جبهة عالمية ضد ترامب: عاصفة احتجاجات داخل أميركا وخارجها

31 يناير 2017
تتسع دائرة التظاهرات المناهضة لقرارات ترامب (Getty)
+ الخط -
تتسع حالة الغضب والاستنكار داخل الولايات المتحدة وخارجها، رفضاً للقرار التنفيذي الذي أصدره الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، والذي يفرض حظراً وقيوداً على دخول رعايا 6 دول عربية فضلاً عن الإيرانيين إلى الولايات المتحدة، حتى بدا أنه منذ يوم الجمعة الماضي (تاريخ صدور القرار) وحتى أمس الإثنين، بدأت "جبهة عالمية ضد ترامب" تتشكل بشكل تلقائي، يوحد المنضمين إليها سواء من دول أو سياسيين أو ناشطين حقوقيين، أو منظمات وحتى أفراد وأصحاب شركات، الشعور بالخطر من تداعيات قرارات ترامب وما تعكسه من محاولة تقويض للحريات ومبادئ حقوق الإنسان الأساسية.

ويبدو أن رهان معارضي قرارات ترامب على اتساع دائرة الغضب كان صائباً، بعدما انتقل الأخير وفريقه من موقع تبني خطاب يفتخر به بإجراءات حظر الدخول ويلمح إلى إمكانية فرض المزيد منها، إلى موقع الدفاع ومحاولة تبرير هذه القرارات وسط عجز واضح عن احتواء حالة الغضب. ورفض ترامب، أمس الإثنين، الاتهامات بأن القرار التنفيذي تسبب بحدوث فوضى في المطارات الأميركية. وقال في تغريدة إن "المشاكل الكبيرة التي حدثت عند المطارات تسبب بها عطل في أجهزة كمبيوتر دلتا، والمحتجون ودموع السناتور شومر"، في إشارة إلى زعيم الأقلية الديموقراطية في مجلس الشيوخ الذي قطع وعداً الأحد بالوقوف في وجه مرسوم ترامب. كما قلل ترامب من أهمية احتجاز 109 أشخاص من بين 325 ألف شخص وصلوا إلى الولايات المتحدة منذ يوم الجمعة حتى أمس الإثنين. وفي رد على ما يبدو على الانتقادات بأن البيت الأبيض أصدر المرسوم بشكل مفاجئ من دون التشاور مع أجهزة الحدود والمسؤولين المعنيين، قال ترامب في تغريدة الإثنين "لو أعلن الحظر بإشعار لمدة أسبوع لتدافع الأشرار على بلادنا خلال ذلك الأسبوع". وأضاف "يوجد الكثير من الأشرار في العالم".


ويدرك المعارضون للرئيس الأميركي أن المعركة الهادفة لإسقاط أو تقييد قرارات ترامب ستكون طويلة، لكنهم يعوّلون أيضاً، على أن كرة الغضب التي تكبر كل يوم من شأنها أن تحقق أكثر من هدف، أولها منع ترامب من تطبيق واسع النطاق للأمر التنفيذي وإمكانية تعديله. وهو ما بدأت أولى مؤشراته تظهر بعد تراجع البيت الابيض عن جزء من الحظر، والقول إنه لا ينطبق على حاملي البطاقات الخضراء التي تسمح لهم بالإقامة الدائمة في الولايات المتحدة. أما الهدف الثاني، فيتمثل في كبح أي توجه محتمل من الإدارة الأميركية الجديدة، لتوسيع نطاق الحظر بعد انتهاء الفترة التي حددها الأمر التنفيذي. وينص أمر ترامب على تعليق وصول جميع اللاجئين لمدة 120 يوماً على الأقل، واللاجئين السوريين الى أجل غير مسمى، كما يحظر على مواطني إيران والعراق وليبيا والصومال والسودان وسورية واليمن دخول البلاد لمدة 90 يوماً.

