ثورتنا في مصر سلمية

02 سبتمبر 2014
+ الخط -

 

إن ثورتنا السلمية التي تحدث الآن في مصر، ويصنعها خيرة الشباب المصري، الذي لا يخشى أصوات الخرطوش، فضلاً عن الرصاص المدوّي، والذي يقف أمامه بصدره العاري، وبكل سلمية رائعة ومبدعة بكل المقاييس، لم تنجر إلى العنف حتى الآن. وقلما نجد ثورة مثل ثورة مصر، بعدم انجرارها إلى العنف، على الرغم من كل ما نراه من ظلم، بين قتل يومي واعتقال دائم واغتصاب ممنهج واستخدام شتى أساليب العنف والظلم والاضطهاد ضد الثوار، على الرغم من تمني نظام الحكم الانقلابي استخدام الثوار السلاح، ولو لحظة واحدة، ليتخذ من ذلك ذريعة، ويعيث في الأرض فساداً أكثر مما يفعل الآن.

تداعيات هذا الظلم الكبير وهذه الترسانة الضخمة لدى الانقلابيين، من عدة وعتاد وسلاح وشرطة وجيش وإعلام وقضاء، أدت إلى ظهور أصوات تنادي بحمل السلاح، على الرغم من السلمية المبدعة السائدة حتى هذه اللحظة. ويبقى السؤال، أيهما أفيد وأنفع لثورتنا: حمل السلاح، أم استكمال السلمية المبدعة؟

إن أي خيار يطرح على الساحة يجب أن يدرس من جميع أبعاده، ولا يتخذ بطريقة متسرعة وعشوائية فنخسر الكثير. ومن ينادون بحمل السلاح، اليوم، لا يحملهم على ذلك إلا سقوط الشهداء والمصابين المستمر، وعداء الداخلية والدولة الدائم. ولكن، ماذا إذا تم حمل السلاح؟

هل سيقل عدد شهدائنا أو سنخيف الشرطة الانقلابية، فتكفّ الأذى عنا؟ حمل السلاح معناه النهاية الحتمية لثورتنا. ومعناه أننا بدلاً من أن نعود بشهيدين أو ثلاثة في اليوم، سنعود بخمسين أو يزيد. ويزداد سفك الدماء وتصبح الدنيا فوضى عارمة. نضحي بالكثير، الآن. ولكن، كيف يكون حمل السلاح الحل وسيكون سيل الدماء مضاعفاً، فحمل السلاح لن يزيد الأمور إلا تعقيدا!

ثم إن الانقلابيين ومن خلفهم الغرب وأميركا ينتظرون أي فرصة، لكي لا يكون عليهم أي حرج في التصرف معنا كما يشاؤون، وليس لنا نحن حجة أمام العالم كله في مطالبتنا بالحق والشرعية. ومن يدري، أليس من الممكن أن تعلن أميركا التدخل العسكري بدعوى محاربة "الإرهابيين"، أو حماية لأمنها وأمن إسرائيل القومي كما تدّعي دائما؟ لذلك، إن عدم تنازل الثوار عن سلمية ثورتهم هو، في حقيقته، نقطة ضعف للانقلابيين، وليس للثوار.

avata
avata
محمد يحيى (مصر)
محمد يحيى (مصر)