جارسيا ورفاقه..الجنود المجهولون في المستطيل الأخضر

30 اغسطس 2014
محاربو الساحرة المستديرة
+ الخط -


أعلم أنك من فعل ذلك يا فريدو، لقد حطمت قلبي. هكذا كانت كلمات مايكل كوروليوني "ألباتشينو" لأخيه فريدو "جون كازال" في رائعة فرانسيس دي كوبولا، العراب أو الأب الروحي. لعب ألباتشينو دور البطل في الجزء الثاني من السلسلة، قدم أداء مبهرا ونال استحسان الجميع سواء كانوا نقادا أو جماهير، لكنه في النهاية لم يحصل على الأوسكار لهذا العام. بعد هذا الدور التاريخي، لم ينجح ألباتشينو في نيل جائزة أفضل ممثل في دور رئيسي.

في المقابل، قام روبرت دي نيرو بدور فيتو كوروليوني في نفس الفيلم. لم يكن البطل الأول لكنه حصل على الأوسكار نهاية العام. جائزة أفضل ممثل عن دور ثان. يعجبني في النقاد السينمائيين أنهم يعطون الأهمية للجميع، ليس البطل الأول فقط. بل هناك بطل ثانٍ وثالث، يسحبا أحيانا الأضواء بحضور طاغٍ.

مع كرة القدم أيضا، علينا أن نتذكر هؤلاء الأبطال في الصفوف الخلفية، نجوم الركن المنسي من صفحات الإعلام. أصدقاء البطل ورفاق النجوم الكبار، لاعبون ومدربون فعلوا المستحيل بإمكانيات قليلة وموارد محدودة. ومع كل ذلك، نجحوا في الوصول إلى مستويات مبهرة وأداء ناجح خلال الفترة الماضية، لذلك يجب علينا ذكر البطل الثاني في ملاعب الساحرة المستديرة.

المحارب
يُعرف عن فريق التشولو سيميوني القتالية غير العادية وروحه القوية داخل الملعب، لذلك وجد راؤول جارسيا نفسه مع كتيبة أتلتيكو مدريد، إنه الجندي المجهول والعنصر الثابت مع بطل إسبانيا الجديد. يمتاز جارسيا بقدرته على التألق سواء كأساسي أو كبديل، وساعد اللاعب فريقه كثيراً هجومياً ودفاعياً خلال الفترة الماضية، لأنه قادر على شغل أكثر من مركز داخل الملعب، ويجيد بشدة اللعب تحت الضغط في أي بطولة محلية كانت أو قارية.

تكتيكياً، جارسيا هو الجناح المركزي، أي اللاعب القادر على اللعب بين الأطراف وعمق الملعب، يبدأ في مباريات عديدة كجناح صريح حينما يريد مدربه أن يغلق مناطقه جيداً، لأن راؤول من أفضل الأجنحة في قطع الملعب طولياً وعرضياً، مع عودته لمساندة الظهير الدفاعي، بالإضافة إلى قطعه في العمق للتسديد من بعيد، والتحول لوسط حقيقي عند الحاجة من أجل سد كافة الفراغات بالمنتصف وتضييق المساحات أمام الخصوم.

يستطيع أيضاً المحارب أن يتمركز كمهاجم ثان متأخر بين الوسط والثلث الأخير، للاستفادة من قدراته الواضحة في القطع داخل منطقة الجزاء ولعب دور القادم من الخلف، بالإضافة إلى ميزته القاتلة، اللعب كناطحة سحاب أثناء الكرات العرضية والضربات الركنية، وتسجيل أهداف مهمة في مسيرة الروخيبلانكوس خلال بطولة الليجا وكأس الملك، لذلك يعتبر راؤول جارسيا، أكثر من لاعب في اسم واحد.

خالق المساحات
كان هناك مدرب ما قام بعمل اختراع اسمه "قُمع كرة القدم " بمعنى تكتيك أشبه بالدوامة، لفريق يضم مجموعة لاعبين يجب أن تتوافر فيهم شروط الصفات المتطرفة في كل شيء، "الأكثر" طولاً، "الأكثر" قصراً، "الأكثر" سرعة. والفكرة هنا في الخروج عن المألوف والابتعاد عن القاعدة المعروفة، المدافع يجب أن يكون قوي البنية، والمهاجم طويلا، بينما الظهير يكون قصيرا، ولاعب الوسط له صفات جسمانية خاصة.

