ستة أعوام مضت على انقطاع الطالب السوري عامر حمزة عن الدراسة بسبب الظروف الأمنية والمعيشية الصعبة التي يعيشها كما كثير من طلاب الجامعات السورية، ممن وجدوا بدائل للجامعات الحكومية.
عامر، من مدينة تلدو بريف حمص الشمالي، وجد فرصة لاستكمال الدراسة في "جامعة إدلب الحرة" بعد وصوله إلى المدينة والإقامة فيها. يقول لـ"العربي الجديد": "لم يكن لديّ أدنى فرصة لاستكمال الدراسة بكلية العلوم في قسم الفيزياء بجامعة البعث، كوني مطلوباً لعدة فروع أمنية بسبب نشاطي في الثورة ضد النظام، وكنت قد انقطعت عن الدراسة منذ أواخر سنة 2011. بالدرجة الأولى كان الذهاب بشكل يومي إلى الجامعة من مدينة تلدو لجامعة البعث في مدينة حمص مخاطرة كبيرة، فالاعتقال على أحد حواجز النظام وارد جداً، وأوقفتني الحواجز عدة مرات، على الطريق الواصل بين المدينة والجامعة، وبالدرجة الثانية بعد المجزرة التي ارتكبتها قوات النظام في المدينة سنة 2012 ارتفع معدل الاختطاف بشكل كبير جداً، كما جرى قطع الطريق بين منطقة الحولة ومدينة حمص، لذلك لم يعد ممكناً الذهاب إلى الجامعة، فبقيت في مدينة تلدو ضمن الحصار". يتابع: "بعد اتفاق التهجير في المنطقة، خرجت مع عائلتي إلى الشمال السوري باتجاه مدينة إدلب، وأقمت لمدة فيها، ولم أجد عملاً هناك، فقررت متابعة دراستي في جامعة إدلب في اختصاص الفيزياء، لكنّ الضغط كان كبيراً بسبب الانقطاع الطويل عن الدراسة، وطلبت مني أوراق تثبت السنة الدراسية التي كنت فيها ومعدل الدرجات الخاصة بي، فساعدني والدي الذي راجع كلية العلوم بجامعة البعث عدة مرات حتى استطاع الحصول عليها، وكانت التكلفة مرتفعة نوعاً ما لاستخراج الوثائق. جرى قبولي في السنة الثالثة، وهي السنة التي انقطعت فيها فعلياً عن الدراسة".
تعتبر الجامعات التركية ملاذاً لكثير من الطلاب في الشمال السوري للدراسة، إذ تقدم منحاً للطلاب السوريين، تمكّنهم من الدراسة بعدة مجالات بعد إتقانهم اللغة التركية التي تعتبر شرطاً أساسياً للدراسة فيها. كذلك، افتتحت جامعة "حران" التركية فرعاً لها في مدينة الباب السورية، لخلق فرص أكبر لالتحاق السوريين بالجامعات.
الطالب محمد سلامة تمكن من الحصول على قبول في كلية التربية بجامعة "حران" بمدينة أورفا التركية. يقول لـ"العربي الجديد" إنّ القبول جاء بعد محاولات متكررة له، إذ كان يتابع مجموعات خاصة بالسوريين على "فيسبوك" ويتواصل مع طلاب سوريين يدرسون في الجامعات التركية لمعرفة طريقة المفاضلة في كلّ جامعة من الجامعات، فضلاً عن الأوراق المطلوبة، وإن كانت هناك منحة مقدمة من الحكومة أم سيضطر للدراسة على نفقته الخاصة. بالنسبة للمدة الزمنية التي استغرقها سلامة للحصول على القبول الجامعي يقول: "المدة تختلف من جامعة إلى أخرى في تركيا، واستغرقت نحو أربعة أشهر، إذ كنت أتقدم بطلبات للجامعات التي من الممكن أن أنال القبول فيها، كون شهادتي في الثانوية العامة سورية. مطلع العام الدراسي الجديد 2018 - 2019 تلقيت بريداً إلكترونياً من جامعة حران بقبولي في كلية التربية. عامي الدراسي الأول هو باللغة التركية للحصول على شهادة اللغة، تومر، الضرورية لمتابعة الدراسة. لم أتمكن من الحصول على منحة، وسأدرس على نفقتي الخاصة، وهو أمر صعب نوعاً ما، لأنّي لم أجد عملاً حتى الآن، لكنّ الموضوع الأهم من العمل هو تخطي حاجز اللغة بالدرجة الأولى".
طلاب سوريون آخرون وجدوا الحلّ في الجامعات الافتراضية. تتنوع أسبابهم بحسب عباس الخطيب (29 عاماً). يقول لـ"العربي الجديد: "كنت أدرس في جامعة حلب في اختصاص إدارة الأعمال، وفي عام 2012 انقطعت عن الدراسة، لكن في الأعوام الستة الماضية تنقلت بين منظمات المجتمع المدني، ولم يكن لديّ وقت لمتابعة الدراسة، لكن في العام الماضي أتيحت لي الفرصة للدراسة من دون التأثير على عملي أبداً، فالدراسة لا تتطلب حضوري إلى الجامعة بنفسي، بل إنّ كلّ المحاضرات تكون ضمن ساعات محددة أسبوعياً عبر الإنترنت. هذا أمر جيد بالنسبة لي، فلم تشغلني الجامعة عن عملي، كما أنّ الرسوم فيها مقبولة جداً، وأتابع اختصاصي السابق نفسه".