أُحيل أخيراً مشروع قانون تمديد سنّ التقاعد على مجلس نواب الشعب التونسي للمصادقة عليه، الأمر الذي أثار استنكار أطراف نقابية عديدة في البلاد، أبرزها الاتحاد العام التونسي للشغل، خصوصاً مع التراجع عن اتفاقية الرفع الاختياري في سنّ التقاعد وعدم إلزامية ذلك.
لجأت وزارة الشؤون الاجتماعية إلى رفع سنّ التقاعد، لتفادي عجز الصناديق الاجتماعية، وتوصّلت إلى اتفاق مع اتحاد الشغل ينصّ على عدم إلزام الموظفين برفع سنّ التقاعد، بل إنّ الأمر اختياريّ. يتوجّب على الموظّف أو العامل الراغب في خمس سنوات إضافية من العمل بعد سنّ التقاعد، إيداع طلب لدى صاحب المؤسسة الذي يقدّمه بدوره إلى صندوق التقاعد والحيطة الاجتماعية. يُذكر أنّ خيار الموظّف أو العامل غير قابل للتراجع.
وكان وزير الشؤون الاجتماعية السابق، عمار الينباعي، قد أشار في عام 2015 إلى أنّ الاتفاق ينصّ على عرض وثيقة على العامل قبل سنتين من بلوغه سنّ الستين، تمنحه حق الاختيار بين مواصلة عمله حتى 62 عاماً أو 65 عاماً أو التقاعد في الستّين. وأكد أنّ توقيع الموظف أو العامل يعتبر التزاماً لا عودة عنه، لافتاً إلى أنّ التعديل فرضته حال صندوق التقاعد والحيطة الاجتماعية، الذي يستوجب إنقاذاً عاجلاً، نظراً لعجزه المتفاقم الذي بلغ ألفاً ومائة مليون دينار تونسي (نحو 550 مليون دولار أميركي)، خصوصاً أنّ أكثر العاملين اليوم كانوا قد التحقوا بالعمل في سنّ متأخرة، مما يعني أنّ جراية التقاعد سوف تكون محدودة.
من جهته، كان وزير الشؤون الاجتماعية الحالي، محمود بن رمضان، قد أكّد أنّ العجز قد يصل إلى ستة آلاف مليون دينار (نحو ثلاثة آلاف مليون دولار) في عام 2021، إن لم تتدخل الحكومة للإصلاح. وأشار إلى أنّه حتى في حال رفع سنّ التقاعد، فإنّه من المستحيل في نهاية المطاف تغطية العجز، وبالتالي تصبح الصناديق غير قادرة على تمكين المتقاعدين من جرايتهم.
في السياق ذاته، أكدت الحكومة أنّ أنظمة التقاعد في القطاع العمومي تشهد عجزاً هيكلياً يتفاقم من سنة إلى أخرى. ويعود هذا العجز إلى عوامل ديموغرافية تتمثل أساساً في تغيّر التركيبة العمرية للمنخرطين المباشرين، وبالتالي تزايد عدد المتقاعدين سنوياً بنسق تصاعدي. على سبيل المثال، ارتفع العدد من 3100 متقاعد في عام 1985 إلى أكثر من 16 ألف متقاعد في عام 2013.
اقــرأ أيضاً
وأخيراً، عُرض المشروع المشار إليه آنفاً، على البرلمان للمصادقة عليه، مع التراجع عن مبدأ الاختيار وإقرار إلزامية الأمر. ويشمل قانون التمديد فقط المنخرطين في الصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الاجتماعية، أي الموظفين والعاملين في المؤسسات الحكومية، نظراً لعجز الصندوق. بالتالي، لا يشمل المنخرطين في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي أي موظفي القطاع الخاص. وهذا الأمر يعني تقاعداً بنظامَين في تونس، نظام 65 عاماً الذي يشمل كل أعوان الدولة وموظفيها، ونظام 60 عاماً الذي يشمل الأجراء الباقين. وهو ما رفضه الاتحاد العام التونسي للشغل الذي طالب بضرورة مناقشة مشروع القانون من قبل الهياكل النقابية قبل عرضه على البرلمان، لا سيّما وأنّ الاتحاد لا يرى في رفع سنّ التقاعد إلى 65 عاماً حلاً لتفادي العجز المالي الذي يعاني منه صندوق التقاعد، في حين أكدت أطراف نقابية عديدة وموظفون كثر رفض إلزامية رفع سنّ التقاعد. وتصر وزارة الشؤون الاجتماعية على الأمر بهدف إنقاذ صندوق التقاعد من الإفلاس. وهو ما دفع بالاتحاد العام التونسي للشغل إلى التهديد برفع شكوى لدى منظمة العمل الدولية، حول تنصّل الحكومة من الالتزامات السابقة في ملف مشروع القانون الاختياري لرفع سنّ التقاعد بالنسبة الى أعوان الوظيفة العمومية.
يوضح هنا الأمين العام المساعد في الاتحاد المكلف بالتغطية الاجتماعية والصحة والسلامة المهنية، عبد الكريم جراد، لـ"العربي الجديد"، أنّ "على الحكومة إيجاد حلّ آخر لتفادي إفلاس الصناديق الاجتماعية بعيداً عن حقوق الأجراء والعمال الذين يرفضون بأكثريتهم القانون". يضيف أنّ "الاتحاد سوف يلجأ إلى منظمة العمل الدولية إذا تراجعت الحكومة عن الاتفاق السابق بينهما، والذي ينصّ على أن يكون الرفع اختيارياً، للموظفين في المؤسسات الحكومية والخاصة على حدّ سواء". ويشدّد على "ضرورة أن يتحمّل النواب مسؤولياتهم في تبعات الخطوات المتخذة لتمرير قانون لم يحصل على توافق، وهو قانون أحادي الجانب، لا بدّ من مواصلة النقاش حوله".
