وقبيل فرض هذه الشروط، باشرت السلطات التركية أخيراً في بناء جدار فاصل على حدودها مع سورية في منطقة الريحانية التابعة لولاية هاتاي الواقعة في جنوب البلاد. وقالت إنه يأتي ضمن تدابير أمنية "لمنع تسلل العناصر الإرهابية من سورية إلى داخل الأراضي التركية"، بحسب ما نقل موقع "ترك برس" عن مسؤول تركي.
وبحسب المسؤول نفسه، جاء قرار بناء الجدار استناداً إلى الاتفاق المبرم بين والي هاتاي وقيادة الفرقة العسكرية المرابطة في تلك المنطقة، حيث سيتمّ وضع ألواح إسمنتية على طول 8 كيلومترات. ويبلغ طول اللوح الإسمنتية 3 أمتار وبعرض مترين، ويزن الواحد 7 أطنان.
تجدر الإشارة إلى أنّ الفصائل المنتشرة على الجانب السوري قبالة مدينة الريحانية تابعة في معظمها لـ "جيش الفتح". وكانت قد استهدفت غارات للتحالف قبل أيام، مركزاً لـ "جيش السنّة" المنضوي ضمن "جيش الفتح"، في بلدة أطمة الحدودية.
وكانت مصادر تركية ذكرت أن تركيا ترغب في تشييد المزيد من الجدران على امتداد حدودها مع سورية التي تمتد لأكثر من 900 كيلومتر، لتعزيز الأمن ضد مقاتلي تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش).
وأقامت تركيا أسواراً تمتد لأكثر من عشرة كيلومترات على طول حدودها، تعززها إجراءات إضافية مثل استخدام كاميرات حرارية، وحفر خنادق خلف الجدران النقالة المصنوعة من ألواح خرسانية؛ والتي يمكن تفكيكها وإعادة تجميعها في مواقع مختلفة.
كما أعلنت الحكومة التركية أخيراً عن إنشاء عدة مناطق أمنية في ولايات تشانلي أورفا وكيللس وهكاري على طول الحدود مع سورية، لتعزيز الإجراءات الأمنية.
وتتزامن هذه الإجراءات مع الحديث عن تكثيف تركيا جهودها لإنشاء منطقة آمنة داخل الأراضي السورية، تمتد على طول 98 كيلومتراً وبعمق 45 كيلومتراً.
غير أن الصحافي التركي أوكتاي يلماظ استبعد أن يكون هناك رابط مباشر بين هذه الإجراءات، خصوصاً بناء الجدران، وإقامة المنطقة الآمنة. وقال في حديث لـ "العربي الجديد" إن بناء الجدار يأتي ضمن تشديد الإجراءات الأمنية على الحدود، بعد سلسلة من الهجمات، خصوصاً تفجير سروج في 20 يوليو/تموز الماضي. وأوضح أن منطقة الريحانية التي يتم فيها حالياً بناء الجدار والواقعة قبالة محافظة إدلب السورية، تنتشر فيها عشرات المخيمات في الجانب السوري من الحدود، وقد شهدت تفجيراً بسيارة مفخخة استهدف معبر جيفزلي غوزو الحدودي في مطلع 2013، ثم استهدف تفجيران متزامنان بسيارتين مفخختين المدينة في مايو/أيار من العام نفسه أديا إلى سقوط أكثر من خمسين قتيلاً.
اقرأ أيضاً: هل يسرّع تفجير سروج المنطقة التركية الآمنة في سورية؟
وأضاف الصحافي التركي أن تفجير بلدة سروج الأخير، هو ما دفع السلطات التركية إلى التفكير في اتخاذ مزيد من الإجراءات لتأمين الحدود.
والواقع أن تشديد الإجراءات لا يقتصر على بناء الجدران، فقد ترافق مع قرارات تركية متتابعة للحد من وصول السوريين إلى الأراضي التركية.
ونشرت إدارة معبر باب الهوى الحدودي مع تركيا الشروط الجديدة التي يجب على السوري الراغب في العبور (ترانزيت) من معبر باب الهوى الحدودي، تقديمها؛ أي أن السوري يستطيع الدخول إلى تركيا من المعبر فقط إذا كان مسافراً إلى بلد آخر، ولن يبقى في تركيا. وتنص هذه الشروط على أنه: لمن يرغب بالعبور أن يقدم صورة عن جواز سفره، تتضمن الإقامة والتأشيرة للبلد الذي يقصده، وتذكرة الطائرة.
وصار يُطلب من السوري تقديم كفيل من داخل تركيا يضمن أن يغادر المسافر الأراضي التركية خلال مدّة لا تتجاوز أسبوعاً واحداً. وفي حال لم يسافر من تركيا، فإنّ الجانب التركي يحاسب الكفيل قانونياً ومالياً.
ووصف ناشطون هذه الشروط بالتعجيزية، إذ إن الحصول على كفيل أمر صعب. وتتشابه هذه الشروط مع ما يطلبه لبنان من المواطنين السوريين الراغبين في دخول أراضيه. وكانت إدارة معبر باب السلامة الحدودي قد أعلنت قبل أيام أن السلطات التركية أوقفت دخول السوريين حتى "ترانزيت" حتى إشعار آخر. يذكر أن السلطات التركية أغلقت المعابر البرية مع سورية قبل حوالي خمسة أشهر، ما تسبب بمعاناة كبيرة للسوريين الذين قتل الكثير منهم برصاص قوات الأمن التركية خلال محاولات العبور بشكل غير شرعي.
وأعلنت رئاسة الأركان التركية قبل أيام أنها ضبطت 690 شخصاً، خلال محاولتهم عبور الحدود من سورية إلى تركيا، بطريقة غير شرعية، كما ضبطت شخصين حاولا التسلّل من تركيا إلى سورية، بحسب البيان الذي أصدرته.
وفي سياق متصل، قال محافظ مدينة إزمير غرب تركيا، مصطفى طوبراك، إن السلطات التركية لن تتساهل في معاقبة كل من تسول له نفسه التفكير في الهروب إلى أوروبا وجزر اليونان، ويحاول الهجرة غير الشرعية عبر الأراضي التركية.
وأضاف المحافظ في كلمة ألقاها خلال اجتماع عقده للنظر في وضع اللاجئين السوريين الذين باتت تغص بهم المدينة، وهم يتحضرون للعبور بواسطة القوارب إلى إحدى الجزر اليونانية القريبة، أن السلطات التركية لن تسمح بما سماه عمليات الاتجار بالبشر، وأنه سيتم جمع كل من حاول الهروب إلى الجزر وترحيلهم، مشدّدا على أنهم لن يتغاضوا أو يتهاونوا أبداً بهذا الأمر.
وكان المحافظ نفسه قد أصدر قراراً بمنع دخول السوريين للمدينة، بعدما ارتفعت أعدادهم فيها إلى 500 ألف (بحسب تقديرات غير رسمية)، قائلاً إن اللاجئين السوريين جعلوا إزمير مركزاً لهم للانتقال إلى الجزر اليونانية ومنها إلى أوروبا، بعدما تركوا منازلهم بسبب الحرب.
اقرأ أيضاً: السوريون في الأردن..رعب "الرمي على الحدود" يطارد اللاجئين وأطفالهم