ثناء مبارك يُحرج السيسي ويورط الجيش

28 ابريل 2015
تصريحات مبارك تبين أن السيسي امتداد له(مانديل نغان/فرانس برس)
+ الخط -

مما لا شك فيه أنّ الحديث الأخير للرئيس المصري المخلوع، حسني مبارك، قبل يومين، والذي عبر فيه عن دعمه للرئيس الحالي، عبد الفتاح السيسي، لم يكن سوى وصلة مديح جديدة، توضح حجم الارتباط بين النظامين، بشكل بدا فيه أن الأخير امتداد للأول.

وقالت مصادر مطلعة مقرّبة من مؤسسة الرئاسة، فضلت عدم نشر اسمها، إنّ السيسي، حين علم بحديث الرئيس المخلوع عنه، شعر بالإحراج الشديد. وأضافت لـ"العربي الجديد" أن "السيسي، وإن بدا أنه غير غاضب من تصريحات مبارك لأنها تدعمه، ولكنه شعر بالحرج بسبب ربط المصريين بين النظامين، بصورة تلقائية".

اقرأ أيضاً: مبارك يدخل في وصلة مديح للسيسي.. ويهاجم الإسلام السياسي 

وتابعت المصادر نفسها أنّ "هذا الحرج جاء من تصريحات السيسي السابقة الخاصة بعدم سماحه بعودة نظام مبارك مرّة أخرى للمشهد، والتأكيد على ذلك بشكل مبطن وعلني في أكثر من مناسبة، ردّاً على اتهامه بأنّه امتداد نظام مبارك".

وشدّدت على أنّ "السيسي فوجئ بالاتصال مع مبارك، وهو ما يعني أنّ المداخلة الهاتفية لم يكن معدّاً لها من قبل الرئاسة أو الاستخبارات، أو الجيش".

ولم تستبعد المصادر أن تكون المكالمة من إعداد وترتيب جهاز الأمن الوطني، خصوصاً وأن هذا الجهاز يلعب لصالحه، وربما محاولة للضغط على النظام الحالي في بعض القضايا.

ورسم حديث مبارك عن السيسي، خلال تصريحات هاتفية لإحدى القنوات الفضائية المصرية، المملوكة لأحد رجال الأعمال، العضو في الحزب "الوطني" المنحل، شكل العلاقة والامتداد بين النظامين، وهو ما يؤكد أنهما قادا الثورة المضادة ضد 25 يناير ومرسي.

وأكد حديث مبارك ما كان يتردد من وجود اتفاق بين المجلس العسكري، برئاسة المشير محمد حسين طنطاوي، آنذاك، ومبارك، على تسليمهم السلطة مقابل عدم معاقبته على أية جريمة ارتكبها هو وأركان نظامه السابق. وكان السيسي، إبان ثورة يناير، عضواً في المجلس العسكري، باعتباره مدير الاستخبارات الحربية.

ووفقاً لخبراء وسياسيين، فإنّ النظام الحالي يعد امتداداً لنظام مبارك، على الرغم من محاولات السيسي نفي ارتباطه به، أو سماحه بالعودة إلى الوراء مرّة أخرى وإعادة إنتاج النظام القديم.

في غضون ذلك، رجّح خبير عسكري، مقرب من المؤسسة العسكرية المصرية، أن تثير تصريحات مبارك الأخيرة حفيظة قيادات الجيش، لأنها تعبّر عن ارتباط نظامي مبارك والسيسي، فضلاً عن كشف رؤية الاتفاقات التي حدثت قبل تنحي مبارك عن الحكم، وتفويض المجلس العسكري بإدارة شؤون البلاد.
مع ذلك، لا يمكن في هذا السياق، إغفال وجود أجنحة داخل نظام مبارك تناصب النظام الحالي العداء، ولكن على خلفية صراع المصالح.

