وفيما يلي دليل أنجزته الصحيفة حول خطاب ترامب، وفق الترتيب الذي وردت فيه تصريحاته.
1/ "النظام احتضن إرهابيين خطيرين جداً قبيل هجمات الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول، بمن فيهم نجل أسامة بن لادن".
عن ذلك عقبت الصحيفة: "الرئيس تلا لائحة طويلة من الأفعال العدوانية للحكومة الإيرانية اتجاه الولايات المتحدة الأميركية منذ إطاحة الشاه في 1979، العديد منها يعرفها الأميركيون. هذا الادعاء بكون إيران احتضنت إرهابيين محتملين في القاعدة قد يكون أمراً غير معروف جيداً، لكن جرى توثيقه مؤخراً هذا العام في كتاب "المنفى"، لصحافيي التحقيقات كاثي سكوت كلارك وادريان ليفي.
الكتاب أشار إلى أن حلول قادة القاعدة بشكل كثيف بإيران بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول كان محط جدل بين العديد من الفصائل. وقامت الحكومة في الواقع باعتقال بعض العناصر وإرسال بعض القياديين بالقاعدة إلى بلدانهم الأصلية. لكن الحرس الثوري كان أكثر تعاوناً. ترامب، باستخدامه عبارة "النظام"، يحاول أن يغضّ بصره عن النقاش الدائر داخل البلاد".
2/ "النظام ما زال البلد الأول في العالم الذي يدعم الإرهاب، ويوفر المساعدة للقاعدة وطالبان وحزب الله وحماس وشبكات إرهابية أخرى".
هكذا كان رد "واشنطن بوست": "ترامب يلمح إلى أن دعم تنظيم القاعدة ما زال متواصلاً حتى اليوم. هذا الأمر يتناسق مع التقرير الأخير لوزارة الخارجية حول الإرهاب، الصادر في يوليو/ تموز، والذي جاء فيه: "منذ 2009 على الأقل، سمحت إيران لمتواطئين مع القاعدة باستغلال خط إمداد رئيسي داخل البلاد، ما مكّن القاعدة من نقل الأموال والمقاتلين من جنوب آسيا إلى سورية". غير أن هذه الصياغة مثّلت تحولاً عن التقارير السابقة، والتي كانت تشير إلى أن الدعم كان يتم في الماضي".
3/ "الإدارة السابقة رفعت هذه العقوبات، في اللحظة التي كان فيها النظام الإيراني على وشك التهاوي بشكل تام، وذلك من خلال الاتفاق النووي مع إيران عام 2015 المثير للجدل كثيراً".
وعن ذلك قالت "واشنطن بوست": "لا يوجد هناك ما يثبت حقيقة أن الحكومة الإيرانية كانت على حافة "التهاوي التام"، على الرغم من أنها كانت بكل تأكيد تعاني بسبب العقوبات الدولية. لقد استطاعت إدارة (باراك) أوباما نيل دعم دولي واسع لفرض عقوبات قاسية، تحديداً لأنها أقنعت روسيا والصين، الشريكين الرئيسيين لإيران، بأن تلك الضغوطات كانت تهدف إلى لجم طموحات إيران النووية ودفع الحكومة إلى الجلوس على طاولة المفاوضات. وفي حال كانت الحكومة قد بدأت تتخبط بفعل العقوبات، خصوصاً إذا تم اعتبار تلك العقوبات تندرج في إطار محاولة أميركية لتغيير النظام، فإنه في الغالب كان سيتم سحب ذلك الدعم".
4/ الاتفاق النووي "مكّن أيضاً النظام من الحصول على دفعة مالية مباشرة وأكثر من 100 مليار دولار قد تستخدمها حكومته في تمويل الإرهاب. كذلك توصل النظام إلى تسوية مالية ضخمة نقداً تصل قيمتها إلى مليار و700 مليون دولار من الولايات المتحدة، جرى وضع جزء كبير منها على متن طائرة وتوجيهها نحو إيران".
رد الصحيفة على كلام ترامب: "يشير ترامب في أحيان كثيرة إلى أن الولايات المتحدة أعطت لإيران 100 مليار دولار، في حين أن ذلك يتعلق بأصول إيرانية كان قد تم تجميدها. كانت وزارة الخزينة قد قدرت أنه في الوقت الذي ستطبق فيه إيران التزامات أخرى، سيظل نحو 55 مليار دولار متبقية. (كثير من تلك الأصول كانت مرتبطة بمشاريع بالصين لا يمكن تحويلها لسيولة مالية). من جانبه، قال البنك المركزي الإيراني إن ذلك الرقم في الحقيقة هو 32 مليار دولار، وليس 55 ملياراً. كما أن إيران اشتكت من عدم قدرتها على جلب الأموال إلى إيران لأن المصارف الأجنبية لا تستطيع لمسها مخافة العقوبات الأميركية وتضرر صورتها بالولايات المتحدة.
أما في ما يخص مبلغ مليار و700 مليون دولار النقدي، فإنه مرتبط بتسوية تعود لعدة عقود بين البلدين. تم تسليم مبلغ أولي يصل لـ400 مليون دولار في 17 يناير/ كانون الثاني 2016، في اليوم نفسه الذي وافقت فيه الحكومة الإيرانية على إطلاق سراح أربعة معتقلين أميركيين، بينهم مراسل "واشنطن بوست" جايسون رضيان. تزامن كلا الأمرين، والذي يشدد المسؤولون الأميركيون على أنه مجرد مصادفة، أشار إلى أن المبالغ النقدية يمكن اعتبارها فدية.
