تظهر مدارس بريطانيّة لا مبالاة أو تعبّر عن عدم رغبة في التعاون مع التلميذات اللواتي يقعن ضحايا "قضايا الشرف". وهي تلتزم الصمت خوفاً من وصمها بالعنصريّة من قبل عائلات الفتيات، بحسب ما بيّنت دراسة حديثة. وقد حذّرت دراسة، أجراها مركز هنري جاكسون للأبحاث، من مخاطر إعادة تلك الفتيات الهاربات من ذويهنّ إلى منازلهنّ، غصباً عن إرادتهن، لما في ذلك من خطر قد يتهدّد حياتهن.
وبيّنت الأبحاث أنّ نحو 12 امرأة تقضي سنوياً في بريطانيا بما أسمته "الجرائم المتخفية"، في حين تتعرّض آلاف الفتيات والنساء للعنف. أما السبب ففشل الجهات الرسميّة المتخصّصة في الكشف عن الخطر المحدق بهنّ.
من جهتها، تقول مديرة منظمة "كرما نيرفانا" الخيريّة، التي تساعد ضحايا جرائم الشرف، جازفندر شانغيرا، إنّ "المدارس أهملت معالجة تلك المسألة وتجنبت التدخّل بثقافة تلك العائلات حتّى لا تتورّط في مشاكل هي في غنى عنها". وتؤكد أنّ "المدرّسين هم المفتاح الرئيسي، إذ باستطاعتهم إلقاء الضوء على تلك الجرائم كونهم أوّل من يعلم باختفاء الطالبات من صفوف الدراسة".
وتشير شانغيرا إلى تقارير تلقتها حول "فتيات يبلغن من العمر خمس سنوات، أُجبرن على الزواج". وتضيف: "ومعظم الفتيات ضحايا جرائم الشرف، لم يتجاوزن سن السادسة عشرة. أما الخطأ الذي تقع فيه الجهات الرسميّة، فهو عجزها عن فهم جديّة المشكلة، إذ تعيد هؤلاء الضحايا إلى منازلهنّ".
في المقابل تقف الشرطة عاجزة، إذ إن الأسر تحرص على السريّة باعتبار أن تلك الأمور من التقاليد والقيم الاجتماعيّة والدينيّة، بحسب تقرير هنري جاكسون.
وأخيراً، تحقّق الشرطة حول التهديدات التي تلقتها شانغيرا. فمنظمتها تتلقى 850 اتصالاً هاتفياً في الشهر من نساء في خطر يناشدنها لنجدتهن من جرائم شرف تتهدّدهن. وقد اضطرت المنظمة في السابق إلى تبديل مقرّها.
أمّا إيميلي داير، وهي باحثة في مركز هنري جاكسون، فقالت لـ "العربي الجديد"، إنّه "ينبغي على جميع المدرّسين أن يعوا حجم ما تتعرّض إليه الفتيات". وتلفت إلى أن منظمة "كرما نيرفانا" الخيرية عرضت إجراء تدريبات خاصة للمعلمين، "لكنّ 12 مدرسة فقط في بريطانيا وويلز وافقت على المشاركة، في حين برّر بعض المدرّسين رفضهم بالخوف من فقدان وظيفتهم إن تطرّقوا إلى تلك الأمور التي تمس ديانة أو ثقافة".
وترجّح داير أن تكون المدارس قد "رفضت التعاون في التدريب للأسباب ذاتها التي دفعت الشرطة البريطانيّة إلى الاعتذار عنها، وهي عدم توفر المال الكافي والابتعاد عن التدخل في ثقافة الشعوب وتقاليدها".