أصبح إسناد تسيير شؤون الكنائس إلى الطوائف المسيحية الأجنبية أحد الحلول للحفاظ على أماكن العبادة، واستبعاد فكرة بيعها أو حتى تدميرها في وقت لاحق. وفي حال كان ذلك صعباً، هناك مساعٍ لتحويلها إلى أماكن ذات قيمة
الواجهة الكبيرة على الطريق تُثير انتباه المارّة في هذا الحي، حتى خلال الليل. وكما يقول الأب موسى بكل فخر لـ "العربي الجديد": "العديد من الناس من كل الأديان، ومن غير المتدينين، يتوقفون للنظر إلى هذه الواجهة الجميلة. في الحي، يؤكد لنا جميع السكان الذين نلتقيهم أنهم سعداء بتسييرنا شؤون الكنيسة من جديد. قبل ذلك، كان يمكن المرور أمامها من دون ملاحظتها. ومن خلال الإصلاحات التي اعتمدت خلال السنوات الأخيرة، تمكنّا من ترميمها، وكأننا أعدنا إضاءتها".
حين مُنحت الكنيسة للجالية الكلدانية في بلجيكا، أعادت تسمية كنيسة القديسة تيريزا دافيلا، "مار أداي مار ماري" بحسب إسم مؤسسي الكنيسة الشرقية، التي أصبحت تحت رعاية روما في القرن السادس عشر، رغم أن أسقفها الكبير ما زال في بغداد. وقبل ثلاث سنوات، كانت الجالية الكلدانية تضم 1200 أسرة في بلجيكا، بما في ذلك 300 أسرة في العاصمة، تجتمع في إحدى الكنائس في أحد أحياء بروكسل مع الرعايا الأصليين لهذه الكنيسة الكاثوليكية.
الجالية الكلدانية القادمة من جنوب شرق تركيا منذ نحو ثلاثين عاماً، بدأت تتوسّع في الآونة الأخيرة بعد انضمام عائلات كلدانية أخرى وصلت إلى بلجيكا منذ وقت قريب مع موجة اللاجئين العراقيين. ومع وجود 300 إلى 500 من المؤمنين الذين يحضرون قداس يوم الأحد، كانت الجالية في حاجة إلى كنيسة خاصة. ويفسّر الأب موسى الذي قدم من تركيا إلى بلجيكا في عام 1989 في سن 16 عاماً، يقول: "سمعت أن هذه الكنيسة قد تغلق أبوابها.
لذلك، جئت في بادئ الأمر للتعرف على المكان"، وذلك قبل أن يعيّن المطران ليونارد، الذي كان ما زال كبير أساقفة بلجيكا، الأب موسى، على رأس كنيسة القديسة تريزا دافيلا. "الكنيسة كانت جميلة، ولكن كانت تحتاج إلى الترميم"، يتذكّر الأب موسى الذي درس في الجامعة الكاثوليكية في لوفان، وعلى يد جماعات مسيحية بلجيكية، قبل الذهاب إلى روما للتخصص في الكنائس الشرقية.
اقــرأ أيضاً
يضيف: "أعدنا تصميم الواجهة وبناء القبو لجعله قاعة كبيرة، وغيّرنا الأثاث". تحمّلت الجالية الكلدانية مسألة تمويل أعمال الإصلاحات، و"ساهم الجميع بطريقتهم الخاصة. بعض المؤمنين من خلال التبرعات، والبعض الآخر من خلال العمل المباشر"، مشيراً إلى أن الكلفة قدرت بمليون يورو. وفي سبتمبر/ أيلول الماضي، افتتحت الجالية كنيستها الأولى في بلجيكا.
جاليات
الجالية الكلدانية ليست الوحيدة التي حصلت على مكان خاص للعبادة كان في الأصل مهدداً بالهدم أو البيع. يقول مساعد كبير أساقفة بلجيكا تيري كلاسنس، لـ "العربي الجديد": "في الواقع، هذا الحل هو الطريقة المفضّلة لدى السلطات الكنسية التي تواجه زيادة في عدد الكنائس الفارغة، أو التي تتطلب إصلاحات كثيرة". يضيف: "السلطات الكنسية في بروكسل تدرس بشكل معمق مكان الكنائس في المدينة منذ بضع سنوات. وبعد مشاورات مكثفة مع الرعايا والمسؤولين في الكنائس، وضع الرعايا في وحدات موحدة. بعدها، وضعت قائمة تضم عشرين كنيسة غير مأهولة جزئياً".
في الوقت الحالي، منحت خمس عشرة من هذه الكنائس إلى جاليات أجنبية، كما هو الحال بالنسبة للجالية الكلدانية. وتعد طائفة الأرثوذكس، الذي أتت في معظمها من البلدان الشرقية، المستفيدة الرئيسية من هذا الحل الجديد، وينسحب الأمر على الرومانيين والجورجيين والسلوفاك والصرب وغيرهم. وتتمتع الطوائف الكاثوليكية الفيليبينية والإسبانية والبرازيلية والبولندية بكنائسها الخاصة.
