يتعرّض آلاف المحاصرين في حي الوعر، آخر معاقل المعارضة في مدينة حمص، منذ أربعة أيام، لقصف عشوائي من قبل الدبابات ومدافع الهاون إضافة إلى القناصات التي ترصد معظم الشوارع الرئيسية، ما تسبب في إصابة نحو 80 شخصا، بعضهم في حالة خطرة، سقطوا خلال 4 أيام من القصف، لم تكن إصابتهم إلا بداية لرحلة رفيقهم فيها الموت والألم.
وقال المتحدث باسم "مركز حمص الإعلامي"، محمد السباعي، في حديث مع "العربي الجديد"، إن "الرحلة إلى المشفى الميداني في حي الوعر تقتضي أن تكون متأكدا أنك تخاطر بحياتك، إن كنت مصابا أو مسعفا، أو كنت تريد زيارة جريح، فكيف إن كنت إعلاميا تريد توثيق مجزرة هنا أو هناك من جراء القصف العشوائي للمناطق السكنية".
وأضاف أن "أول المخاطر التي تواجه أهالي الوعر هم القناصة على مدار الساعة، الذين يرصدون الطرق الرئيسية والعامة، حيث يعيقون فرق العمل المدني أثناء قيامهم بإسعاف الجرحى، وشل حركة المدنيين".
وتابع "إذا استطعنا الوصول إلى المشفى نكون منهكي القوى جراء الركض والاختباء طول الطريق. بمجرد دخولنا إلى المشفى تجد الجرحى مستلقين على الأرض، فعدد الأسرّة الموجودة يكاد لا يذكر، وأغلب الأوقات نحتار أين نضع الجرحى".
وبيّن أن "في المشفى الميداني يوجد 6 أطباء فقط لا يغطون الاختصاصات الأساسية، في حي يحاصر فيه أكثر من 75 ألف نسمة، يزيد من أعبائهم فقدان أكياس الدم وأكياس السيرومات والسرنجات وأجهزت تخطيط القلب والتصوير والإيكو وغيرها، ورغم ذلك يتمكن الأطباء من إنقاذ حياة العديد من الأشخاص، ليبدأ تحدي نقص الأدوية، حيث يمنع النظام دخول الأدوية منذ زمن، وعلى رأسها المضادات الحيوية ومسكنات الآلام، وأدوية الأمراض المزمنة، كما أن غالبية الناس يتقاسمون الأدوية، فالجريح لا يأخذ أدويته كاملة بسبب الحصار، فبدل أن يتناول 60 حبة يأخذ 6 حبات فقط".
وذكر أنه "يضاف إلى نقص الدواء نقص المواد الغذائية، فالمصاب محروم من الطعام الذي يساعده على الشفاء مثل الحليب والبيض واللحمة، فيقتصر غذاؤه على القليل من الرز أو البرغل ورغيفين من الخبز طوال اليوم".
وتابع "من الصعوبات التي يعاني منها المشفى الميداني كذلك، عدم توفّر الكهرباء، فتصوّر مشفى بلا كهرباء، في حين لا يوجد مازوت أو بنزين لتشغيل المولّدات، فلا يبقى أمامهم إلا المدخرات الكهربائية (البطاريات) والتي يحاولون شحنها خلال توفّر التيار الكهربائي الذي يستمر لمدة ساعة واحدة في 24 ساعة، وقد ينقطع التيار خلالها عدة مرات".
ولفت إلى أن "انقطاع الكهرباء يترك آثاره السلبية على جميع المحاصرين في الحي، فالكهرباء تحرمك من الكثير من الاحتياجات اليومية، وعلى رأسها المياه، فالحي نصفه بنايات تتكون من 9 طوابق، والمياه لا تصل إلى الخزانات إلا عبر المضخات، وبلا ماء أنت محروم من الغسيل والطهي وغيرها من الاحتياجات، مثل شحن مدخرات الإضاءة والجوالات وأجهزة الكمبيوتر، وهذا يلامس كثيرا الناشطين، خاصة في أوقات القصف".
ورأى السباعي أن "سيناريو حلب يتكرر اليوم في حي الوعر بكل تفاصيله، فالمشفى الميداني بلا أدوية ولا معدات، والدفاع المدني بلا وسائل ولا محروقات، والمدنيون بلا غذاء، وشوارعنا رائحة الدماء لا تغادرها".
ويحذّر ناشطون من أن يكون مصير أهالي حي الوعر كأهالي أحياء حلب الشرقية وداريا وغيرها، من المناطق التي تم تهجير أهلها خلال الفترة الماضية.