جامعة النجاح الوطنية.. الطالب على مذبح الأزمات المالية

30 أكتوبر 2014
شكلت أقساط الطلبة 73% من دخل الجامعة عام 2013(وكالات)
+ الخط -

رغم كونها الجامعة الأولى على مستوى فلسطين، والثانية عشرة على مستوى الوطن العربي، بحسب تصنيف موقع (Webometrics) العالمي، إلا أن جامعة النجاح الوطنية، الكائنة في مدينة نابلس، لم تسلم من الأزمة المالية التي يعاني منها قطاع التعليم العالي في فلسطين. أزمة تتفاقم حيناً، وتسكن حينا آخر، من دون حل جذري ينهيها، يمتد تأثير تلك الأزمة سلباً إلى الطلاب والكادر التعليمي في الجامعة.

تعد جامعة النجاح الوطنية جامعة فلسطينية أهلية، يعتمد تمويلها بدرجة أولى على أقساط الطلبة كمورد مالي أساسي، إذ شكلت أقساطهم نسبة 73% من إجمالي دخل الجامعة عام 2013.

في حين عانت الجامعة من نقص في تسديد المصاريف التشغيلية في عام 2013 بلغ 17% من مجموع دخل الجامعة ككل، إذ لم تسعف كل الموارد المالية، إلا في تغطية ما نسبته 83% من المصاريف التشغيلية للجامعة. وبلغ مقدار العجز 4.579.756 دينار أردني. في حين تشكل رواتب العاملين والمحاضرين ما نسبته 78% من نفقات جامعة النجاح، ويخصص 3% فقط لنواحي البحث والتطوير العلمي.

تفاقمت تلك الأزمة في السنوات الأخيرة، وترجم ذلك بطرق مختلفة، إذ تصاعدت إضرابات الجامعات، خصوصاً في أكبر جامعتين في الضفة الغربية، جامعة بيرزيت والنجاح الوطنية. بعد أن احتجت إدارة الجامعتين على عدم تسديد السلطة الفلسطينية لاستحقاقات الجامعات المالية. والمراقب للأرقام التي تنشرها الدائرة المالية في جامعة النجاح الوطنية، يرى تذبذباً جليّاً في المبالغ المالية التي تسددها السلطة للجامعة، إذ دفعت السلطة لجامعة النجاح مليوني دينار أردني في عامي 2010 و2011. في حين لم تدفع أكثر من نصف مليون دينار أردني في عامي 2012 و2013.

كما ارتفعت أسعار الساعات الدراسية لبعض كليات جامعة النجاح العام الماضي. وعلى سبيل المثال، بات سعر الساعة المعتمدة في كلية الهندسة 38 ديناراً أردنيّاً بدلاً من 35. علماً أن التسعيرة القديمة تعد مرتفعة أصلاً بالنسبة لفئة كبيرة من الطلاب.

عن ذلك يقول الطالب في جامعة النجاح، رؤوف حواري، "إن الأقساط الجامعية تعد مرهقة للطلاب وأولياء الأمور". ويذكر حواري أن إدارة الجامعة فرضت تأميناً صحيّاً إلزاميّاً على طلبة الجامعة كافة ابتداء من العام الدراسي الجاري 2014/2015، "في ذلك طريقة غير مباشرة لجني الأموال من الطلاب، في سبيل سد العجز المالي الذي تعاني منه إدارة الجامعة". ويتفق الطالب في كلية الهندسة، عمر بعارة، مع زميله، إذ يشتكي من عدم توافر تعليم جامعي مجاني في فلسطين، ويذكر أن كليته "رفعت الأقساط على الطلاب العام المنصرم"، ويفسر ذلك: "النفقات الإنشائية للمختبرات والقاعات مولت بالكامل من الدول المانحة، لكن الجامعة تواجه مشكلة في تأمين النفقات التشغيلية، وأعتقد أنها ارتأت من رفع الأقساط مخرجاً لتلك الأزمة".

ويرى الطالب في كلية القانون، عمرو النجار، أن سياسة الجامعة المبنية أساساً على جمع الأموال من الدول المانحة، والاعتماد على أقساط الطلبة بشكل أساسي يشكل خطأً كبيراً. ويتابع النجار: "على الجامعة أن تتوقف عن خصخصة مرافق الجامعة، كالكافتيريات والمراكز الثقافية لقاء مبلغ مالي زهيد. بالإمكان أن تستغلها الجامعات كمصدر دخل جيد لها". ويتساءل النجار عن عدم إقدام جامعة النجاح على فتح مشاريع استثمارية خاصة بها خارج أسوار الجامعة: "إنشاء مصانع تابعة للجامعة يمكنه أن يضرب أكثر من عصفور بحجر واحد، فهو يوفر دخلاً مستداماً للجامعة، ويساهم في الاقتصاد الوطني".

أما الكادر التعليمي في الجامعة، فهو متضررٌ بشكل آخر من الأزمة المالية، إذ تدفع الرواتب المتواضعة الكثير من المحاضرين إلى توليهم لمساقات دراسية أكثر، وذلك لرفع رواتبهم الشهرية. مما قد يشكل ضغطاً عليهم، بحيث لا يتبقى للمحاضر وقت يخصصه للبحث العلمي وتطوير قدراته الأكاديمية. وفي هذا الأمر يقول المحاضر في كلية الإعلام في جامعة النجاح الوطنية، أيمن المصري: "المحاضر الذي يتولى تدريس 18 ساعة معتمدة في الفصل الواحد، لن يتبقى له أي وقت يذكر يخصصه للبحث العلمي". ويشير المصري إلى أن "المساقات الدراسية باتت تقليدية ورتيبة لأنها لا تخضع للتطوير من المحاضرين، نتيجة ضيق وقتهم".

بدوره، قال الأستاذ المساعد في كلية الهندسة في الجامعة، رامز عساف، "لا أفضل أن أتحمل ضغط تدريس مساقات دراسية فوق طاقتي، لأن ذلك لا يتم الرسالة بإخلاص". وأضاف عساف أن "الوضع المالي الراهن للجامعة ينعكس على تمويل بعض المسائل الجانبية للمحاضرين"، ويذكر مثلاً أنه أضاع فرصتين للمشاركة في مؤتمرين علميين أحدهما في أندونيسيا، بسبب عدم قدرة الجامعة على تمويل نفقات السفر بشكل كامل. وأقر القائم بأعمال الجامعة، ماهر النتشة، "أن جودة التعليم تتأثر بلا شك جراء الأزمة المالية". ويبقى واقع الطلاب مراوحاً بين متطلبات مالية متضخمة ومستوى أكاديمي يتآكل!

المساهمون