يقول نائب كبير الأساقفة في أبرشية لييج، أريك دي بيوكيلار، والذي نظم مشاورات حول الملف في مختلف الأبرشيات الأخرى: "هناك أنواع مختلفة من أماكن العبادة. من المعقد جداً على سبيل المثال إغلاق كنائس القرى الصغيرة لأنها جزء من الذاكرة وهوية المكان. في مدينة سيراينغ على سبيل المثال، هناك نحو ثلاثين كنيسة تعود إلى القرن التاسع عشر، وهي قريبة جداً من بعضها بعضاً، وقد بنيت بسرعة ومن دون طموحات معمارية كبيرة. في ذلك الوقت، كان العمال يذهبون إلى القداس كل يوم أحد، لكنها باتت خالية اليوم". يضيف: "بطبيعة الحال، فإن ردود الفعل الأولى من قبل المؤمنين غالباً ما تكون سلبية في ما يتعلق بالبيع أو الهدم. بالتالي، نحن في حاجة إلى عمل طويل".
حلول أخرى
إلا أن الواقع يفرض أحياناً حلولاً أخرى. يوضح كلاسنس: "إذا لم يكن ممكناً منح الكنيسة لجالية أخرى، فإننا ندرس حلولاً أخرى. بالطبع، لسنا وكالة عقارات، وهمّنا الرئيسي هو إيصال كلمة الإنجيل. لكنّ إمكانياتنا المالية انخفضت كثيراً، ما يعني أن بعض الكنائس تصبح عبئاً. لذلك، نسعى دائماً إلى تحويلها إلى موقع ذي قيمة مضافة من الناحية الاجتماعية". يضيف: "عمليات البيع التجارية لتحويل هذه الكنائس إلى مراقص أو فنادق ينظر إليها بشكل سيئ من قبل المواطنين. لذا تفضل السلطات الكنسية تحويلها إلى مراكز ثقافية أو سكنية أو مدارس، كما هو الحال في عدد من كنائس مدينة بروكسل".
ويوضح نائب أسقف تورناي، أوليفير فروليتش، لـ "العربي الجديد": "ندرك جيداً أن هناك الكثير من أماكن العبادة الخالية من المؤمنين. ولأنّ المالية العامة هي التي تتكفل بالصيانة، من الطبيعي أن تطرح بعض التساؤلات حتى لو لم تكن التكاليف باهظة. وإذا كان السكان المحليون يرفضون الحلول المتعلقة بالبيع أو الهدم، فإن الأمر يتعلق أكثر بغير المواظبين على حضور القداس، والذين يأتون فقط في احتفالات الميلاد والجنازات. لذلك، يجب أن نعمل بتأن".
وبحسب السلطات الكنسيّة، فإن عدد الكنائس التي تحتاج إلى إصلاحات كبيرة أو بيع أو تدمير ضئيل. وتوضح أن العديد من أماكن العبادة تجد حياة ثانية بفضل الجاليات الأجنبية. لكن مسألة تسليم هذه الكنائس إلى طوائف دينية أخرى غير موجودة على أجندة السلطات الكنسية حتى الآن.
حين مُنحت الكنيسة للجالية الكلدانية في بلجيكا، أعادت تسمية كنيسة القديسة تيريزا دافيلا، "مار أداي مار ماري" بحسب إسم مؤسسي الكنيسة الشرقية، التي أصبحت تحت رعاية روما في القرن السادس عشر، رغم أن أسقفها الكبير ما زال في بغداد. وقبل ثلاث سنوات، كانت الجالية الكلدانية تضم 1200 أسرة في بلجيكا، بما في ذلك 300 أسرة في العاصمة، تجتمع في إحدى الكنائس في أحد أحياء بروكسل مع الرعايا الأصليين لهذه الكنيسة الكاثوليكية.
الجالية الكلدانية القادمة من جنوب شرق تركيا منذ نحو ثلاثين عاماً، بدأت تتوسّع في الآونة الأخيرة بعد انضمام عائلات كلدانية أخرى وصلت إلى بلجيكا منذ وقت قريب مع موجة اللاجئين العراقيين. ومع وجود 300 إلى 500 من المؤمنين الذين يحضرون قداس يوم الأحد، كانت الجالية في حاجة إلى كنيسة خاصة. ويفسّر الأب موسى الذي قدم من تركيا إلى بلجيكا في عام 1989 في سن 16 عاماً، يقول: "سمعت أن هذه الكنيسة قد تغلق أبوابها.
لذلك، جئت في بادئ الأمر للتعرف على المكان"، وذلك قبل أن يعيّن المطران ليونارد، الذي كان ما زال كبير أساقفة بلجيكا، الأب موسى، على رأس كنيسة القديسة تريزا دافيلا. "الكنيسة كانت جميلة، ولكن كانت تحتاج إلى الترميم"، يتذكّر الأب موسى الذي درس في الجامعة الكاثوليكية في لوفان، وعلى يد جماعات مسيحية بلجيكية، قبل الذهاب إلى روما للتخصص في الكنائس الشرقية.
