أصدرت جامعة الأزهر في مصر قرارا بمنع ظهور أعضاء هيئة التدريس بالجامعة ومعاونيهم في وسائل الإعلام، أو إصدار فتاوى شرعية، إلا بعد الحصول على إذن كتابي من الإدارة المختصة في الجامعة.
وقال رئيس الجامعة، محمد المحرصاوي، في بيان اليوم الثلاثاء، إن "جامعة الأزهر لم تستهدف أحدا بعينه بالتأكيد عبر هذه الإجراءات التنظيمية، وتنظيم الظهور الإعلامي لأعضاء هيئة التدريس لا يعد تخليا عن منهجنا الذي يرتكز على الاجتهاد والتنوع وقبول الاختلاف"، مشددا على التزامه بما أعلنه الأزهر بأنه "لا حجْر على فكر، ولا إقصاء لعالم إذا أخطأ".
وأكد المحرصاوي أن "الجامعة تلتزم بتنفيذ صحيح القانون، وتسعى جاهدة لاتخاذ كل ما من شأنه الإسهام في ضبط منظومة العمل، وتحسين مستوى الأداء، وفي هذا الإطار جاء قرار تنظيم الظهور الإعلامي لأعضاء هيئة التدريس ومعاونيهم، حفاظا على مكانتهم بما يليق بالجامعة ورسالتها ودورها المجتمعي".
ولفت إلى أن "اللجان العلمية المتخصصة في حالة انعقاد دائم، وتتولى النقاش العلمي الحر حول أي قضايا مستجدة، ونتلقى أبحاثا علمية من داخل الجامعة ومن خارجها، وتتم مدارَسَتها داخل قاعات العلم بأسلوب يحتكم للمنهج العلمي وقواعده الرصينة".
وأكد المحرصاوي أن جامعة الأزهر لا تمنع أحدا من علماء الأزهر وأساتذته من الظهور الإعلامي اللائق، ولكن من حق الجامعة أن تنظم شؤونها وشؤون أعضائها بما يحافظ على مسؤوليتها تجاه أمانة تبليغ الدين، وتجاه الوطن والمجتمع، وعلى كل من يرغب من أعضاء هيئة التدريس ومعاونيهم في الظهور الإعلامي، أو العمل في مجال الإعلام، أو التصدي للفتوى بوسائل الإعلام، تقديم طلب إلى إدارة الجامعة للحصول على موافقة السلطة المختصة تنفيذا للقانون".
وشددت مصادر في هيئة كبار العلماء في الأزهر على أن هناك تشددا داخل مشيخة الأزهر في هذه القضية، وأن الفصل والإيقاف عن العمل سيكون جزاء فوريا لكل من يخالف القرارات.
وتأتي تلك القرارات بعد الأزمة التي فجّرتها تصريحات أستاذ الفقه المقارن بالجامعة، سعد الدين الهلالي، بشأن قضية المساواة في الميراث بين الرجل والمرأة، على ضوء القرار الأخير للرئيس التونسي الباجي قايد السبسي، والتي أكد فيها صحة ما توصلت إليه تونس من الناحية الشرعية، وهو ما ردت عليه الجامعة بأنه مخالف لنصوص القرآن الصريحة، ومخالف لمنهج الأزهر الشريف.
وتبع ذلك إصدار هيئة كبار العلماء بمشيخة الأزهر بيانا استخدم لهجة حادة ضد مؤيدي القرار، ومن يقومون بالهجوم على الأزهر وشيخه، مؤكدين أن "الأزهر لا يسير وفقا لأهواء أي سلطة أو حاكم، وإنما يمثل صحيح الدين".
وكانت جهات سيادية قد وزعت تعليمات على بعض وسائل الإعلام بتجاهل أي تصريحات أو بيانات صادرة عن الأزهر أو داعمة له مع إطلاق الضوء الأخضر لعدد من الإعلاميين المحسوبين على النظام للهجوم على الطيب، والتقليل من شأنه وتصويره على أنه راعٍ للفكر المتشدد، وهو ما قام به الإعلامي أحمد موسى، وعدد من كتّاب المقالات.
ولاحقا، اضطرت مؤسسة الرئاسة، بحسب مصادر تحدثت لـ"العربي الجديد"، إلى الاستعانة برئيس الجمهورية المؤقت السابق، عدلي منصور، للوساطة مع الطيب، بعد تصاعد الخلاف والتراشق الإعلامي، وقيام الآلاف من أعضاء الرابطة العالمية لخريجي الأزهر، وروابط عائلات وقبائل الصعيد بالتوجه إلى ساحة الطيب في مسقط رأس شيخ الأزهر، كنوع من الاحتجاج على الهجوم الذي يتعرض له.