لكن المبلغ النقدي الأولي الذي تم تقديمه هو أموال إيرانية خاصة. ففي السبعينيات من القرن الماضي، قامت الحكومة الموالية للغرب في ظل حكم الشاه بتقديم مبلغ 400 مليون دولار للحصول على تجهيزات عسكرية أميركية. لكنه لم يتم أبداً تسليم تلك التجهيزات بعدما قطع البلدان العلاقات الثنائية إثر احتجاز رهائن أميركيين بالسفارة الأميركية في إيران.
جرى تقديم مبلغين آخرين يصلان إلى مليون و300 ألف دولار، بموجب اتفاق حول الفوائد الناجمة عن المبلغ الأصلي 400 مليون دولار، بعد مرور بضعة أسابيع على ذلك".
5/ "الاتفاق يمكّن إيران من الاستمرار في تطوير بعض الجوانب من برنامجها النووي، والأهم من ذلك، أنه بعد بضع سنوات، وبعدما تختفي المحظورات الأساسية، تستطيع إيران أن تسارع الخطى بإشهار أسلحة نووية".
تعقيب الصحيفة: "الاتفاق النووي دخل حيز التطبيق منذ عامين. بعض البنود المرتبطة بالجوانب النووية للاتفاق لا تدوم إلى الأبد، لكن من الناحية الافتراضية تدوم بين 10 و25 عاماً. من المستبعد أن تكون إيران قد وافقت على حظر دائم على أنشطتها النووية، بما أن لها الحق في امتلاك برنامج غير نووي بموجب اتفاقية حظر انتشار الأسلحة النووية. منتقدو الاتفاق يقولون إن تصرفات إيران في الماضي تشير إلى أنها ستقوم بالغش في أي حال، وبالتالي فقد صادرت حقوقها.
ترامب لا يشير إلى أنه بموجب الاتفاق، فإن إيران يحظر عليها بشكل دائم امتلاك أسلحة نووية، وبأن البلاد تواجه بعض العقبات وأنشطة مراقبة إضافية غير محصورة.
إنه من غير الواضح لماذا يتحدث ترامب عن "بضع سنوات" قبل خروج إيران وإعلانها امتلاك السلاح النووي. البنود غير المرتبطة بالأنشطة النووية والمتعلقة حصراً بنقل الأسلحة من وإلى إيران ستنتهي صلاحيتها في غضون ثلاث سنوات، أو قبل ذلك. وفي ست سنوات، تنتهي عقوبات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة حول أي نشاط مرتبط بالصواريخ الباليستية المصممة لحمل أسلحة نووية....".
6/ "اقترف النظام الإيراني عدة تجاوزات خلال تطبيق الاتفاق. على سبيل المثال، وفي حالتين متفرقتين، قاموا بتجاوز حد 130 طناً من الماء الثقيل. ومؤخراً، لم يتمكن النظام الإيراني من الاستجابة لتطلعاتنا بخصوص تشغيله أجهزة الطرد المركزي المتطورة".
رد "واشنطن بوست": "ترامب محق بالقول إن إيران تجاوزت في مناسبتين الحدود القصوى المفروضة بخصوص الماء الثقيل. لكن داعمي الاتفاق يقولون إن ذلك يعني أن الاتفاق غير قائم. حاولت إيران استغلال اللغة المبهمة في الاتفاق لكن المراقبين الدوليين انتبهوا لذلك في حينه؛ فيما اعترض باقي الشركاء وجعلوا إيران تعود إلى الالتزام ببنود الاتفاق.
وبخصوص أجهزة الطرد المركزي، فإن الاتفاق يحدد عدد ونوعية أجهزة الطرد المركزي التي يسمح لإيران باستخدامها. كذلك حاولت إيران استغلال الحدود غير الواضحة ("نحو 10" أجهزة طرد مركزي متطورة) من خلال تشغيل عدد أكبر من ذلك بقليل. يبدو في الوقت الراهن أنه تم حل هذا الخلاف".
7/ "هناك أيضاً كثير من الأشخاص الذين يعتقدون أن إيران تتعامل مع كوريا الشمالية. سأصدر الأوامر لوكالات استخباراتنا للقيام بتقييم ذلك بشكل معمق وإرسال ما تم التوصل إليه بمعزل عما قاموا به في السابق".
رد الصحيفة: "هذ التصريح يلفه كثير من الغموض. طريقة صياغته تلمح إلى أنه لا توجد أدلة كافية للادعاء بأن إيران تجمعها تعاملات بكوريا الشمالية، لكن وكالات الاستخبارات ستواصل البحث. بيد أنها تطرح التساؤل حول الدافع الذي جعل الرئيس يزعم بذلك في بداية الأمر".
8/ "الاتفاق يخضع للتقييم بشكل متواصل، ومشاركتنا فيه يمكن أن ألغيها أنا، بصفتي الرئيس، في أي وقت".
رد "واشنطن بوست": "باقي الأطراف الموقعة على الاتفاق تجادل بكون ترامب لديه فعلاً الصلاحية لإنهاء الاتفاق. ففي بيان مشترك غير معتاد، قال الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، والمستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، ورئيسة وزراء بريطانيا، تيريزا ماي: "الاتفاق النووي تبناه بالإجماع مجلس الأمن تحت قرار رقم 2231. وكالة الطاقة الذرية الدولية أكدت عدة مرات التزام إيران بالاتفاق من خلال التحقق طويل الأمد وبرنامج المراقبة".
وعلى نحو مماثل، قالت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي، فيديريكا موغيريني إن لا سلطة لأي دولة لإلغاء الاتفاق. "هذا الاتفاق ليس اتفاقاً ثنائياً"، كما جاء في تصريحها، قبل أن تضيف: "المجتمع الدولي والاتحاد الأوروبي مع تطبيقه، وقد أوضحا أن الاتفاق كان وسيظل حيز التطبيق".
(إعداد ــ محمد حمامة)