تعدد أدوات "المقاومة"
ووجدت إدارة ترامب نفسها خلال الأيام الماضية أمام عاصفة من الاستنكار والاحتجاجات الداخلية والخارجية. وتتخذ التحركات في داخل الولايات المتحدة طابع الاستنفار المدني، وهو ما ترجم من خلال تزايد عدد المدن الأميركية التي تشهد تظاهرات، حتى باتت تشمل نيويورك، وبوسطن، ودالاس وأتلانتا وسان فرانسيسكو وسياتل وشيكاغو ولوس أنجليس والعاصمة واشنطن.
وتقود هذه التحركات بشكل أساسي مجموعات ومنظمات معنية بحقوق الإنسان وبقضايا الهجرة والأقليات وأعضاء في الكونغرس الأميركي من الحزب الديمقراطي، وسط توقعات بتزايد نشاطها خلال الأيام المقبلة. كما ترفد هذه التحركات شريحة وازنة من الجسم الأكاديمي القانوني، التي انبرى أصحابها للوقوف بوجه ترامب. ووصل عدد المحاكم الفيدرالية الأميركية التي أصدرت قرارات بعدم ترحيل من تم توقيفهم في المطارات الأميركية بعد قرار ترامب إلى 5. كما لم يتأخر المدعون العامون في 16 ولاية أميركية في إدانة قرار ترامب متعهدين بـ "التصدي له بكل الوسائل المتاحة أمامهم". وفي السياق نفسه، أعلن حاكم نيويورك، أندرو كومو، أنه سيتم قريباً تخصيص خط هاتفي لتقديم المساعدة القانونية للعائلات التي مُنعت من دخول الولايات المتحدة. كذلك دعا عدد من كبار أعضاء الكونغرس الجمهوريين ترامب إلى التراجع عن الإجراءات. بدورها دخلت كبرى الشركات في المعركة ضد ترامب. وتعهد رئيس مجلس إدارة سلسلة "ستارباكس"، هاورد شولتز، خطياً بتوظيف عشرة آلاف لاجئ خلال السنوات الخمس المقبلة، على أن يكون الموظفون الجدد من اللاجئين الفارين من الحرب والاضطهاد والتمييز في الدول الـ 75 الذي تملك المجموعة مقاهي فيها.
من جهته، عرض موقع "آر بي إن بي" تقديم مأوى مجاني للأشخاص المتضررين جراء القيود الجديدة من لاجئين ومسافرين عالقين في المطارات. وتعهدت شركة "ليفت" (تقدم خدمة إيجار السيارات)، وبين مساهميها مجموعة جنرال موتورز، بتقديم مليون دولار لـ "الرابطة الأميركية للحريات المدنية" التي قدمت شكوى إلى القضاء الأميركي ضد القيود المفروضة على الهجرة. كما بدأ رؤساء الشركات متعددة الجنسيات، مثل "جنرال إلكتريك" ومصرف "جي بي مورغان تشايس"، بالتحرك في هذا الاتجاه.


عاصفة تنديد
أما خارج الولايات المتحدة، فبدت كندا الدولة الأسرع في الرد على قرارات ترامب، من خلال منحها تراخيص إقامة مؤقتة للأجانب العالقين على أراضيها من رعايا الدول السبع. من جهتها، تعيش أوروبا حالة أقرب إلى الاستنفار السياسي.
وبينما أكدت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي، فيدريكا موغريني، أن "هذا ليس أسلوب الاتحاد الأوروبي"، تولت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل، لليوم الثاني على التوالي، إطلاق مواقف واضحة تؤكد أن القرار الذي اتخذه ترامب يتناقض مع مبادىء المساعدة الدولية للاجئين. كما حذرت من أن "مكافحة الإرهاب الضرورية والحازمة لا تبرر إطلاقاً تعميم التشكيك بالأشخاص من ديانة معينة، وتحديدا هنا الإسلام". وكان ترامب قد تعرض أيضاً لانتقادات من مسؤولين فرنسيين خلال الأيام الماضية. أما في بريطانيا، فوقع أكثر من مليون شخص على عريضة عبر موقع الحكومة البريطانية تدعو لمنع الرئيس من زيارة بريطانيا. وعلى الرغم من أن العريضة أطلقت حتى قبل صدور قرار تقييد استقبال المهاجرين واللاجئين، لكن عدد الموقعين ارتفع بشكل كبير منذ ذلك الحين. أممياً، ندد مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، زيد بن رعد الحسين، الإثنين بقرار ترامب، معتبراً أنه "سيىء النية" ومخالف للقانون ولحقوق الإنسان. من جهتها وصفت منظمة "أطباء بلا حدود"، قرار ترامب، بأنه "عمل غير إنساني بحق أولئك الفارين من مناطق الحرب".