رفضت الهيئة السعودية للتخصصات الصحيّة، التخفيف من اشتراطاتها للحصول على الرخصة، مؤكدة لـ"العربي الجديد"، التزامها بعدم منح الرخصة إلّا للممارس الصحي المتميز، وأن رسوب عدد كبير من الأطباء أو الفنيين والممرضين لن يجعلها تتنازل عن شروطها.
وأكد مصدر في الهيئة على أنها لم تصمّم اختبارات صعبة، ولكنها في الوقت ذاته "لن تقبل بالحد الأدنى من المهارة". وأضاف "تلقينا شكاوى العديد من الممارسين الطبيين يشتكون فيها من صعوبة الاختبارات وعجزهم عن تجاوزها، لكن هذا لن يدفع الهيئة للتنازل أو خفض سقف المؤهلات التي تطالب بها، لأن ذلك سيؤدي لمنح الرخصة الطبية لممارسين غير مؤهلين، ما سيهدد حياة المرضى".
وكانت الاختبارات التي وضعتها الهيئة، وهي شرط لممارسة العمل في المجال الطبي السعودي، تسبّبت في استبعاد نحو 81 في المائة من الممرضين والممرضات السعوديات الذين تقدموا للاختبار، وعددهم 287 ممرضاً وممرضة، على الرغم من حصولهم على شهادة البكالوريا في التمريض من كليات أهلية. واتّهم الممرضون الهيئة بأنها وضعت اختبارات بالغة الصعوبة، الأمر الذي تسبب بنجاح 19 في المائة فقط من المتقدمين للاختبار.
هذا الاستبعاد دفع 97 من الطلاب الراسبين لتوكيل محام لرفع دعوى قضائية على الهيئة يتهمونها فيها بالظلم ووضع اختبارات بالغة الصعوبة. وينوي محامي الطلاب سلمان العنزي، رفع الدعوى الأسبوع المقبل. واعتبر أن الهيئة السعودية للتخصصات الصحية تَسبّبت في ضرر مجموعة من المتقدمين والمتقدمات لامتحانها للحصول على رخصة مزاولة مهنة أخصائي تمريض، بعد حصول كل منهم على بكالوريا التمريض من جامعات وكليات أهلية سعودية، وأخرى أجنبية عن طريق الابتعاث الخاص ببرنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الداخلي والخارجي.
وقال المحامي سلمان العنزي، لـ"العربي الجديد"، إنه "تمّت مخاطبة أمين الهيئة السعودية للتخصصات الصحية، ووزير الصحة، إلا أننا لم نحصل على إجابة. نتهم الهيئة بأنها استخدمت امتحاناً كندياً، مع أنها كانت تعلم أن الطلاب لم يتلقوه مسبقاً في دراستهم الجامعية، ولم يُدرج في خطط التعليم العالي، كما أنه كان خاصّاً بالأطباء وليس بالممرضين. وكانت النتيجة رسوب الغالبية منهم". وأضاف: "لو تم إخضاع مسؤولي الهيئة لهذا الامتحان لما نجح منهم أحد".
في المقابل، أكد المتحدث الرسمي باسم الهيئة السعودية للتخصصات الصحية عبد الله الزهيان، على أن "الهدف من تلك الاختبارات هو تطوير الأداء المهني، وتنمية المهارات. كما أن جميع الامتحانات التي خضع لها الخريجون من حملة بكالوريا التمريض تمت وفق معايير علمية دقيقة، وبإشراف نخبة من المتخصصين في المجال نفسه". وأضاف: "لن نتنازل عن السعي لتحقيق هدف ضبط عملية الممارسة المهنية الآمنة في القطاع الصحي، حفاظاً على أرواح المرضى".
من جهته، شدّد المختص في الشأن الصحي السعودي، الدكتور عبد اللطيف الجبر، على أنّ نجاح أقل من خُمس المتقدمين لاختبارات الممارسة الصحية في قسم التمريض يؤكد أن هناك قصوراً واضحاً في تعليم هؤلاء الطلاب. وقال لـ"العربي الجديد"، إن "اختبار الرخصة الطبية معمول به في كل دول العالم المتقدمة، فلا يمكن السماح لخرّيج الكليات الطبية بمختلف تخصصاتها العمل في المجال دون التأكد من مؤهلاته، وصلاحيته للعمل".
وأضاف: "وضعت الاختبارات في الأساس لتكون صارمة، لأن السماح لغير المؤهلين بالعمل في هذا المجال الحيوي، يشكل خطورة كبيرة على المرضى، لهذا شكوى الطلاب غير منطقية، ومطالبتهم بخفض نسب النجاح يعكس فشلهم بالدرجة الأولى". وأوضح أن نتيجة الاختبار تؤكد أن ما يُقدم للطلاب في الكليات الطبية الأهلية دون المطلوب ويخرّج طلاباً غير مؤهلين للعمل في المجال الطبي، وهدفها فقط الحصول على المال من الطلاب. فالدراسة فيها تكلف ما لا يقل عن 250 ألف ريال، وفي النهاية تكون المحصلة بالغة الضعف، وشهادة لا قيمة لها".
واعتبر الجبر ما حدث هدر كبير في الموارد المالية والوقت، مطالباً وزارة الصحة بالتدخل لضبط الأمور في تلك الكليات.