يضيف: "أعدنا تصميم الواجهة وبناء القبو لجعله قاعة كبيرة، وغيّرنا الأثاث". تحمّلت الجالية الكلدانية مسألة تمويل أعمال الإصلاحات، و"ساهم الجميع بطريقتهم الخاصة. بعض المؤمنين من خلال التبرعات، والبعض الآخر من خلال العمل المباشر"، مشيراً إلى أن الكلفة قدرت بمليون يورو. وفي سبتمبر/ أيلول الماضي، افتتحت الجالية كنيستها الأولى في بلجيكا.
جاليات
الجالية الكلدانية ليست الوحيدة التي حصلت على مكان خاص للعبادة كان في الأصل مهدداً بالهدم أو البيع. يقول مساعد كبير أساقفة بلجيكا تيري كلاسنس، لـ "العربي الجديد": "في الواقع، هذا الحل هو الطريقة المفضّلة لدى السلطات الكنسية التي تواجه زيادة في عدد الكنائس الفارغة، أو التي تتطلب إصلاحات كثيرة". يضيف: "السلطات الكنسية في بروكسل تدرس بشكل معمق مكان الكنائس في المدينة منذ بضع سنوات. وبعد مشاورات مكثفة مع الرعايا والمسؤولين في الكنائس، وضع الرعايا في وحدات موحدة. بعدها، وضعت قائمة تضم عشرين كنيسة غير مأهولة جزئياً".
في الوقت الحالي، منحت خمس عشرة من هذه الكنائس إلى جاليات أجنبية، كما هو الحال بالنسبة للجالية الكلدانية. وتعد طائفة الأرثوذكس، الذي أتت في معظمها من البلدان الشرقية، المستفيدة الرئيسية من هذا الحل الجديد، وينسحب الأمر على الرومانيين والجورجيين والسلوفاك والصرب وغيرهم. وتتمتع الطوائف الكاثوليكية الفيليبينية والإسبانية والبرازيلية والبولندية بكنائسها الخاصة.
يقول نائب كبير الأساقفة في أبرشية لييج، أريك دي بيوكيلار، والذي نظم مشاورات حول الملف في مختلف الأبرشيات الأخرى: "هناك أنواع مختلفة من أماكن العبادة. من المعقد جداً على سبيل المثال إغلاق كنائس القرى الصغيرة لأنها جزء من الذاكرة وهوية المكان. في مدينة سيراينغ على سبيل المثال، هناك نحو ثلاثين كنيسة تعود إلى القرن التاسع عشر، وهي قريبة جداً من بعضها بعضاً، وقد بنيت بسرعة ومن دون طموحات معمارية كبيرة. في ذلك الوقت، كان العمال يذهبون إلى القداس كل يوم أحد، لكنها باتت خالية اليوم". يضيف: "بطبيعة الحال، فإن ردود الفعل الأولى من قبل المؤمنين غالباً ما تكون سلبية في ما يتعلق بالبيع أو الهدم. بالتالي، نحن في حاجة إلى عمل طويل".
حلول أخرى
إلا أن الواقع يفرض أحياناً حلولاً أخرى. يوضح كلاسنس: "إذا لم يكن ممكناً منح الكنيسة لجالية أخرى، فإننا ندرس حلولاً أخرى. بالطبع، لسنا وكالة عقارات، وهمّنا الرئيسي هو إيصال كلمة الإنجيل. لكنّ إمكانياتنا المالية انخفضت كثيراً، ما يعني أن بعض الكنائس تصبح عبئاً. لذلك، نسعى دائماً إلى تحويلها إلى موقع ذي قيمة مضافة من الناحية الاجتماعية". يضيف: "عمليات البيع التجارية لتحويل هذه الكنائس إلى مراقص أو فنادق ينظر إليها بشكل سيئ من قبل المواطنين. لذا تفضل السلطات الكنسية تحويلها إلى مراكز ثقافية أو سكنية أو مدارس، كما هو الحال في عدد من كنائس مدينة بروكسل".
ويوضح نائب أسقف تورناي، أوليفير فروليتش، لـ "العربي الجديد": "ندرك جيداً أن هناك الكثير من أماكن العبادة الخالية من المؤمنين. ولأنّ المالية العامة هي التي تتكفل بالصيانة، من الطبيعي أن تطرح بعض التساؤلات حتى لو لم تكن التكاليف باهظة. وإذا كان السكان المحليون يرفضون الحلول المتعلقة بالبيع أو الهدم، فإن الأمر يتعلق أكثر بغير المواظبين على حضور القداس، والذين يأتون فقط في احتفالات الميلاد والجنازات. لذلك، يجب أن نعمل بتأن".
وبحسب السلطات الكنسيّة، فإن عدد الكنائس التي تحتاج إلى إصلاحات كبيرة أو بيع أو تدمير ضئيل. وتوضح أن العديد من أماكن العبادة تجد حياة ثانية بفضل الجاليات الأجنبية. لكن مسألة تسليم هذه الكنائس إلى طوائف دينية أخرى غير موجودة على أجندة السلطات الكنسية حتى الآن.