توالت ردود الفعل في تونس مباشرة بعد تصريحات الكاتب العام لنقابة الأمن الجمهوري، محمد علي الرزقي، باكتشاف الحرس الوطني (الدرك) نفقاً يتجاوز طوله 70 كلم بين تونس وليبيا، تم تحضيره سابقاً لدخول عناصر تنظيم "داعش" الإرهابي، ومغادرة التونسيين إلى بؤر التوتر، وربما العودة منه إلى تونس.
وأمام خطورة تصريحات النقابي الأمني، سارعت وزارة الداخلية ونقابات وخبراء أمنيون إلى نفي فرضية وجود نفق بهذا الطول بين تونس وليبيا، مؤكدين أن المسألة "مجرّد تخمينات وتحتاج إلى إثباتات وأدلة".
وجاءت تصريحات الرزقي خلال جلسة استماع له أمام لجنة التحقيق البرلمانية، التي عقدت مساء الإثنين في مجلس النواب، حول شبكات التجنيد المتورطة في تسفير الشباب التونسي إلى بؤر التوتر، مؤكداً وجود أنفاق أخرى على الشريط الحدودي بين تونس وليبيا، وتونس والجزائر.
ونفى وزير الداخلية، لطفي براهم، اليوم الإثنين، علمه بالمعطيات التي قدمها الكاتب العام لنقابة الأمن الجمهوري، مبيناً أنّه "لا يمكن الحديث عن تخمينات"، مضيفاً، في تصريح لإذاعة "موزاييك": "نحن مسؤولون أمام الوطن وأمام الشعب التونسي، ومسؤولون على أقوالنا أمام العدالة، ولذلك التصريحات الجانبية وكل التخمينات والتصورات لا نستطيع الخوض فيها إلا بوثائق ثابتة".
وعلى الرغم من أن وزير الداخلية لم يكن حاسماً في موقفه من هذه المعلومات، إلا أن قوله إنه لا علم له بهذه المعطيات يؤكد أنها "مجرد مزاعم"، لأنه كان يرأس جهاز الحرس الوطني الذي ادّعى النقابي أنه اكتشف هذه النفق.
بدورها، ردّت النقابة العامة للحرس الوطني عبر صفحتها الرسمية في "فيسبوك"، مؤكدة أن ما تم الحديث عنه أمام لجنة التسفير في مجلس نواب الشعب "كان من طرف مرتزقة باعوا أمنهم ووطنهم لإرضاء أسيادهم، ودخلوا الجلباب السياسي من باب صناع الفتن".
ونفت نقابة الحرس الوطني اكتشافها نفقاً بأكثر من 70 كلم حفرته حركة "حماس"، كما جاء في زعم الرزقي، مؤكدة أن "مثل هذه التصريحات محاولة لضرب الخصوم بأي وسيلة كانت".
ووصف الناطق الرسمي باسم النقابة العامة للحرس الوطني، مهدي بوقرة، تصريحات النقابي الأمني في اللجنة المنعقدة بالبرلمان بـ"الادعاءات"، مضيفاً أنها "لا تخلو من مغالطات كبيرة، ولا تمت للحقيقة بأي صلة"، موضحاً، في تصريح إعلامي، أن ما تروجه "دليل على تأزم الأوضاع داخل وزارة الداخلية".
وأشار الخبير الأمني والباحث المختص في الجماعات الإسلامية، علية العلاني، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إلى أن "الأسلحة وتسلل الإرهابيين الذين دخلوا تونس بعد الثورة تم دون الحاجة إلى أنفاق، إذ حصلت انفلات أمني إبان الثورة، واستغل الإرهابيون ذلك"، مؤكداً أنه "تم كشف مخازن لأسلحة عديدة، وجلها كانت تتم عن طريق التعاون مع المهربين".
أما في ما يتعلّق بقضية الأنفاق، فأوضح أن "المسألة تحتاج إلى إثباتات"، متسائلاً: "هل تصريحات النقابي الأمني كانت عن طريق ما سمعه أو مجرد فرضيات قام بها؟"، قبل أن يشدّد على أن "من مهام وكيل الجمهورية النظر في هذه المسألة، وعلى النقابي الأمني الذي قدم هذه التصريحات تقديم الأدلة".
وذكر الخبير ذاته أن "الحديث عن 70 كلم طول نفق بين تونس وليبيا مسألة غير ممكنة، على اعتبار أنّه لا يمكن عدم اكتشاف نفق بهذا الطول طيلة السنوات الماضية".