لم تنتشر الفكرة بشكل كبير، لكن هناك لاعب في كرة القدم الحالية يطبق هذه النظرية بمفهوم أوضح. إنه ليس بطول المهاجم الصريح، ولا يملك مهارة صانع اللعب، ولا خفة الجناح، ولا دقة تمرير لاعب الوسط، ولا حتى قوة تسديد المهاجم الثاني. إنه توماس موللر، اللاعب الذي يمتاز بصفة خاصة جدا، تجعله ضروريا لأي فريق يريد المنافسة في المباريات الكبيرة، القدرة الفتاكة على خلق وصناعة المساحات. التحرك بأسلوب يجعل أمامه مساحة واسعة من اجل مساعدة زملائه.

مولر الباحث عن الفراغات أو كما يعرف في ألمانيا بالـ Raumdeuter، دائماً يكون الحل في المواجهات الصعبة لفريقه بايرن أو منتخب ألمانيا، لأنه يأتي من بعيد دون رقابة، ويتحرك في المساحات الشاغرة، فيصنع الأهداف ويسجلها مع برود أعصاب يُحسد عليه. كانت قوة مولر في اختلافه، في أنه خارج عن المألوف، في تحليقه خارج السرب، في تمرده على القوالب المعروفة.

الصاعد الواعد
قدم الصاعد أداء فردياً مميزاً مع إنتر لكنه لم يكن بهذا الإبداع. مع رودجرز، أصبح الشاب اليافع أكثر نضجاً. في البداية، لعب كوتينهو على الطرف كجناح مع تحوله إلى العمق ثم بعد ذلك كلاعب وسط ثالث في المركز 8 بطريقة 4-3-3، اي اللاعب الإضافي مع الثنائي المحوري.

كوتينهو يعتبر لاعب وسط يراقب صانع لعب الخصم ويحاول قطع التمريرة الثانية، والكرة الثانية في الضغط مهمة للغاية لأنها التمريرة التي تلي عملية الاستلام. مع كونه لاعب جناح يعاون الظهير الأيسر في المهام الدفاعية وإغلاق الجبهة اليمني للمنافس. وبالطبع هو صانع لعب من العمق.

نجم أقرب إلى رابط خطوط الفريق في طريقة لعب الليفر، هو همزة الوصل الرئيسية في التحولات من الخلف إلى الأمام. والبرازيلي أيضاً نموذج حقيقي للـ False 7 "الجناح الوهمي" أي اللاعب الذي يبدأ على طرف الملعب لكنه يتألق بشدة في العمق، كلاعب وسط مساند وصانع لعب، لذلك يقضي معظم أدائه في المنتصف داخل الملعب. ومع تألق سواريز - ستوريدج العام الماضي، يجب أن نذكر كوتينهو ودوره المحوري في طريقة لعب رودجرز.

الوسط الثالث
تألق روما مع رودي جارسيا بخطة لعب 4-3-3، التركيبة الثلاثية واستراتيجية السيطرة على خط الوسط، خلطة جارسيا في التعاقد مع الهولندي العملاق ستروتمان. لاعب أضاف الكثير إلى عمق المنتصف في نادي العاصمة الايطالية. دي روسي الارتكاز الدفاعي الأقرب الى دور التغطية مع ستروتمان لاعب الوسط الممرر والمنطلق في كل مكان بالملعب، بالإضافة إلى لاعب الوسط الثالث المكّمل، ميراليم بيانيتش، أحد أهم أسلحة روما الفتّاكة خلال السنة الماضية.

يمتاز اللاعب البوسني بقدرة كبيرة على اللعب أمام محور الارتكاز كخط وسط مهاجم وصانع لعب من الوسط، مع قوته في الاختراق والمراوغات والتسديد من بعيد، لذلك يعتبر بيانيتش إضافة كبيرة لفريق العاصمة الإيطالي في صناعة الأهداف وتسجيلها، وبدونه، لنقصت توليفة جارسيا وتعرضت لمخاطر عديدة سواء على الصعيد الهجومي أو الدفاعي.

ورغم تألق توتي وبقية العناصر الهجومية، وصلابة دي روسي وخط الدفاع، يأتي بيانيتش ليكون النجم الحقيقي والمحرك الأساسي في تشكيلة الذئاب بالدوري الإيطالي، وينتظر منه الجميع أداء ثابتا ومستوى أكبر خلال الموسم الجديد مع تحديات أكبر

دلالات