محطة وقود في بريطانيا
06 يوليو 2020
+ الخط -

 

تحاصر جائحة كورونا صناعة المصافي العالمية خلال السنوات المقبلة بأزمة حقيقية، وربما تتمكن المصافي الكبيرة فقط من البقاء وسط تراجع الهوامش الربحية وضعف الطلب العالمي على المشتقات ومنها البنزين والسولار، وذلك وفقاً لتقرير صادر عن شركة وود ماكينزي الأميركية للأبحاث. 
ويقدر حجم مبيعات المنتجات المكررة في العالم بنحو تريليوني دولار في العام الماضي. وتسيطر عليه شركات عالمية، من بينها "أكسون موبيل" الأميركية و"رويال شل" البريطانية وسينوبيك الصينية و"إنديان أويل كوروب" الهندية. وهذه الشركات هي من كبار اللاعبين في أسواق الاستهلاك الرئيسي للطاقة. 
وبحسب التقرير "تواجه صناعة المصافي العالمية أسوأ حالاتها خلال الأعوام المقبلة، وربما ستضطر لإجراء عمليات خفض كبير في الطاقات التكريرية وخفض كلف التشغيل حتى تتمكن من البقاء".
ويشير تقرير "وود ماكينزي" إلى أن جائحة كورونا تهدّد تسويق كميات ضخمة من المنتجات المكررة لدى المصافي في السنوات المقبلة، تقدرها الشركة البحثية بنحو 1.4 مليون برميل يومياً خلال عامي 2022 و2023. 

ورغم أن المصافي تمكّنت من شراء الخامات بأسعار رخيصة في فترة انهيار الأسعار النفطية في مارس/ آذار وأبريل/ نيسان، إلا أنها لم تتمكّن من تسويقها بسبب عدم انحسار الجائحة. وكانت أسعار النفط قد تراجعت في بعض الأيام إلى أقل من 10 دولارات للبرميل. 
وتوقعت وود ماكينزي ارتفاع الفائض في المنتجات المكررة خلال الأعوام الخمسة المقبلة وسط التقارير التي تتحدث عن تراجع النمو الاقتصادي. كما تتوقع كذلك تراجع الهوامش الربحية المتحققة من التكرير بسبب ضعف الطلب والمنافسة الشرسة على الأسواق العالمية بين المصافي الكبرى. 
يذكر أن الطلب العالمي على الخامات النفطية تراجع بنحو 14 مليون برميل يومياً في الربع الثاني من العام الجاري بسبب عمليات الإغلاق والعزل الاجتماعي. وحتى الآن استجابت شركات الطاقة الكبرى لانهيار الطلب العالمي على النفط والمشتقات النفطية بخفض ميزانيات الإنفاق الرأسمالي وكلف التشغيل بنحو 29 مليار دولار خلال العام الجاري 2020، بحسب التقرير. ولكن هذا الخفض في عمليات التشغيل قد لا يكون كافياً لإنقاذها بسبب ضخامة الخسائر من الطلب العالمي على المشتقات. 
وتتوقف عودة الطلب على المشتقات النفطية من بنزين وسولار على نجاح فتح الحدود العالمية وعودة النشاط لحركة السفر والطيران والسياحة وتشغيل المصانع. وتعرقل عودة تفشي جائحة كورونا للارتفاع عملية عودة الطلب العالمي على المشتقات النفطية. 
ويرى محللون أن المصافي العالمية بحاجة إلى خفض كلف تشغيلها أكثر خلال الأعوام المقبلة، خاصة في أوروبا التي كانت تعتمد في السابق على السوق الأفريقي الذي يعيش أسوأ حالاته خلال العام الجاري. 
في هذا الشأن يقول باتريك بويان، رئيس مجموعة مصافي شركة توتال الفرنسية لوكالة بلومبيرغ، أمس الأحد، إن "هامش أرباح التكرير تواجه كارثة حقيقية" بسبب جائحة كورونا. 
من جانبه يقول محلل صناعة التكرير بمصرف "غولدمان ساكس"، نخيل بهانداري، "نعتقد أن صناعة التكرير العالمية تحتاج إلى عملية اندماجات". 

وفي ذات الشأن، يرى العديد من رؤساء شركات التكرير وتجار المشتقات النفطية أن صناعة التكرير العالمية ستواصل المعاناة خلال العام الجاري ما لم تتم معالجة وباء كورونا أو انحسار الإصابات. وحتى الآن يتردد العديد من مواطني العالم من السفر رغم فتح الحدود الدولية، وهو ما يعني أن عودة حركة الطيران العالمية والسفن السياحية والتنقل بالسيارات وحركة الشحن العالمي لن تكون سريعة. 
كذلك يرى محللون أن تراكم مخزونات المشتقات النفطية المكررة ستؤخر انتعاش صناعة المصافي حتى في حال عودة الاستهلاك النفطي بالدول المستهلكة الكبرى، مثل الصين وأميركا. وحسب بيانات "أي أتش أس" الأميركية، اشترى تجار المشتقات النفطية كميات ضخمة من المشتقات خلال شهور انهيار أسعار النفط والعزل الاجتماعي، وبلغ حجم الديزل والبنزين والمشتقات الأخرى المخزنة في ناقلات عائمة في البحار نحو 70 مليون برميل. ورغم أن هذه المشتقات المخزنة في الناقلات تراجعت بنهاية يونيو/ حزيران إلى 50 مليون برميل، إلا أنها من المتوقع أن تواصل ضغطها على الهامش الربحي الذي تحققه المصافي النفطية في العالم. 

وبعد سنوات من الاستثمار المكثف في قطاع المصافي الذي كان ينظر إليه على أساس أنه من القطاعات المربحة، تأتي كورونا لتضرب القطاع.
وبلغ حجم التوسع في التكرير نحو 2.2 مليون برميل في اليوم عام 2019، بسبب التوسع الصيني في المصافي. وعملت الصين خلال السنوات الأخيرة على استيراد الخامات النفطية ليس فقط لحاجة الاستهلاك الداخلي ولكن كذلك للمتاجرة في المشتقات بأسواق آسيا الأخرى، إذ باتت شركاتها من كبار اللاعبين في سوق الجازولين والديزل بآسيا. وتعمل الصين كذلك على زيادة مخزونها التجاري من المشتقات النفطية بسبب مخاوفها من الحظر الأميركي والاضطرابات بمنطقة الخليج، خاصة احتمال ارتفاع حدة التوتر في خليج هرمز بين إيران والولايات المتحدة.
وهنالك بعض الدول النفطية التي توسعت في صناعة المصافي في السنوات الأخيرة، وعلى رأسها شركة أرامكو السعودية والإمارات وبعض الدول الأفريقية التي دخلت حديثاً مجال التكرير. ومن المتوقع أن تواجه هذه المصافي صعوبات في التسويق.