استمرار الجدل في السعودية حول مكبرات الصوت في المساجد خلال رمضان

19 ابريل 2019
في أحد المساجد السعودية (حسين رضوان/ فرانس برس)
+ الخط -

يستمرّ الجدل في السعودية حول استخدام مكبرات الصوت خلال صلاتي التراويح والقيام مع اقتراب شهر رمضان، ولكلّ وجهة نظر مبرراتها. الرافضون منهم يركزون على الإزعاج والتشويش. في المقابل، يقول البعض إنّ القضية سياسية

مع اقتراب شهر رمضان، يتصاعد الجدل في السعودية حول السماح باستخدام مكبرات الصوت في المساجد خلال صلاتي التراويح والقيام، وسط مطالب بمنعها لتقتصر على الأذان والإقامة، في مقابل آخرين يؤيدونها خلال صلوات الفرض والتراويح والقيام بهدف إظهار الشعائر الدينية. لا يقتصر هذا الانقسام على الشارع السعودي بين مؤيد ومعارض، بل يمتد إلى الهيئة الدينية السعودية. ويرى بعض رجال الدين مثل عضو هيئة كبار العلماء ورجل الدين الراحل محمد صالح العثيمين أن رفع مكبرات الصوت في صلوات الفرض وفي صلاة التراويح خلال شهر رمضان يسبب تشويشاً على السكان المحيطين بالمساجد والجوامع خصوصاً كبار السن والمرضى منهم، بينما يرى تيار آخر داخل الهيئات الدينية أن رفع مكبرات الصوت فيه إظهار للشعائر الدينية وعلامة على كون الدولة مسلمة. وفي عام 2013، قررت السلطات السعودية وقف استخدام المكبرات الخارجية في صلاتي التراويح والقيام خلال شهر رمضان باستثناء الجوامع الكبيرة، وإلزام كافة المساجد بالحصول على ترخيص يسمح لها بتشغيل مكبرات الصوت خلال صلوات الفرض بشروط، منها استخدام أربعة مكبرات فقط على ألا يتجاوز علوّ الصوت الأربع درجات، وعدم استخدام هذه المكبرات أثناء الخطب الدينية والدروس والمحاضرات، ما رآه أئمة المساجد حرباً عليهم وتدخلاً في شؤون عملهم. وتقول وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية إنها عملية تنظيمية تهدف إلى منع اختلاط الأصوات والتشويش على السكان المجاورين لهذه المساجد.



وتمنح وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية الترخيص، ويجدّد سنوياً وبشكل تلقائي ما لم يرتكب إمام المسجد مخالفة صريحة لبنود الترخيص. ويقول إمام مسجد صغير في العاصمة الرياض، فضّل عدم الكشف عن اسمه، لـ"العربي الجديد": "الإجراءات المتخذة والمتعلقة بمكبرات الصوت في المساجد هي صحيحة ومعقولة لأن الوضع كان قبل عشر سنوات فوضوياً لدرجة لا يمكن تصديقها".

ويستشهد الإمام بحادثة جرت في أحد أحياء الرياض. يقول: "هناك مسجدان كبيران لا تتجاوز المسافة بينهما 400 متر فقط. وكان هناك منافسة بين إمامي المسجدين حول من يجذب أكبر عدد من المصلين في صلوات التراويح والقيام خلال شهر رمضان، فعمدا إلى رفع صوت المكبرات الخارجية لأعلى درجة، الأمر الذي أدى إلى التشويش وقد اختلطت أصواتهما. وقد تسبّب ذلك في إزعاج الجيران، خصوصاً الصغار وكبار السن". وعلى عكس الصلوات المفروضة، والتي لا يتجاوز وقت كل منها 15 دقيقة، وغياب قراءة جهورية خلال صلاتي الظهر والعصر، فإن صلاة التراويح تتراوح ما بين الساعة ونصف الساعة والساعتين، وكذلك الأمر بالنسبة لصلاة القيام، ما يؤدي إلى إزعاج الأطفال والنساء. أمر دفع وزارة الأوقاف السعودية إلى منع المكبرات. ويسعى مفتّشو المساجد التابعون لوزارة الأوقاف إلى التأكد من التزام كافة المساجد بتطبيق القانون، وإلا، فإنّ العقوبة ستقع على إمام المسجد. لكن هذا الرأي لا يحظى بالتأييد الكامل داخل أوساط الشارع السعودي، إذ يرى بعض السعوديين أن منع مكبرات المساجد هو جزء من محاولة النظام السعودي تطبيق سياسات الانفتاح في البلاد ومحاربة تيار الصحوة، أحد أبرز التيارات الدينية في البلاد والذي توعد ولي العهد محمد بن سلمان بسحقه بعد اعتقال المئات من رموزه.



ويرى السعوديون المؤيدون لرفع مكبرات الصوت، أن سماح النظام للمطالبين بوقف مكبرات الصوت بشكل نهائي في المساجد، بالتحدث في الصحف والقنوات المملوكة للحكومة، وعدم السماح للآخرين بذلك، دلالة على محاربته كافة مظاهر التدين في البلاد خوفاً من "الأخونة"، كما يقولون.

ويبلغ عدد المساجد في السعودية 98 ألف مسجد، بينما يبلغ عدد الأئمة 47 ألف إمام بحسب إحصائيات رسمية من الهيئة العامة للإحصاء. ويقول المعارض السعودي عبدالله الغامدي لـ"العربي الجديد": "لا بد للجميع من معرفة البعد السياسي لمسألة منع مكبرات الصوت في المساجد". ويشرح: "أنا من الذين يؤيدون مسألة وقف استخدام مكبرات الصوت في الصلوات وخصوصاً صلاتي التراويح والقيام لأنها قد تشوش على السكان المحيطين بالمسجد. لكن في الوقت نفسه، لا بد لنا من أن نفهم أن إثارة هذا الموضوع بشكل مستمر تهدف إلى محاولة ضرب تيار الصحوة وفسح المجال أمام خصومه للهجوم عليه بشكل متواصل في القنوات والصحف". ويضيف: "كانت مسألة مكبرات الصوت عقيدة مهمة من عقائد تيار الصحوة وقضية يدافعون عنها لإثبات وجودهم وسطوتهم في فترة التسعينيات".