وقال الخبير السياسي، محمد عز، لـ"العربي الجديد"، إنّ "تصريحات مبارك هي إعلان دعم مباشر وواضح للرئيس الحالي، بما يضمن أنّ فكر السيسي ليس مختلفاً عن مبارك، وأنّهما وجه واحد". وأضاف أنّ "حديث مبارك ليس إلا رسالة مبطنة لأنصاره لمساعدة السيسي بشكل كبير، خصوصاً في ظل وجود خلافات مع الرجل منذ توليه السلطة مع أجنحة محسوبة على نظام مبارك". وتابع "ربما يكون التأييد الذي حظي به السيسي من مبارك، يرجع إلى الخلفية العسكرية للرجلين، وبموجب اتفاق بين المجلس العسكري إبان ثورة يناير ومبارك، كان السيسي شاهداً عليه".

ولفت إلى أن "تصريحات مبارك حول السيسي تفتح النار على الأخير سياسياً وشعبياً، بقدر ما تحاول تهدئة المعركة بين نظام السيسي وبقايا نظام مبارك".

وشدّد عز على أنّ "حديث مبارك أكد وجود ارتباط وتنسيق في وأد الثورة"، وأنه سيخلق في المقابل خصوماً من المعسكر المحسوب على ثورة يناير، متسائلاً عن "موقف قوى 25 يناير، التي أعلنت دعم وتأييد السيسي، بعد ثناء ومدح مبارك له، فضلا عن المطالبة بدعمه؟"

بدوره، قال القيادي في حزب "الكرامة"، محمد بسيوني، إن تصريحات مبارك، جاءت في توقيت لتثبت أن ثورة يناير انتهت تماماً، وهي الرسالة الأقوى من حديث الرئيس المخلوع.

وأضاف بسيوني، لـ"العربي الجديد"، أن "نظام مبارك لم يختفِ من المشهد طوال السنوات الماضية منذ ثورة 25 يناير، وكان هناك تخطيط مستمر للثورة المضادة".

ولفت إلى أن الرئيس الحالي أكد في أكثر من مناسبة عدم سماحه بعودة نظام مبارك ورجاله مرة أخرى للمشهد، ولكن الحقيقة تقول عكس ذلك، على مستوى من يتم الاعتماد عليهم، وعمل نظام انتخابي يسمح بوصول أبناء مبارك لمجلس النواب، واتخاذ قرارات وسنّ قوانين تخدم رجال الأعمال المحسوبين على مبارك.

وفي الإطار نفسه، رجّح خبير عسكري، فضل عدم نشر اسمه، في حديث مع "العربي الجديد"، أن تكون المؤسسة العسكرية وقياداتها على غير رضا تام من تصريحات مبارك الأخيرة.

وقال إن "الجيش لا يريد الحديث في اتفاقات تمت بشكل ضمني على الهواء مباشرة، إضافة إلى أن توثيق الارتباط بين نظامي السيسي ومبارك يؤثر سلباً على مكانة النظام الحالي". وشدّد على أنّ القيادات العسكرية الحالية تعتبر جزءاً من نظام السيسي، وبالتالي كل ما يمس شخصه ينعكس سلباً عليه.

ولفت إلى أن القيادات العسكرية تدرك تماما حجم الورطة، التي أوقعهم فيها مبارك، إذ إن في بعض كلامه نسف ما كان يتم ترويجه على مدار شهور طويلة عن عدم وجود ارتباط بين النظامين.

ومما جاء في تصريحات المخلوع المثيرة أن "حكم مصر ليس نزهة، ويجب على الشعب المصري أن يقف خلف قيادته الحالية برئاسة عبد الفتاح السيسي. مصر في يد قيادة وطنية حكيمة ويجب أن يقف الشعب المصري وراءها، لأنه لا يوجد رئيس يستطيع أن يعمل بمفرده. أنا بطبعي متفائل، حتى في أصعب الأوقات كنت متفائلاً وواثقاً في حكمة السيسي".

اقرأ أيضاً: من مبارك للسيسي... "اللي خلف ممتش"

المساهمون