وخلال ندوة لمناقشة القرار عقدها الائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة - أمان (مجتمع مدني)، اليوم الأربعاء، بحضور الأطراف ذات العلاقة، انقسمت المواقف بين مؤيد للقرار ومعارض له، ولكن الجميع اتفقوا على ضرورة إخضاع القرارات الحكومية التي تمس فئات واسعة من المجتمع لنقاش مستفيض قبل صدورها لضمان تطبيقها.
ويقول المعارضون إن "القرار يلحق ضرراً بالأمن الاقتصادي لآلاف الأسر التي يعتمد أربابها على مصدرين للدخل، لتأمين احتياجاتها في ضوء غلاء المعيشة"، فيما ترد الحكومة بأن موقفها يأتي لخلق فرص عمل جديدة للمتعطلين، خاصة في صفوف الخريجين الجدد.
وينص القرار الحكومي على منع العمل خارج الوظيفة الرسمية اعتباراً من الأول من العام المقبل، بما يشمل كافة الموظفين، ومنع الاستثناءات الممنوحة للبعض منهم، كما ينص على تكليف رؤساء الدوائر الحكومية باتخاذ الإجراءات القانونية بحق من يخالف القرار.
ويحكم قانونا الخدمة المدنية والخدمة في قوى الأمن، واللوائح التنفيذية الصادرة عنهما، العلاقة ما بين الحكومة وموظفيها المدنيين والعسكريين.
ويقول مستشار ائتلاف أمان عزمي الشعيبي، إن "على الحكومة البحث عن آليات تطبيق أي قرار قبل إصداره، لضمان تنفيذه"، لافتا إلى أن المبدأ العام وفقا لما نصّ عليه القانون، يقتضي تفرغ الموظف الحكومي لوظيفته، وألا يلتحق بعمل آخر من شأنه أن يؤثر سلبا على أدائه من حيث الإنتاجية، أو الالتزام بأوقات الدوام، أو الصلاحيات الممنوحة له بموجب وظيفته بما يؤدي إلى تضارب المصالح.
ويؤكد الشعيبي على أن اللائحة التنفيذية لقانون الخدمة المدنية، منحت الموظف (استثناء) الالتحاق بعمل آخر شرط قيام الموظف بتقديم طلب رسمي، إلى الجهة المختصة وموافقتها، على ألا تزيد مدة العمل خارج إطار الوظيفة العامة عن ثلاث ساعات يومياً.
وقال الشعيبي إن "القرار الحكومي لم يتضمن آليات لتنفيذه، كما جاء شاملا لكل فئات الموظفين، الأمر الذي من شأنه أن يلحق ضررا بالفئات المهمشة منخفضة الرواتب".
وتابع: "لذا فإن القرار بشكله الحالي يواجه مخاطر تحديه وإفشاله، على الرغم مما ينطوي عليه من إيجابيات مثل تخفيض الإنفاق العام، وتوفير فرص عمل، ووقف حالات تضارب المصالح".
بدوره، أكد المستشار القانوني لديوان الرقابة المالية والإدارية (حكومي) جفال جفال، أن القرار الجديد يأتي بناء على توصيات التقارير الصادرة عن الديوان، والتي رصدت أن "هناك موظفين في الجهاز الحكومي حصلوا على موافقة، لم يلتزموا بمدة الدوام في العمل الآخر، وفقا لنص القانون، وأن هناك موظفين حكوميين يلتحقون بأعمال أخرى في أوقات دوامهم الرسمية".
وقال جفال إن "هناك مخاطر مرتفعة إذا ما كان هناك ارتباط من حيث طبيعة العمل داخل الوظيفة العمومية وخارجها".
وأشار جفال إلى أن عملية تدقيق أجراها ديوان الرقابة أثبتت وجود 460 موظفا حكوميا، قد التحقوا بإحدى مؤسسات التعليم الجامعي، قام 103 منهم فقط، بالتصريح عن أنهم التحقوا بوظيفة أخرى خارج عملهم الرسمي الحكومي.
وقال إن "الديوان سيبدأ بأعمال الرقابة، لضمان تنفيذ هذا القرار عند سريانه مع بداية العام المقبل في ضوء صلاحياته وإمكاناته".
وحول المخاطر المحتملة قبيل وأثناء تنفيذ القرار تساءل جفال إن كان لدى مجلس الوزراء رؤية لتنفيذ القرار على كافة القطاعات، المدنية والعسكرية، مبديا تخوفه من احتمالية عدم توفر بيانات رسمية حول دوام موظفي الحكومة مع المؤسسات الأهلية أو تلك التابعة للقطاع الخاص.
ويبلغ عدد موظفي الحكومة الفلسطينية قرابة 160 ألف موظف مدني وعسكري في الضفة الغربية وقطاع غزة، تبلغ فاتورة رواتبهم الشهرية قرابة ملياري دولار.
ومن جانبه، أكد لطفي سمحان؛ المستشار القانوني لديوان الموظفين في السلطة الفلسطينية، أن الإحصاءات لدى الديوان تشير إلى أن نسبة ضئيلة من الموظفين يطلبون إذناً للسماح لهم بالعمل خارج الوظيفة الرسمية مقارنة مع ما هو قائم على أرض الواقع.
بينما يرى بسام زكارنة الرئيس السابق نقابة العاملين في الوظيفة العمومية (تم حلها بقرار حكومي) أن قرار الحكومة خاطئ لكونه يمس ببعض الفئات المهمشة من الموظفين، داعيا إلى وقف تنفيذ القرار والاكتفاء بما ورد في القانون واللوائح التنفيذية بحيث يصار إلى منح الاستثناءات التي تكفل الالتزام بالدوام الرسمي، وعدم تضارب المصالح.
في حين، حث زكارنة الحكومة على ضرورة الاستماع إلى كافة وجهات النظر قبل سريان القرار.
ويستثني القرار الحكومي كافة الذين يتقلدون وظائف دستورية، والعاملين بالعقود الاستشارية بالإضافة إلى السفراء والقناصل وأعضاء النيابة العامة.