يقول هارون، الشخصية المحورية في رواية الكاتب الجزائري كمال داود، "ميرسو، تحقيق مضاد"، إنه لم يتعلم اللغة الفرنسية إلا لغرض واحد، وهو أن يتكلّم في مكان "ميّت" ويقصد أخاه "موسى"، وهو ذاك "العربي" الذي قتله "ميرسو" في رواية "الغريب" لألبير كامو.
هي إشارة في غاية الأهمية، إلى علاقة الجزائري باللغة الفرنسية داخل المخيال السردي المعاصر، وهي كما تبدو علاقة مرتبطة بحدث رمزي هو جريمة القتل.
اللغة بالنسبة إلى هارون هي ضرورة، وليست مجرد ترف. ولم تكن رغبته عفوية لتعلّمها. بل هي أداة للبقاء على قيد الحياة، كما أنها وسيلة للثأر على مقتل أخيه، لأنه أدرك أنّ الجريمة الحقيقة اقترفتها تلك اللغة، هي جريمة وقعت داخل كتاب، فلا بد من أنّها لغة مضرجة بدم الضحية.
دائماً هي ذاتها، العلاقة بين اللغة والقتل، وبين اللغة والموت، وفي كلتا الحالتين، تكتسب اللغة الفرنسية هذه الرمزية الدموية أو التراجيدية.
ثمة شيء ما من روح مالك الحداد التراجيدية إزاء اللغة الفرنسية، التي وصفها بأنها منفاه، وبأنّها تمثّل ذلك الشقاء النبيل الذي لازم الكاتب الجزائري في مراحل تطوره التاريخي والثقافي.