اقــرأ أيضاً
لجأت وزارة الشؤون الاجتماعية إلى رفع سنّ التقاعد، لتفادي عجز الصناديق الاجتماعية، وتوصّلت إلى اتفاق مع اتحاد الشغل ينصّ على عدم إلزام الموظفين برفع سنّ التقاعد، بل إنّ الأمر اختياريّ. يتوجّب على الموظّف أو العامل الراغب في خمس سنوات إضافية من العمل بعد سنّ التقاعد، إيداع طلب لدى صاحب المؤسسة الذي يقدّمه بدوره إلى صندوق التقاعد والحيطة الاجتماعية. يُذكر أنّ خيار الموظّف أو العامل غير قابل للتراجع.
وكان وزير الشؤون الاجتماعية السابق، عمار الينباعي، قد أشار في عام 2015 إلى أنّ الاتفاق ينصّ على عرض وثيقة على العامل قبل سنتين من بلوغه سنّ الستين، تمنحه حق الاختيار بين مواصلة عمله حتى 62 عاماً أو 65 عاماً أو التقاعد في الستّين. وأكد أنّ توقيع الموظف أو العامل يعتبر التزاماً لا عودة عنه، لافتاً إلى أنّ التعديل فرضته حال صندوق التقاعد والحيطة الاجتماعية، الذي يستوجب إنقاذاً عاجلاً، نظراً لعجزه المتفاقم الذي بلغ ألفاً ومائة مليون دينار تونسي (نحو 550 مليون دولار أميركي)، خصوصاً أنّ أكثر العاملين اليوم كانوا قد التحقوا بالعمل في سنّ متأخرة، مما يعني أنّ جراية التقاعد سوف تكون محدودة.
من جهته، كان وزير الشؤون الاجتماعية الحالي، محمود بن رمضان، قد أكّد أنّ العجز قد يصل إلى ستة آلاف مليون دينار (نحو ثلاثة آلاف مليون دولار) في عام 2021، إن لم تتدخل الحكومة للإصلاح. وأشار إلى أنّه حتى في حال رفع سنّ التقاعد، فإنّه من المستحيل في نهاية المطاف تغطية العجز، وبالتالي تصبح الصناديق غير قادرة على تمكين المتقاعدين من جرايتهم.
في السياق ذاته، أكدت الحكومة أنّ أنظمة التقاعد في القطاع العمومي تشهد عجزاً هيكلياً يتفاقم من سنة إلى أخرى. ويعود هذا العجز إلى عوامل ديموغرافية تتمثل أساساً في تغيّر التركيبة العمرية للمنخرطين المباشرين، وبالتالي تزايد عدد المتقاعدين سنوياً بنسق تصاعدي. على سبيل المثال، ارتفع العدد من 3100 متقاعد في عام 1985 إلى أكثر من 16 ألف متقاعد في عام 2013.
وأخيراً، عُرض المشروع المشار إليه آنفاً، على البرلمان للمصادقة عليه، مع التراجع عن مبدأ الاختيار وإقرار إلزامية الأمر. ويشمل قانون التمديد فقط المنخرطين في الصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الاجتماعية، أي الموظفين والعاملين في المؤسسات الحكومية، نظراً لعجز الصندوق. بالتالي، لا يشمل المنخرطين في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي أي موظفي القطاع الخاص. وهذا الأمر يعني تقاعداً بنظامَين في تونس، نظام 65 عاماً الذي يشمل كل أعوان الدولة وموظفيها، ونظام 60 عاماً الذي يشمل الأجراء الباقين. وهو ما رفضه الاتحاد العام التونسي للشغل الذي طالب بضرورة مناقشة مشروع القانون من قبل الهياكل النقابية قبل عرضه على البرلمان، لا سيّما وأنّ الاتحاد لا يرى في رفع سنّ التقاعد إلى 65 عاماً حلاً لتفادي العجز المالي الذي يعاني منه صندوق التقاعد، في حين أكدت أطراف نقابية عديدة وموظفون كثر رفض إلزامية رفع سنّ التقاعد. وتصر وزارة الشؤون الاجتماعية على الأمر بهدف إنقاذ صندوق التقاعد من الإفلاس. وهو ما دفع بالاتحاد العام التونسي للشغل إلى التهديد برفع شكوى لدى منظمة العمل الدولية، حول تنصّل الحكومة من الالتزامات السابقة في ملف مشروع القانون الاختياري لرفع سنّ التقاعد بالنسبة الى أعوان الوظيفة العمومية.
يوضح هنا الأمين العام المساعد في الاتحاد المكلف بالتغطية الاجتماعية والصحة والسلامة المهنية، عبد الكريم جراد، لـ"العربي الجديد"، أنّ "على الحكومة إيجاد حلّ آخر لتفادي إفلاس الصناديق الاجتماعية بعيداً عن حقوق الأجراء والعمال الذين يرفضون بأكثريتهم القانون". يضيف أنّ "الاتحاد سوف يلجأ إلى منظمة العمل الدولية إذا تراجعت الحكومة عن الاتفاق السابق بينهما، والذي ينصّ على أن يكون الرفع اختيارياً، للموظفين في المؤسسات الحكومية والخاصة على حدّ سواء". ويشدّد على "ضرورة أن يتحمّل النواب مسؤولياتهم في تبعات الخطوات المتخذة لتمرير قانون لم يحصل على توافق، وهو قانون أحادي الجانب، لا بدّ من مواصلة النقاش حوله".