نفس السؤال سيتكئ عليه المفكر الفرنسي جان لوك نانسي (1940) في محاضرته التي يلقيها اليوم في "المركز المغربي للعلوم الإنسانية" في الدار البيضاء بداية من الرابعة مساء، والتي يحاول من خلال العنف كفكرة أن يقدّم "فهماً للعالم" وهو المشروع الفكري الذي كرّس له أبحاثه مع رفيق دربه الراحل بيار لاكو لابرات (1940 – 2007).
ما يلفت في تجربة نانسي هو إصراره على إبقاء الفكر خارج دوائر التدريس الجامعي، حيث أنه بعد الحصول على درجاته العلمية رفض (مع لاكو لا بارت) مواقع التدريس التي عرضت عليه في كبريات الجامعات الباريسية، مفضّلاً العيش في أقصى الشرق الفرنسي.
رغم وضعية شبه القطيعة التي فرضها على نفسه، يحمل أكثر من 150 مؤلّف إمضاء جاك لو نانسي، عدد منها بالاشتراك مع لاكو لابارت، ومعظمها أعمال تعلّق على كل ما يدور في الحياة من سياسة وفن وفلسفة وغيرها، وتهدف إلى "شحن" كل ذلك بالمعنى الذي بات يفقده العالم في عصر ما بعد الحداثة، وهي فكرة أشهر أعماله "معنى للعالم" (1993).
كثيرون يصنّفون نانسي ضمن تيار التفكيكية الذي أطلقه جاك دريدا في ستينيات القرن الماضي، وهو تصنيف يعود إلى الأدوات يعتمدها في أبحاثه، غير أنه كان للمفارقة أوّل من طبّق أدوات التفكيكية على نصوص دريدا نفسه.
التقاط معنى من فوضى العالم اليوم، بل من العنف الذي يصنع هذه الفوضى، سيكون تحدّياً فكرياً ضمن المحاضرة التي يلقيها نانسي في الدار البيضاء. يذكر أنه في 2015 قدّم محاضرة في باريس تتطرّق لنفس الإشكالية وفيها عرّف العنف بأنه "اغتيال بقية المعاني" وأن نقطة نشوء العنف هي البحث مع حمل قناعة بوجود معنى واحد.