وبحسب القرار الذي اتضح في وثيقة تناقلتها وسائل إعلام محلية عراقية، فإن حكومة الرمادي، قد قررت عدم منح إجازة لفتح محالّ المشروبات الكحولية، إلا أن مصدراً مسؤولاً في محافظة الأنبار، أفاد بأن المتاجرة بالكحول ترتبط بسياسيين من المدينة، وهم يتحكمون بأسعارها وأماكن وجودها.
وأضاف المصدر لـ"العربي الجديد"، أن "جهات سياسية مارست ضغوطاً على المجلس المحلي من أجل تقنين محالّ بيع الخمور وإلزامها بشروط تعجيزية، من أجل الإفساح في المجال أمام هذه الجهات للمتاجرة بحرية بالمشروبات الكحولية".
وأوضح المسؤول، الذي فضل عدم ذكر اسمه، أنّ "هذه الجهة السياسية متنفذة وعلى علاقة بالحشد العشائري والقوات العسكرية، وعبر أموال ورشى تدفع لضباط مهمين، يتم إدخال كميات من المشروبات الكحولية من بغداد إلى الأنبار"، مبيناً أن "حرب التجار هي التي قادت إلى مثل هذا القرار".
من جهته، بيّن أحد سائقي سيارات نقل الخمور من بغداد إلى الأنبار، أن "كل عمليات نقل الخمور تتم بطريقة قانونية عبر استخدام أوراق رسمية، تعترف بها حكومتا بغداد والأنبار، بالإضافة إلى القوات العسكرية المرابطة على الطريق بين المدينتين".
وتابع، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "مسؤولين وسياسيين دخلوا قبل فترة على خط المتاجرة، وهم يحاولون بكل الطرق الضغط على الحكومة المحلية في الأنبار، من أجل منع المتاجرين القدامى من البقاء في أعمالهم".
وحملت الوثيقة المنشورة، توقيعات غالبية أعضاء مجلس قضاء الرمادي، وهو ما أدى إلى استهجان فنانين وناشطين، معبرين عن استيائهم من قرارات تمنع "الحريات الشخصية"، حسب مدير البيت الفني الثقافي في الرمادي عبد الحياني، الذي أشار إلى أن "هناك شخصيات سياسية وأمنية في المدينة، تحاول العودة بالرمادي إلى عهد تنظيم "داعش" الإرهابي، وهذا ما نرفضه"، لافتاً في حديثٍ مع "العربي الجديد"، إلى أن "القانون العراقي يمنح الحق للمواطن بممارسة حرياته الشخصية ما دامت لا تقترب من خيارات الآخرين، وأن قرار حكومة الرمادي يخالف الدستور، كما أنه لا ينسجم مع القانون الذي أتاح للمجالس المحلية الموافقة أو الرفض في قضية منح الإجازات، وفق موانع واضحة، لا وفق الأهواء الشخصية والمعتقدات الدينية أو الاجتماعية أو العشائرية للأعضاء".
وأوضح أن "الحكومة في الأنبار عليها أن تنتبه إلى المناطق المنكوبة، ولا سيما الأحياء التي ما تزال أطلالاً وترممها، لأن أمرها أهم من قنينة جعة"، مبيناً أن "قرار المجلس المحلي غير عقلاني والأعضاء يعرفون ذلك، وخاصةً أن كثيراً منهم يتعاطون الكحول، وهو جزء من حريتهم الشخصية التي كفلها الدستور والقانون".
إلى ذلك، أوضح عضو المجلس المحلي في مدينة الأنبار عيد عماش لـ"العربي الجديد"، حقيقة القرار وتفاصيله، مبيناً أن "القرار الذي صدر، لم يمنع المتاجرة بالخمور، أو إغلاق المحالّ التجارية التي تبيع المشروبات الكحولية، إنما هي عملية لتنظيم البيع، بعدما تحوّلت إلى تجارة عشوائية دون قانون يضبطها"، مشيراً إلى أن "الفترة الماضية وتحديداً بعد تحرير المدينة من احتلال تنظيم "داعش" الإرهابي، برز كثير من المتاجرين، ونحن نحاول العمل على تقليص العشوائية، ووضع قوانين وشروط، لتتم عملية المتاجرة بطريقة لا تتنافى مع الإجراءات الحكومية للتجارة والمناقلة".