط والغاز، يتحول كل جزائري إلى محلل اقتصادي. وليس غائباً عن أحد منهم حقيقة أن عائدات البلاد انخفضت بنسبة 50 في المائة بسبب انخفاض أسعار النفط، ما يعني "أن الأزمة سيزداد استفحالها مع استمرار تدني أسعار الذهب الأسود".

أحمد، بائع خضار جزائري، وبلا أوراق قانونية منذ سنوات، تمنى على الرئيس بوتفليقة أن يقنع ضيفه هولاند بتسهيل حصول الجزائريين على تأشيرات سفر إلى فرنسا، ومعاملة أولئك الذين كانوا إلى حدود سنة 1962 مواطنين فرنسيين، معاملة خاصة.       

فرانسوا هولاند وهواه الجزائري

يتمتع الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند بصداقات كبيرة في الجزائر، أثناء تسييره للحزب الاشتراكي الفرنسي، وهو يعتمد عليها للوصول إلى علاقات اقتصادية مهمة مع الجارة الغنية، بغازها ونفطها وسوقها الكبير وبشبابها. وبينما كان الساسة الفرنسيون عادة يحابون الرباط على حساب الجزائر، يحاول فرانسوا هولاند ووزراؤه التوجه نحو الجزائر أو محاولة الدفاع عن توازن صعب في العلاقات بين جارين مغاربيين لا يزال التوتر يسم علاقاتهما منذ فترة استقلالهما عن المستعمر الفرنسي.

وليس الأمر مجرد شائعات، فقد شهدت العلاقات الفرنسية المغربية فتوراً خلال أكثر من سنة، قبل أن تفرض "الواقعية السياسية" نفسها، ويجد الطرفان حلاً لهذا الفتور، في حين أن الجزائر الحريصة على "سيادتها"، ساعدت القوات الفرنسية المتواجدة في مستنقع مالي والصحراء باعتراف الفرنسيين أنفسهم، وساهمت، برضى الفرنسيين، في فرض اتفاق سياسي بين الطوارق والحكومة المالية سيُوقَّعُ عليه يوم 20 يونيو/حزيران الحالي، كما أنها لا تزال تمتلك كثيراً من الأوراق في الملف الليبي وفي انتشال معضلة الصحراء من الجمود الذي تعرفه.


وإذا كانت المعارضة السياسية الجزائرية، والتي تتفق على أن الشعب لا يعرف من الذي يتخذ القرارات، عاجزةً عن تقديم البديل لحكم عبد العزيز بوتفليقة المريض (آخر خطاب له إلى الشعب الجزائري يعود إلى 8 مايو/أيار 2012)، فإنها ترى في كل تقارب فرنسي جزائري محاولة من فرنسا للمساعدة على ترتيب البيت الجزائري وتنظيم الوراثة بشكل سلس، ولا تتردد في تكرار أن فرنسا متواطئة مع النظام الجزائري أو أنها تُطيل من عمره.

وحتى إذا كانت بعض هذه الاتهامات صحيحة، فإن الرئيس فرانسوا هولاند هو بصدد زيارة عمل ثانية، استجابة لدعوة من الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، بعد تلك التي حدثت قبل سنتين ونصف، والتي نجحت في إرساء "علاقات وظيفية" بين الطرفين، بعد أزمات سابقة فجرتها فرنسا في حكم اليمين، حين صوّت البرلمان الفرنسي، بأغلبيته اليمينية، على قرار يُشيدُ بـ"الآثار الإيجابية للاستعمار الفرنسي"، وكذلك بعد نقاشات فتحها الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي حول "الهوية الوطنية"، إضافة إلى العلاقات الممتازة بين اليمين الفرنسي والمغرب.

وتدارُكاً لأي سوء فهم لهذه الزيارة إلى الجزائر من قبل السياسيين المغاربة، تم تسريب أخبار مفادها أن الاتصالات جارية بين الرباط وباريس لتحديد موعد لزيارة الرئيس فرانسوا هولاند إلى المغرب قبل نهاية سنة 2015.

شخصٌ واحدٌ، في سوق "بورت ديفري"، استحضر جرائم فرنسا في الجزائر ومسألة اعتراف الدولة الفرنسية بمسؤولياتها في البلاد، وقال، في نوع من اليأس: "لن نَرَى هذا المطلب الشعبي يتحقق في ظل الفراغ السياسي الكبير الذي تعيشه الجزائر منذ سنوات طويلة"، قبل أن يضيف "هي ملفات سنتركها للأجيال القادمة"، ربّما!

اقرأ أيضاً: عالم اجتماع فرنسي:المسلمون الفرنسيون أقلية مهضومة الحقوق

المساهمون